• Tuesday, 24 December 2024
logo

مبابي بحاجة للتوقف عن الغرور... وسان جيرمان سبب الفوضى

مبابي بحاجة للتوقف عن الغرور... وسان جيرمان سبب الفوضى

قال تييري هنري: «لم أكن أحب اللعب في مركز الجناح في برشلونة، لكن إذا طلب منك المدير الفني القيام بشيء ما، فإنك تفعله من أجل الفريق. هناك شيء أكبر من أي شيء آخر، وهو النادي». كان هذا هو رد فعل أسطورة فرنسا وناديي آرسنال وبرشلونة السابق على التقارير التي تفيد بأن كيليان مبابي يشعر «بالخيانة» من قبل باريس سان جيرمان بسبب وعوده التي لم تتحقق، كما أشارت هذه التقارير إلى أنه يرغب في الرحيل عن النادي في يناير (كانون الثاني)، بعد 16 مباراة فقط من توقيعه على عقد جديد. ورغم أن باريس سان جيرمان وصف تلك التقارير بأنها مجرد شائعة، فإنه كان بإمكانه تجنب هذا الموقف من البداية.

لقد كان عقد مبابي الجديد غير مسبوق، نظراً لأنه لم يجعل اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً أعلى اللاعبين أجراً في عالم كرة القدم فحسب، ولكنه منحه أيضاً مكانة غير مسبوقة داخل التسلسل الهرمي للنادي فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرار والتعاقدات الجديدة. لكن بعد خمسة أشهر فقط من الإعلان عن توقيع اللاعب لعقد جديد خلال حدث مبهج في ملعب «حديقة الأمراء»، يشعر مبابي بأن النادي لم يف بالوعود التي قطعها على نفسه فيما يتعلق بمكانته في الفريق، والتعاقدات الصيفية، وتأثيره على النادي. لقد قيل للاعب الفرنسي إنه سيكون قائد الفريق، لكنه يعتقد أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

لم يعد مبابي ذلك اللاعب المراهق المبتسم الذي انفجر بشكل هائل في المشهد الكروي بقميص نادي موناكو. ورغم أن مبابي يتصرف بشكل جيد مع الإعلام، ويتمتع بشخصية متزنة ومنسقة جيداً على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يبدو على نحو زائد مغروراً ومتعجرفاً. في الحقيقة، من الصعب على أي لاعب شاب أن يتحلى بالتواضع عندما يطلب منه رئيس الدولة عدم الانتقال لناد بالخارج من أجل مصلحة الأمة، لكن لا يمكن أن ننسى أن مبابي توقف عن الركض وعبر عن إحباطه الشديد لأن أحد زملائه لم يمرر له الكرة خلال هجمة مرتدة لباريس سان جيرمان أمام مونبلييه في وقت سابق من الموسم الجاري، ورشح نفسه ليأتي في المركز الثاني في جائزة أفضل لاعب في العالم (ربما يكون يستحق ذلك بالفعل) خلف كريم بنزيمة. وعلاوة على ذلك، يشعر زميله البرازيلي نيمار بالغضب من هذه الأنانية.

وعلى أرض الملعب، ورغم التعادل في آخر ثلاث مباريات، بدأ باريس سان جيرمان الموسم بشكل جيد، ولم يتعرض لأي خسارة في الدوري الفرنسي الممتاز أو في دوري أبطال أوروبا. ومع ذلك، فإن نيمار وليونيل ميسي، الذي يقدم أفضل مستوياته على الإطلاق مع باريس سان جيرمان في المباريات الأخيرة، يقدمان أداء أفضل من مبابي. من الواضح للجميع أن سان جيرمان لا يفتقر إلى القوة الهجومية، مما يجعل شكاوى مبابي من عدم اعتماد الفريق على مهاجم صريح تبدو ضعيفة وغير منطقية نوعاً ما. وبالنظر إلى المستويات الرائعة التي يقدمها ميسي ونيمار في طريقة 3 - 4 - 3 الجديدة التي يلعب بها المدير الفني كريستوف غالتييه، فمن الواضح أن الاعتماد على مهاجم صريح من نوعية أوليفييه جيرو سيصب في مصلحة لاعب واحد، وسيضر بباقي لاعبي الفريق.

وقد أشار غالتييه إلى ذلك بالفعل هذا الأسبوع، قائلاً إنه كان «يحاول طمأنته من خلال إيجاد خيارات مختلفة» بعد أن عبر مبابي على إنستغرام عن إحباطه من عدم وجود مهاجم «محوري» بعد تعادل باريس سان جيرمان من دون أهداف أمام ريمس، وهي المباراة التي لعبها الفريق من دون ميسي المصاب، ونيمار الذي فضّل المدير الفني إراحته. واشتكى مبابي بشكل مماثل بعد فوز فرنسا على النمسا بهدفين دون رد الشهر الماضي، قائلاً: «تُطلب مني أشياء مختلفة هنا عن تلك التي أقوم بها مع النادي. لدي الكثير من الحرية هنا. يعرف المدير الفني أن لديه مهاجماً صريحاً مثل أوليفييه جيرو الذي يتحرك في المناطق الدفاعية للمنافسين بالشكل الذي يمكنني من التحرك في المساحات الخالية. لكن الأمر مختلف في باريس سان جيرمان، حيث يُطلب مني أن ألعب مهاجماً محورياً». وسعى باريس سان جيرمان للتعاقد مع مهاجم صريح هذا الموسم، لكنه لم ينجح في ذلك.

ورغم التقارير التي تشير إلى أن مبابي يرى الآن أنه أخطأ عندما وقّع عقداً جديداً مع باريس سان جيرمان، فإن رحيله في يناير يبدو غير مرجح. لقد تمسك باريس سان جيرمان بشدة باللاعب الفرنسي الشاب، ورفض سلسلة من العروض المغرية من ريال مدريد، وازدادت أهمية اللاعب، على الصعيدين الرياضي والسياسي، منذ ذلك الحين. وبالنظر إلى المستويات العالية التي يقدمها اللاعب بشكل مستمر، فإن باريس سان جيرمان لن يضر بفرصه في الفوز بدوري أبطال أوروبا في منتصف الموسم. وفي الوقت نفسه، فإن السعر الذي طلبه باريس سان جيرمان للتخلي عن خدمات اللاعب خلال الصيف الماضي، والذي تشير تقارير إلى أنه وصل إلى 400 مليون يورو، سيجعل جميع الأندية تؤجل خطتها للتعاقد مع اللاعب. وبالتالي، يبدو رحيل اللاعب في الصيف المقبل أكثر احتمالاً.

ومع ذلك، لا يزال الوضع غامضاً. لقد نفى عدد من زملاء مبابي رؤية أي شعور بالحزن على اللاعب الفرنسي الشاب، وقال المدير الرياضي للنادي لويس كامبوس، الذي قيل إنه يشعر أيضاً «بالخيانة» من قبل النادي، ويريد الرحيل وسط اهتمام من نادي تشيلسي، في تصريحات صحافية: «أنا مندهش جداً لأنني أقضي كل أيامي مع كيليان، ولم يطلب مني أو من رئيس النادي الرحيل في يناير». في غضون ذلك، لا يزال ريال مدريد مهتماً بضم اللاعب، لكنه يشعر بأن ما يقوم به مبابي هو مجرد محاولات للضغط على باريس سان جيرمان لتلبية مطالبه.

لكن تلك المطالب المتعلقة بالصفقات الجديدة وطريقة اللعب ربما جعلت موقف اللاعب بالفعل غير مقبول. ورغم سعادة لاعبي باريس سان جيرمان في البداية ببقاء مبابي، فإن الفريق أصبح يشعر بالغضب بسبب سلوكه المتعجرف وسلطاته الجديدة، ويشعر زملاؤه في الفريق بأنه في طريقه للتخلي عنهم، ويصابون بالذهول من سلوكه الذي يتأرجح بين المرح والكآبة يوماً بعد يوم.

في الماضي، كان مبابي يقع بين دائرتين اجتماعيتين رئيسيتين في باريس سان جيرمان: مجموعة أميركا الجنوبية (التي انتقلت من الناطقين باللغة الإسبانية بشكل أساسي، بما في ذلك مبابي، إلى البرتغالية في الآونة الأخيرة) ومجموعة الفرنكوفونية. ومع ذلك، ذكرت صحيفة «ليكيب» أن المهاجم الفرنسي فقد دعم صديقه المقرب والظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي، وزملائه المتحدثين بالفرنسية هوغو إيكيتيكي ونوردي موكيلي وبريسنيل كيمبيمبي.

كما ستضعف مكانته داخل مجموعة لاعبي أميركا الجنوبية بسبب عداوته مع نيمار. وبحسب ما ورد، فإن مبابي قد دعم فكرة انفتاح النادي على بيع نيمار قبل بداية الموسم، كما يشعر اللاعب البرازيلي بالغضب بسبب غطرسة وغرور اللاعب الفرنسي. ووصف مبابي علاقته مع نيمار بأنها «ساخنة وباردة» الشهر الماضي بعد مشاجرات في التدريبات، واتهامات بعدم التمرير لبعضهما البعض، وخلاف حول من يسدد ركلات الجزاء. وحاول كل من سيرخيو راموس وميسي التوسط.

وسواء كان هذا التحول الأخير بمثابة خداع، أو موقف حقيقي، أو إحباط بسيط، أو رغبة حقيقية في الرحيل، فإن السبب الرئيسي وراء كل هذا هو باريس سان جيرمان نتيجة سوء الإدارة على المدى الطويل. لقد كان إقناع مبابي بالبقاء انتصاراً كبيراً للنادي، لكن التكلفة قد تكون منهكة. من الصعب تجاهل الشعور بأن مبابي يرى نفسه الآن أكثر أهمية من بقية لاعبي الفريق، بل وأكثر أهمية من باريس سان جيرمان نفسه، وقد تم إخباره بذلك بالفعل من قبل الجميع في النادي، ومن وسائل الإعلام الفرنسية، ومن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ورغم أن رئيس باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، ومجموعة قطر للاستثمارات الرياضية، يشعران بالثقة من قرار مبابي بالبقاء في مايو (أيار)، فإن رفض النادي بيع لاعب يريد الرحيل بمقابل مادي كبير للغاية قبل عام واحد فقط من نهاية عقده كان قراراً متهوراً. وإذا استمر الوضع الحالي في التصعيد، فإن فرص باريس سان جيرمان في الفوز بدوري أبطال أوروبا، التي ربما تكون الأقوى على الإطلاق تحت قيادة مجموعة قطر للاستثمارات الرياضية، يمكن أن تتضرر بشدة بسبب النزاعات الداخلية الناجمة عن الوعود التي تم تقديمها للحفاظ على مبابي، وحالة عدم الاستقرار المحيطة بمستقبله.

قد يكون بيع اللاعب هو القرار الحكيم، كما كان يبدو في ذلك الوقت. وفي ظل رغبة مبابي في الرحيل (مرة أخرى) قبل نهاية عقده بعام واحد فقط (مرة أخرى)، قد يكون لدى باريس سان جيرمان فرصة ثانية لاتخاذ القرار الصحيح. وهذه المرة يجب أن يكون الأمر بسيطاً، لأن مبابي لديه على ما يبدو شيء أكبر من النادي الفرنسي!

 

 

الشرق الاوسط

Top