خاتمي يطالب بتخفيف القيود عن الإصلاحيين بدلاً من التضييق عليهم
انتقد الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، التضييق على الإصلاحيين بدلاً من تخفيف القيود عنهم، في أول تعليق على اعتقال حليفه مصطفى تاج زاده، بتهمة «العمل ضد الأمن القومي ونشر الأكاذيب لتعكير صفو الرأي العام»، ضمن حملة اعتقالات جديدة طالت مخرجين سينمائيين من أبرز منتقدي المؤسسة الحاكمة.
وذكرت مواقع إصلاحية، أمس، أن خاتمي أعرب عن أسفه لاعتقال تاج زاده، في اتصال مع زوجته فخر السادات محتشمي بور.
ونقل عن خاتمي قوله: «يا ليت بدلاً من هذه الاعتقالات وفرض القيود، تم إطلاق سراح المعتقلين السابقين، على رأسهم العزيزين في الإقامة الجبرية»، وذلك في إشارة ضمنية إلى الزعيمين الإصلاحيين مهدي كروبي ومير حسين موسوي وزوجته زاهر رهنورد، الذين تفرض عليهم السلطات الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) 2011 على خلفية احتجاجات «الحركة الخضراء» التي اندلعت في أنحاء البلاد، بعد اتهام السلطات بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009.
وواجه خاتمي قيوداً بدرجة أخف من حلفائه، اقتصرت على منع نشر اسمه وصورته في وسائل الإعلام الداخلية بمختلف توجهات، لكن القيود بدأت تخف في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، يتعرض خاتمي لانتقادات من الناشطين السياسيين، بعضهم من الإصلاحيين، بسبب عدم اتخاذ مواقف واضحة من قمع الاحتجاجات التي عصفت بالبلاد بعد احتجاجات 2017.
وقال خاتمي، إن تخفيف القيود عن حلفائه «ستكون خطوة حازمة في إطار الإصلاح الذاتي، ستعزز النظام ويعود الأمل والثقة إلى المجتمع». وأضاف: «من دون شك أن انتخاب هكذا توجه، سيقلص الكثير من المشكلات التي يواجهها الشعب، وسيقوي أسس الأمن القومي ويضعف جشع الأعداء».
وشغل تاج زاده منصب نائب وزير الداخلية الإصلاحي السابق للشؤون السياسية، وكان من بين أبرز المعتقلين في احتجاجات «الحركة الخضراء»، وسُجن بين عامي 2009 و2016، كما هو واحد من المرشحين الإصلاحيين الذين لم يحصلوا على موافقة السلطات لخوض الانتخابات الرئاسية العام الماضي، قبل أن يعلن مقاطعته للانتخابات. وتحول إلى منتقد بارز للسلطات خلال الأعوام الأخيرة.
وذكرت وكالة «مهر» الحكومية، الجمعة، أن تاج زاده اعتقل بتهمة «العمل ضد الأمن القومي ونشر الأكاذيب لتعكير صفو الرأي العام».
في وقت لاحق أمس، أصدرت «جبهة الإصلاحات»، خيمة الأحزاب الإصلاحية، بياناً تطالب فيه بإطلاق سراح تاج زاده.
ويذكر البيان أن «تأثير العقوبات الأميركية والسياسيات غير المناسبة للحكومة والبرلمان والضعف الإداري المتزايد في البلاد، تسبب في مشكلات حادة للإيرانيين وتسبب في استياء عام».
وكتب تاج زاده على «تويتر»، الأسبوع الماضي، أنه لا بد من تحمل المرشد الإيراني علي خامنئي، المسؤولية إذا فشلت جهود إحياء الاتفاق النووي. وأضاف: «في ظل الظروف الاقتصادية المؤسفة الحالية واستياء الرأي العام فإن عدم إحياء الاتفاق النووي له عواقب مدمرة، وتقع مسؤوليته في المقام الأول على عاتق المرشد».
ولم يتضح ما إذا كان اعتقال تاج زاده مرتبطاً بهذه التغريدة، التي تنتقد صاحب كلمة الفصل في جميع شؤون الدولة، ونادراً ما يتم انتقاده. وقد تصل عقوبة التعليقات المهينة له إلى الحكم بالسجن بموجب القانون الإيراني.
وقال المحلل السياسي الإصلاحي عباس عبدي، إن تاج زاده «يمارس السلوك والأدبيات السياسية ذاتها منذ سنوات»، ومن هذا المنطلق دعا إلى تحري أسباب أخرى لاعتقاله. وأشار إلى أسباب محتملة منها «المساعدة على تعزيز القطبية وأدبيات الإطاحة بالنظام» و«عدم توصل الاتفاق النووي إلى نتيجة والاستعداد لدخول مرحلة جديدة»، و«توجيه رسالة مضمونها أن التغييرات التي حصلت في جهاز استخبارات الحرس الثوري لا تفسر إيجابياً للسياسة الداخلية»، وكذلك «تمهيداً لإنهاء مشروع الحفاظ (على الإنترنت)». و«ردة فعل ضد الاستياء العام بسبب العجز عن الوفاء بالوعود».
من ناحية أخرى، وقع أكثر من 300 من صناع السينما وناشطين في مجال الثقافة، على بيان احتجاجي ضد اعتقال المخرج المنتقد محمد رسولوف وزميله مصطفى آل أحمد.
واعتقل رسولوف وآل أحمد، الجمعة، بتهمة الارتباط بجماعات مناهضة للحكومة وارتكاب مخالفات أمنية، حسبما أوردت وكالة أنباء «أرنا» الرسمية.
وكان الاثنان ضمن مجموعة من الممثلين والمخرجين الذين وقعوا على نداء دعوا فيه قوات الأمن إلى «إلقاء أسلحتكم والعودة إلى حضن الأمة» خلال احتجاجات في الشوارع أعقبت انهيار مبنى تجاري حديث النشأة في مدينة عبادان، أدى لسقوط قتلى في مايو (أيار)، وأنحى المسؤولون باللوم فيه على الفساد وتراخي السلامة.
ويحمل البيان توقيع المخرج والكاتب المسرحي الكبير بهرام بيضايي، والمخرج المستقل جعفر بناهي، إضافة إلى المخرج الحائز على جائزة أوسكار، أصغر فرهادي، الذي واجه انتقادات خلال العام الماضي، بسبب عدم اتخاذ مواقف مؤيدة للحراك في الشارع الإيراني.
ويصف البيان اعتقال المخرجين بأنه «هجوم معد سلفاً»، متهماً الأجهزة الأمنية بـ«قمع وممارسة الضغط على صانعي السينما المستقلين، وذوي التفكير الحر وعدم احترام الحقوق الفردية والاجتماعية الأساسية».
وعلى غرار تاج زاده، واجه رسولوف اتهامات في الماضي. ويواجه ما لا يقل عن حكمين بالسجن معلقين بتهم تتراوح من التصوير دون تصريح إلى «التواطؤ ضد الأمن القومي».
وفاز رسولوف بجائزة الدب الذهبي بمهرجان برلين السينمائي عام 2020 عن فيلم «ذير إز نو إيفل» (لا يوجد شر) حول عقوبة الإعدام، وتم تصويره في تحدٍ سري للرقابة الحكومية الإيرانية.
الشرق الاوسط