• Friday, 19 April 2024
logo

الزعامات العراقية متوتّرة والشارع منفلت

الزعامات العراقية متوتّرة والشارع منفلت

عدنان ابوشامات

 

تخطّط الأحزاب والقوى المتنفذة لخطاب شعبوي، يلامس الشارع المتذمّر، وقد رصدتُ انها تسعى الى جذب الشباب، واستحضار التعبئة العمومية بالأنصار المؤدلجين.

وهذه العملية ليست من أجل الفوز بالساحات، حسب، بل هي تعويض لغياب الزعماء عن الشارع، شيعة وسنة وعربا وكرداً، اذ أرصدُ اختفاءهم عن الجولات الميدانية.

ينطبق ذلك حتى على السيد مقتدى الصدر، الذي كان يحرص على الحضور الميداني الذي انكمش كثيرا.

بشكل عام، تتجه زعامات العراق المتعددة الى الابتعاد عن الأسلوب المترفع في الخطاب، والمعالجات التنظيرية، كالتي عُرف بها إبراهيم الجعفري، ساعية الى سلوك شعبوي يحقق من جديد سبل الرواج والمقبولية المتآكلة.

لنعترف أن النخبة "الحاكمة" أو "المتنفذة، بأتكيتها السياسي، ومفردات قواميسها، لم تعد تبهر الناس، حتى وهي تتحدث عن إعادة انتاج ملفات مكافحة الفساد، والإصلاح، وحتى في الاستثمار في المشاعر القومية والطائفية.

أصبحت العلاقة بين الطبقات المسحوقة والغاضبة، والنخب، تقوم على الكراهية. وفي ظل ديمقراطية منفلتة، فان التعبير عن ذلك يتم بالسب والشتم والاشاعات في الشارع والاعلام والتواصل الاجتماعي.

يا للأسف، تكاد البلاد تخلو من الزعامات الكاريزمية التي تستطيع تحشيد الشارع المزدحم بالشعبوي والشعبي، وانتهى الأمر إلى فقدان الثقة بين الأطراف، بل أن السياسي العراقي أصبح منزوع الثقة في نفسه بسبب الإخفاقات، وشعوره بالانسلاخ عن الشارع.

وفي حالة العراق تحديداً، لم يتلقّف السياسيون فقط كرة الخطاب الشعبوي، بل شاركهم فيها أيضا الكثير من المثقفين، والفنانين، والمفكرين، والمنظرين، بعدما ادركوا انّ الترفع في الخطاب القائم على شروط مهنية وموضوعية صرفة، لم يعد يكسب الجماهير، وهو أمر يتفّهمه خبراء المجتمعات والسياسة، فكان من نتائج ذلك، تسيّد الثقافة الشعبية والسوقية ومشتقاتها على ثقافة النخبة، والتنظير الاكاديمي، لترسم الشعبوية ملامحها وما يميزها، من اسفاف ومباشرة في الطرح، في برامج التلفزيونات، وفي المسارح، والغناء، وفي المنابر الدينية، أيضا.

سنكون أقل اندهاشا، إذا ما عرفنا ان الشعبوية في الكثير من البلدان، حتى دول الديمقراطيات العريقة، توصف بانها عملية احتيال على مشاعر الناس، وعقولهم، ففي الإكوادور، وفق موسوعة ويكيبيديا، أقترح الرئيس عبد الله بوكرم بين 1996 - 1997 تشكيل "حكومة من الفقراء" وهو محاط بأكبر أثرياء البلاد.

وفي بريطانيا، قاد الخطاب الشعبوي الذي لا يعتمد على الأرقام والبحث العلمي بل على الحماسة الخادعة، الى مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أوروبا، الذي آل الى ورطة كبيرة.

ولم يكن دونالد ترمب ليصل الى رئاسة الولايات المتحدة لولا خطابه الشعبوي المباشر الذي يلامس قاع المشاعر الاميركية.

وفي كل الدول، ولا يُستثنى منها العراق، فان النخب المسيطرة، نجحت في استلاب خطاب الجمهور، وصياغته بشكل أكثر تأثيرا، وجاذبية، وزوقته بالوعود، وضخته من جديد، لكبح النقمة الشعبية، وإقناع جمهور الأميين والفقراء وكل الذين يعيشون في حضيض المجتمع بانها تشاركه حاجاته ومعاناته، وانها تسعى الى اشراكه في عملية صنع القرار.

أقول: الزعامات العراقية متوترة، والشارع منفلت، لكن في العراق، فان الزعامات العراقية متوترة، والشارع منفلت.

 

 

روداو

Top