مراقبون: طريق حكومة السوداني ليس معبداً .. تطبيق منهاجها الوزاري «صعب»
يشير مراقبون، إلى أن ورقة المنهاج الوزاري التي اتفقت عليها الكتل السياسية والتي نصت على تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام، والتي يجب على حكومة السوداني العمل عليها، بعيدة عن التطبيق بالنظر للكثير من العوامل، وبدا حضور الحشد الشعبي في حكومة محمد شياع السوداني أقوى من الحكومات الثلاث الأخيرة (حيدر العبادي، عادل عبد المهدي، مصطفى الكاظمي)، حيث تولى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية زعيم فصيل «جند الإمام» أحمد الأسدي، وهي إحدى الجماعات المسلحة الحليفة لإيران، وتمتلك جناحاً مسلحاً يقاتل إلى جانب النظام السوري، كذلك جرى اختيار نعيم العبودي، القيادي بمليشيا ‹عصائب أهل الحق›، بزعامة قيس الخزعلي، وزيراً للتعليم العالي، وهو حاصل على شهادة الماجستير والدكتوراه من الجامعة الإسلامية في لبنان.
وفي أول تعليق لوكالة إعلام دولية، ذكرت صحيفة ‹وول ستريت› الأمريكية، أن اختيار السوداني لرئاسة وزارء العراق جعلت من طهران أقرب إلى بغداد من أي وقت آخر، وسط اضطرابات عامة عميقة بسبب الفساد المستشري ونقص الوظائف.
الإرادة السياسية
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي علي البيدر «على حكومة السوداني تقديم خدمات للشارع العراقي، والإرادة السياسية هي القادرة على دعم الحكومة للتخلص من الفساد».
ويرى البيدر، أن «على الحكومة الحالية أن تحدد طريقة تعاملها مع الأطراف الإقليمية والدولية، إذ أنه دوما لدينا تخوف من تدخلات إيران وأمريكا، لذلك على حكومة السوداني الانتقال من مرحلة الفعل وردات الفعل إلى المبادرة عبر توفير البيئة المناسبة لصالح العراق ووضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات».
ووصف البيدر المنهاج الوزاري لحكومة السوداني بـ «الجيد جداً»، لأنه «أشار إلى قطاعات مهملة وشرائح مجتمعية لم تعر لها بقية الحكومات أهمية، لكنه يحتاج إلى دورتين انتخابيتين لتنفيذه، في حين أنه يتضمن إجراء انتخابات مبكرة خلال عام».
وتضمن البرنامج الوزاري لرئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني، نقاطاً كثيرة، ركزت على إجراء انتخابات مبكرة خلال عام، ومحاربة الفساد والسلاح المنفلت وغير ذلك من النقاط.
وتضمن البرنامج الحكومي «بناء أدوات فعّالة لمحاربة الفساد خلال مدة أقصاها 90 يوما من تاريخ تشكيل الحكومة، ومعالجة الفقر والبطالة، والإسراع في إعمار المناطق المحررة (من تنظيم داعش)، والانتهاء من ملف النازحين، وتحسين الخدمات الصحية للمواطنين».
كما تضمن البرنامج أيضا الإشارة إلى «إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت»، وكذلك معالجة ملف «ملء الفراغ الأمني»، في المناطق ‹المتنازع عليها› بين إقليم كوردستان والعراق.
وجاء في البرنامج الحكومي أيضاً، بنود تتعلق بمعالجات لقطاعات الزراعة والصناعة وإعادة الثقة بالمنتوج العراقي، وتطوير الصناعة النفطية، وتحسين جودة خدمات الاتصالات وحمايتها وتطوير قطاع النقل، وتحسين الاستثمار وتوسيع آفاقه وتفعيل قطاع السياحة لتنويع اقتصاد البلاد، وتوحيد السياسة الجمركية في جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، وغلق المنافذ غير الرسمية.
طريق الحكومة الجديدة «غير معبد»
من جانبه قال الكاتب والباحث السياسي عمر الناصر، إن «طريق الحكومة الجديدة ليس معبداً، فما بعد تشكيلها بالتأكيد ستصادف تحديات داخلية ستعصف بها من طبيعة التركيبة السياسية والمجتمعية التي تشكلت منها».
وأضاف الناصر، أن «التراكمات التي تصادفها أغلبها تمس حياة المواطن مثل ملف المياه والوئام المجتمعي، فالكل يريد نجاحها لكن يشك بذلك».
ويعتقد الناصر، أن «الأهم حالياً سن الموازنة ومن ثم البقاء على أولوية الانتخابات المبكرة لكون أهم الأحزاب السياسية خارج العملية السياسة الآن»، في إشارة إلى التيار الصدري.
ووصف عمر الناصر الفساد في العراق بأنه «أخطبوط كبير بأذرع متعددة، يبدأ من مستوى المواطن البسيط انتهاءاً بأعلى المسؤولين»، مقترحاً أن تكون هناك «برامج كثيرة ومتعددة ويجب إعادة كثير من الحلقات التي تم إلغاؤها وكانت لها ضرورة الإشراف من ديوان الرقابة والمفتشين العامين وحتى مجالس المحافظات».
إلى ذلك تساءل الناشط السياسي شاهو قرداغي عبر تويتر، عن مدى إمكانية السوداني تحقيق منهاجه الوزاري المتضمن مكافحة الفساد الإداري والمالي، معالجة ظاهرة البطالة وخلق فرص العمل، دعم الفئات الفقيرة والهشة ومحدودي الدخل، إصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية وتحسين وتطوير الخدمات التي تمس حياة المواطنين.
كما قال السياسي ميثم كريم على تويتر، إن «أمام السوداني ٣ملفات ضخمة يجب التعامل معها بمساعدة عصا موسى، وهي إعادة تشغيل المنشآت الصناعية المتوقفة منذ ٢٠٠٣ ودعم القطاع الخاص، الجد بمحاربة الفساد وتطبيق قانون (من أين لك هذا) على أن يشمل زعماء أحزاب وكتل، واسترداد الأموال المنهوبة وعزل العراق عن صراع المحاور بمسك العصا من المنتصف».
إلى ذلك حكمت صحيفة ‹وول ستريت الأمريكية› على حكومة السوداني من يومها الأول، بأنها «قريبة وستقرّب العراق أكثر من إيران، بينما يعاني العراق من حالة غضب شعبي بسبب الفساد المستشري وقلة فرص العمل».
وذكرت الصحيفة، أن «السوداني يتمتع بخبرة دولية قليلة، ويسارع المسؤولون الأمريكيون إلى فهم ما إذا كان اختياره سيغير السياسة الخارجية والأمنية للعراق. يبدو أنه من المرجح أن يحافظ على شراكة عسكرية مع واشنطن والتي تقلصت إلى تدريب محدود للقوات العراقية ووجود أقل من 2500 جندي أمريكي احتفظت به إدارة بايدن في العراق».
كما ترى ‹وول ستريت›، أن السوداني ليس لديه مجال كبير للتعامل مع الفساد في الوزارات التي يسيطر عليها الآن حلفاؤه السياسيون أو لكبح جماح الميليشيات الشيعية القوية التي تشكل أساس النفوذ الإيراني في العراق.
باسنيوز