• Friday, 26 July 2024
logo

منظمة حقوقية: تركيا تهندس لتغيير ديمغرافي في كوردستان سوريا

منظمة حقوقية: تركيا تهندس لتغيير ديمغرافي في كوردستان سوريا

تسعى الحكومة التركية وفصائل سورية مسلحة معارضة ومجالس مدنية تتبع لها، إلى إحداث تغيير ديمغرافي في المناطق الكوردستانية التي سيطرت عليها خلال سنوات الحرب السورية الأخيرة، عبر بناء تجمعات سكنية بشرية «مستوطنات» بتمويل من جهات محلية (تركية) إغاثية أو «إسلامية» تحت غطاء إعادة اللاجئين أو إسكان النازحين، وفق تقرير جديد منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة».

وتضمن تقرير توثيقي حقوقي، صدر يوم الأربعاء حمل عنوان «التجمعات السكنية بعفرين: مخطط هندسة ديمغرافية أم مشاريع لإيواء نازحين»، توثيقات وشهادات لسكان ومصادر محلية وصور أقمار صناعية بين يناير /كانون الثاني 2012 حتى أبريل/ نيسان من العام الجاري، ليعرض عمل فصائل المعارضة السورية المسلحة التابعة لتركيا لبناء أكبر المستوطنات البشرية في مدينة عفرين بغربي كوردستان (كوردستان سوريا)، وذلك لإسكان مسلحي ميليشيات «الجيش الوطني» وعائلاتهم فيها، بعد الحصول على موافقة الحكومة التركية متمثلة بوالي هاتاي.

وبحسب التقرير، فإن رحمي دوغان، والي ولاية هاتاي التركية، هو أحد المسؤولين المباشرين عن بناء تلك التجمعات (المستوطنات) من خلال «عطاء الضوء الأخضر لعدد من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من جهة والمجلس المحلي لمدينة عفرين من جهة أخرى، للبدء ببناء تجمع سكني (مستوطنة) على مساحة شاسعة من سفح من المنطقة التي تُعرف محلّياً باسم جبل الأحلام والتي تشكّل جزءاً من جبل الأكراد بمدينة عفرين».

التجمع السكني جاء باسم «كويت الرحمة» وبني بدعم من جمعية «الرحمة العالمية» ومتبرعين من دولة الكويت، وذلك بحسب جمعية «شام الخير الإنسانية» التي نفّذت المشروع.

وكانت صحيفة ‹الوطن› الكويتية، قد كشفت بتقرير لها في 2 أيلول 2021، أنّ هذه القرية المنشأة (كويت الرحمة) هي واحدة من مجموعة من «القرى النموذجية» التي سوف يتمّ بناؤها على الحدود التركية السورية.

«سوريون من أجل الحقيقة» كشفت في تقرير لها أن «تسعة فصائل تتبع للجيش الوطني السوري التابع للائتلاف السوري المعارض، متورطة بشكل أساسي في هذا المشروع وعلى رأسها (الجبهة الشامية) بقيادة مهند الخلف المعروف باسم (أحمد نور)، وقد لعب رجال الدين/الشرعيون في تلك الفصائل دوراً كبيراً في ترغيب المقاتلين بتسجيل أسمائهم في عمليات تقسيم المنطقة ولاحقاً توزيع الأراضي على المقاتلين وعائلاتهم».

ووفق تحقيقات المنظمة،  فقد «تورطت عدد من المنظمات المحلية والدولية في عمليه الترويج للمشروع ودعمه، وأنه يهدف لاستفادة المدنيين منه بشكل أساسي، في حين كشفت الشهادات أنّ مقاتلي فصائل الجيش الوطني وعائلاتهم المنحدرة من مناطق ريف دمشق وحمص وحماه، هم المستفيدين الأساسيين من المشروع».

ومن أبرز هذه المنظمات «منظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH»، التي قدمت مواد بناء لكل مستفيد قدرت قيمتها بنحو ألف دولار.

ولفت بسام أحمد، المدير التنفيذي لمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، أن الخطوة التركية في بيناء هذه التجمعات السكنية «غير متوافقة» مع القوانين الدولية لأن  تلك القوانين «تفرض على تركيا كقوة احتلال- وهذا ليس مصطلح سياسي بل قانوني-، عدم إجراء تغييرات ديمغرافية وأن لا تمنع الثقافة الكوردية ولا تعمد إلى تشريد الأهالي قسريا»، مشيراً إلى أن ممارسات تركيا ومن معها من الفصائل «على عكس من ذلك على الأرض»، مشيراً إلى أن «المشكلة فيما يحصل، أنها تتم «تحت مسمى إنساني ومساعدة الناس»، في إشارة إلى تذرع تركيا بإعادة اللاجئين السوريين «الطوعية» أو بتوفير مأوى للنازحين في المخيمات.

وحول وجود سعي تركي لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة الكوردية، قال أحمد: «تجاوزنا موضوع السعي، مسألة التغيير الديمغرافي أصبح واقعاً وبدأ عملياً، ونحن الآن بمرحلة متقدمة»، موضحاً أن هناك «صراحة تركية علنية» عبر تصريحات القادة الأتراك بإعادة ملايين اللاجئين.

منوهاً إلى أن «هؤلاء سوريون بكل تأكيد لكن ليسوا من أهالي المنطقة .. إذاً النية واضحة وخاصة بوجود قرى دائمة بنيت لغير سكان المنطقة، تلك القرى التي تم بناءها ليست لنازحي عفرين بل للاجئين من مناطق أخرى، ومن حق أهالي عفرين العودة إلى منطقتهم كما من حق اللاجئين الآخرين العودة إلى مناطقهم الأصلية».

أحمد لفت إلى «التشابه لحد التطابق» بين ما قام به النظام السوري في السبعينات عندما بنى قرى «لعرب الغمر» في الأراضي الكوردية، وبين تركيا والفصائل المسلحة التابعة لها والتي «تعيد ما كان ينفذه النظام السوري، هو ذات المشروع لكن هناك دولة أخرى تنفذه وهي تركيا وفي فترة زمنية مختلفة».

هذا وأشارت المنظمة إلى عدد من الانتهاكات لقوانين الاحتلال في شمال سوريا، والتي تتحمل تركيا، كقوة احتلال، المسؤولية المطلقة عنها بموجب المادة 47 من اتفاقية جنيف الرابعة، مبينة أنّ «التخصيص الانتقائي لتراخيص البناء الذي يقدّم مصالح فصائل الجيش الوطني السوري على مصلحة المدنيين، على سبيل المثال، يشكل تصرفاً تمييزياً في توزيع المساعدات»، في هذا التصرف انتهاك للمادة 60 من اتفاقية جنيف الرابعة.

واستشهدت المنظمة بالقضية فلسطين، حيث «وجدت محكمة العدل الدولية عام 2004، بأن الجدار الحدودي الذي تشيده إسرائيل يخاطر (بإحداث المزيد من التغييرات في التكوين الديموغرافي للأرض الفلسطينية المحتلة). . .توازي إسهام الجدار في رحيل السكان الفلسطينيين من مناطق معينة (الفقرة 122). لذلك، على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية لم تذكر صراحةً أن الهدف من جدار الفصل هو التغيير الديموغرافي، نظراً للنمط الأوسع للأعمال الإسرائيلية، إلا أن بناء الجدار له أثر في توريط إسرائيل في هذه الجريمة ضد الإنسانية».

وتقول المنظمة إنه «من المحتمل أن المستوطنات يتم انشاؤها لتكون جزءاَ عملية ممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في عفرين، نتيجة توطين السوريين النازحين من أجزاء أخرى من البلاد في أعقاب تهجير السكان الكورد بشكل أساسي، ووسط قمعٍ واسع للثقافة الكوردية في عفرين».

وكان «المركز السوري للعدالة والمساءلة» قد نوه بشأن المستوطنات التي بنيت في عفرين، إلى أنه «يتعين على المانحين من القطاع الخاص ومنظمات الإغاثة، فضلاً عن حكومات دولهم، ضمان أن يتم توزيع المساعدات بشكل منصف وبطريقة لا تنتهك حقوق الملكية وعودة السكان المدنيين النازحين»، فيما أشارت إلى أنه «يبقى الأمر الأكثر أهميةً هو أن الحكومة التركية، بصفتها القوة المحتلة التي تمارس سيطرة فعالة في عفرين وأجزاء أخرى من شمال غرب سوريا، هي المسؤولة المباشرة عن الانتهاكات والقضايا التي تنطوي عليها المستوطنات حتى الآن».

 

 

باسنيوز

Top