• Sunday, 24 November 2024
logo

حكومة السوداني والإستقرار المنتظر

حكومة السوداني والإستقرار المنتظر

محمد حسن الساعدي

 

على الرغم من حالة "الإنفعال" السياسي الذي يعيشه العراق منذ عام ونصف تقريباً، ووصلت فيه القوى السياسية حد التصارع، إلا أن الملفت في هذا "الحال" أنهم أستطاعوا الخروج من مضيق الانسداد السياسي، إلى مرحلة الانتعاش "ولو ظاهريا" بتشكيل حكومة السوداني وبعد أقل من أسبوعين من تكليفه، ما يعني إبتعاد المشهد العام عن خطر الانحدار نحو الفوضى شيئاً فشيئاً، الأمر الذي يجعل من إمكانية الذهاب إلى الاستقرار السياسي ممكنا في ظل القدرة والإرادة لدى شخص السوداني، أو القوى السياسية عموماً، خصوصاً بعد الإجماع الدولي "غير المعلن عنه" على ضرورة الذهاب إلى استقرار في العراق.

ربما ما زالت التوافقية هي الغالبة على المشهد، وأن القوى السياسية لجأت إليه هروباً من حالة الخلاف، الناتجة من التعددية العرقية والإثنية والقومية، وهو أمر مفروض لا خيار فيه لها، وهناك محاولات جادة من بعظها للخروج من هذا الحرج، إلا أنها ما زالت مؤثرة على المشهد عموماً، فكنا نرى أن الجميع مشارك في الحكومة وكلهم يعارضها!، وهو أمر غير صحي ومربك، خصوصا لمن يريد أن يتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة، ويسعى إلى النجاح وإثبات قدرته أمام الجمهور العراقي والقوى السياسية، وهذا أمر ضاغط على الإطار التنسيقي الذي يسعى لذلك، وخصوصا أمام خصمه وغريمه "التيار الصدري" الذي يراقب بحذر وسينقض على خصمه بأي لحظة يرى فيها أخفاقا هنا أو هناك.

البرنامج الحكومي الذي قدمه السيد السوداني عند تشكيل حكومته مهم، ولكنه لا يتناسب والوقت المحدد لهذه الحكومة، إلا إذا أكملت مدتها الدستورية ومن ثم سعت إلى إجراء انتخابات، لان المشاكل التي يمر بها العراق لا تتناسب وحجم وقوة هذه الحكومة، فهناك تركة ثقيلة وملفات فساد كبيرة وخطيرة، ناهيك عن الفترة التي ستحتاجاها لحلحلة الأوضاع، وتوفير الخدمات الضرورية للشعب العراقي.

أولويات السيد السوداني هي ملفان مهمان، أولهما السعي لإكمال الموازنة، وإقرارها في مجلس النواب بأسرع وقت ممكن، وثانيهما ملف المحافظين والذي يحتاج وقفة حكومية، لإيجاد رؤية متوازنة لهم، ومتابعة حالة المحافظات وفقدان الخدمات فيها، بالإضافة إلى ملفات الفساد التي تلاحق بعضهم، وتتطلب إبعاده عن منصبه.

كما أن حكومة السوداني أخذت على عاتقها تنفيذ مشاريع 100 يوم من عمر الحكومة وهي ذات مدة قصيرة، والخطوة الثانية هي السعي نحو الخطط والمشاريع ذات المدى المتوسط والبعيد، ومنها ملفات الكهرباء والصحة والخدمات، وهي أمور ليست سياسية بقدر ما تحتاج إلى إرادة قوية في تنفيذها، وإبعاد الأيادي الفاسدة التي تعرقل تنفيذ أي مشروع يمس الحياة اليومية للفرد العراقي.

بالرغم من ضيق التفاؤل بهذه الحكومة، إلا إننا المراقبين نرى بأن أي تقدم في خطوات الاستقرار السياسي عموماً يعني تقدما ضروريا للبلاد، ويطفئ شعلة النار المتقدة التي تحاول إحراق البلاد والعباد، وبالتالي ينهي الأجندات الخبيثة التي تحاول إغراق العراق بمسلسل فتنة جديد.

من جانب أخر فأن نجاح أي حكومة، مهما كانت مسمياتها أو تركيبتها أو لونها الحزبي، يعني أن العراق يعيش دخل "سكة" الاستقرار الديمقراطي الحر والتبادل السلمي للسلطة، وهذا مؤشر ورسالة واضحة بأن العراق رغم المشاكل السياسية المعقدة، إلا انه ما زال قادر على معالجة جراحه والنهوض من جديد.

 

 

روداو

Top