• Saturday, 14 December 2024
logo

الكرملين لا يستبعد ضم أجزاء من أوكرانيا وفقاً لسيناريو القرم

الكرملين لا يستبعد ضم أجزاء من أوكرانيا وفقاً لسيناريو القرم

أشار الكرملين للمرة الأولى أمس، إلى أحد السيناريوهات المحتملة لتطور الوضع في مناطق جنوب أوكرانيا التي سيطرت عليها القوات الروسية. وبدا من تصريحات الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف أن موسكو تضع بين خياراتها ضم مناطق أوكرانية تحظى بأهمية استراتيجية، كونها تحُد شبه جزيرة القرم شمالا، وتشكل الرابط البري مع الإقليم، ما يقلص من قدرات أوكرانيا في المستقبل على شن هجمات أو محاولة استعادة المنطقة عسكريا.

وفي تعليق على إعلان السلطات التي عينتها موسكو بعد إحكام سيطرتها على مقاطعة خيرسون الأوكرانية عن نيتها التوجه إلى موسكو بطلب انضمام الإقليم إلى قوام روسيا، قال بيسكوف إن «القرار بشأن تقديم طلب الانضمام هو شأن سكان مقاطعة خيرسون، وهم الذين يتعين عليهم تقرير مصيرهم بأنفسهم». ولفت إلى ضرورة «دراسة وتقييم هذه المسألة بدقة من قبل جهات قانونية»، مشددا على أنه ينبغي أن «تستند مثل هذه القرارات المصيرية إلى قاعدة قانونية واضحة، وأن تكون شرعية تماما كما حدث في القرم».

وكان نائب رئيس الإدارة العسكرية المدنية التي عينتها روسيا في مقاطعة خيرسون، كيريل ستريمووسوف، أعلن أمس نية سلطات الإقليم الجديدة التقدم إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطلب ضم المنطقة إلى الاتحاد الروسي. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن ستريمووسوف أن السلطات الجديدة «لا تعتزم إجراء أي استفتاء شعبي» لإعلان تأسيس «جمهورية خيرسون الشعبية»، على غرار إعلان انفصال دونيتسك ولوغانسك.

وأوضح أن «خيرسون هي جزء من روسيا ولن تقام في أراضي مقاطعة خيرسون أي (جمهورية شعبية) ولن تنظم أي استفتاءات. سيكون هناك أمر موحد يأتي بناء على طلب إدارة مقاطعة خيرسون الموجه إلى الرئيس الروسي لضم المقاطعة إلى قوام روسيا». ولفت المسؤول إلى أن مقاطعة خيرسون سوف تنتقل إلى العمل بالقوانين الروسية بحلول نهاية العام الجاري.

وسيطرت القوات الروسية على مقاطعة خيرسون وأجزاء من مقاطعتي خاركيف وزابوروجيا جنوب وشرق أوكرانيا في الأسابيع الأولى بعد انطلاق العمليات العسكرية في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) الماضي.

وكانت موسكو عينت إدارة محلية جديدة موالية لها في الإقليم. وتردد سابقا أن هذه الإدارة تنوي تنظيم استفتاء لإعلان «الاستقلال» عن أوكرانيا، وإقامة «جمهورية» ترتبط بعلاقات وثيقة مع موسكو. لكن تقدم القوات الروسية في ماريوبول في محيط لوغانسك عزز من احتمالات التوجه نحو سلخ بعض المناطق، بينها خيرسون وأجزاء من زابوروجيا وضمها إلى روسيا بشكل مباشر. وشرعت بعض المناطق في جنوب أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة بالتداول بالعملة الروسية الروبل، واستقبال بث القنوات التلفزيونية الروسية. كما أعلن مسؤولون روس زاروا المنطقة أخيرا، وبينهم نائب رئيس مجلس الفيدرالية (الشيوخ)، أن منطقة الجنوب الأوكراني «ستبقى تحت السيطرة الروسية إلى الأبد».

في سياق آخر، رد الكرملين على تقارير أميركية أشارت إلى توتر الوضع الداخلي في روسيا واحتمال لجوء الرئيس بوتين إلى فرض الأحكام العرفية في البلاد. وقال بيسكوف، أمس، إن بوتين «لا ينوي القيام بأي خطوات مثل فرض الأحكام العرفية في عموم البلاد أو في أجزاء منها على خلفية العملية العسكرية في أوكرانيا». وزاد أن «هذا الأمر ليس ضمن الخطط المطروحة على الطاولة». وكانت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هاينز قالت أمام مجلس الشيوخ إن بوتين قد يفرض الأحكام العرفية، بهدف «تحويل القطاع الصناعي في روسيا إلى المسار العسكري» بغية تحقيق أهداف موسكو خلال عمليتها في أوكرانيا. ووصف بيسكوف الوضع داخل روسيا بأنه «مستقر»، نافيا في الوقت ذاته صحة «براهين اعتمد عليها المستشار السابق للرئيس الروسي سيرغي غلازييف»، الذي اتهم مؤخرا الغرب بـ«التخطيط لتدبير انقلاب سلطوي في البلاد».

على صعيد آخر، أشارت الرئاسة الروسية إلى أن المفاوضات بين موسكو وكييف «متواصلة ولكن ببطء ومن دون إحراز أي تقدم يذكر، وكذلك من دون أي وساطة من جانب أطراف أخرى». وردا على سؤال عما إذا كانت موسكو بحاجة إلى وسطاء في المفاوضات بين مع كييف، قال الناطق الروسي: «كما هو معروف، انطلقت العملية التفاوضية من دون وسطاء، وهي تتواصل على نحو بطيء وغير فعال ومن دون وسطاء».


في الوقت نفسه، أشاد بيسكوف بالجهود التي بذلتها تركيا لتهيئة ظروف ملائمة للاجتماع بين وفدي موسكو وكييف الذي استضافته إسطنبول أواخر مارس (آذار) الماضي. وقال: «تم التوصل خلال ذلك اللقاء إلى تفاهمات مقبولة بالنسبة إلينا، لكن الجانب الأوكراني رفضها لاحقا».

ميدانيا، ومع تزايد النقاش حول مستقبل مقاطعة خيرسون على الصعيد السياسي، بدا أن المنطقة التي ما زالت تتعرض لهجمات مرتدة من جانب الجيش الأوكراني، قد تشهد تصعيدا في المرحلة المقبلة وفقا لتحذيرات أطلقتها وزارة الدفاع الروسية. وأكد قائد قوات الحماية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية إيغور كيريلوف، أن القوات المسلحة الروسية عثرت في خيرسون على 10 طائرات دون طيار مزودة بحاويات ومعدات رش مواد بيولوجية، مشيرا إلى أن هذه المرة الثانية التي يعثر فيها على تقنيات مجهزة لشن «استفزاز باستخدام مواد محظورة»، بعدما كانت موسكو أعلنت في مارس الماضي، أنها عثرت على ثلاث طائرات مماثلة.

في غضون ذلك، واصلت الوحدات الخاصة الشيشانية التي تقاتل إلى جانب قوات الانفصاليين في إقليمي لوغانسك ودونيتسك التقدم في محيط مقاطعة لوغانسك، بعد مرور يوم واحد على إعلان أنها اخترقت الدفاعات الأوكرانية ووصلت إلى الحدود الإدارية للإقليم.

وأعلن رئيس الشيشان رمضان قديروف أن قواته مع القوات الروسية «انتزعت عددا من القرى من قبضة القوات الأوكرانية في محيط لوغانسك». وزاد في بيان نشره على «تلغرام» أن مساعده للشؤون الأمنية أبتي علاء الدينوف، المسؤول عن عمليات القوات الشيشانية في لوغانسك، أبلغه بـ«إحراز تقدم ملموس في جبهات القتال».

ووفقا لإعلان قديروف، فقد «تمكنت عناصر وحدة القوات الخاصة الشيشانية والفيلق الثاني من الشرطة الشعبية في لوغانسك، خلال تقدم مفاجئ على طول الجبهة، في الساعة الرابعة من فجر اليوم (أمس) من خرق دفاعات القوات الأوكرانية والسيطرة على بلدتي يوجني وفويفودوفكا ومصنع البارود (زاريا) وقرى فاكيل ورادوغا - 2 وزاريا - 1 وميتشورينيتس وإلكترومونتاجنيك».

وقدر قديروف خسائر القوات الأوكرانية خلال هذا التقدم بـ«أكثر من 200 قومي»، بالإضافة إلى إعطاب أكثر من 10 آليات قتالية، مشيرا إلى أن عمليات تنفذ في الأراضي التي تم انتزاعها لـ«تصفية فلول التشكيلات القومية». وشدد الرئيس الشيشاني على أن «خط التماس يتحرك بسرعة إلى عمق الأراضي الأوكرانية»، مُتهما الجيش الأوكراني بتفجير جسور في المنطقة لعرقلة هذا التقدم.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في إيجاز صحافي يومي أن قواتها استهدفت أكثر من 500 موقع وتجمع للقوات المسلحة الأوكرانية خلال الليلة الماضية، فيما أسقطت الدفاعات الجوية الروسية 9 طائرات دون طيار أوكرانية. وقال الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف إن الطيران الحربي الروسي قصف 93 هدفا خلال ليلة الأربعاء، بينها موقعان للقيادة، و69 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية، إضافة إلى 3 مستودعات ذخيرة تابعة للقوات الأوكرانية. وأضاف المتحدث أن القوات الصاروخية ووحدات المدفعية الروسية أصابت 407 مناطق تجمع للقوات والمعدات العسكرية، ودمرت 13 مركز قيادة و4 مواقع لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات و14 مستودع ذخيرة. وأشار كوناشينكوف إلى أن الضربات أدت إلى مقتل أكثر من 280 من القوميين المتطرفين الأوكرانيين، وتعطيل 59 قطعة من المعدات العسكرية.

وأضاف أنه خلال الساعات الـ24 الماضية، دمرت الدفاعات الجوية الروسية 4 طائرات مسيرة أوكرانية في مقاطعة خاركيف (شمال شرق)، و3 مسيرات في منطقة روبيجنويه في لوغانسك، وأخرى في منطقة جزيرة الأفعى قبالة سواحل أوديسا، إضافة إلى طائرة مسيرة في مقاطعة ميكولايف (جنوب).

 

 

الشرق الاوسط

Top