تعليم الكوردية بحاجة إلى ثورة حقيقية
جواد كاظم ملكشاهي
ا يختلف اثنان أن اللغة هي مرآة لثقافة الشعوب والمجتمعات وشاخص مهم للتعريف بهوية الانسان، وعندما تندثر اللغة لأي سبب كان يندثر جزء مهم من التراث والفولكلور واللذان يشكلان حجر الزاوية لبقاء وتقوية لغة الأم وتطورها، بمعنى آخر عندما لانكترث للغة الأم ولا ننميها بالأخص لدى اطفالنا نكون قد ساهمنا بشكل مباشرعلى طمس هويتنا الوطنية الأصيلة.
هناك شواهد تاريخية تثبت أن السيطرة الأقتصادية والسياسية لايمكن لها أن تتحقق من دون هيمنة ثقافية وفكرية وهذه الحقيقة عمل بها الأستعمار الفرنسي والبريطاني عندما اخضعت اقتصادات الشعوب المستعمرة عبر مأسسة الهيمنة السياسية عن طريق التحكم في اللغات الأصيلة لتلك الشعوب وتشتيتها ولتحقيق هذا الغرض منعت الموسيقى والأغاني الشعبية وجميع النشاطات الفلوكلورية،وقامت بمحو ما يسمى الآن بالآداب الشعبية الشفهية، واستبدالها بثقافة المستعمر.
نحن الشعب الكوردي منذ قرن من الزمن أي عندما تم تقسيم أرض كوردستان بين الدول المنطقة القديمة والحديثة، تعرضنا إلى أشرس الحملات لمسخ هويتنا الوطنية عبر سياسات التعريب والتتريك والتفريس وماتزال هذه السياسة تمارس في المدن والقرى الكوردية في الدول التي تقاسمت ارضنا وشعبنا عبر مؤامرة دولية خبيثة، لطمس هويتنا القومية ومن ثم صهرنا في بوتقة الثقافات العربية والفارسية والتركية وفعلا نجحت الهيمنة في بعض المحافظات الكوردية في اجزاء كوردستان الاربعة من تعريب وتفريس وتتريك سكان مدن وقصبات وقرى وماتزال هذه السياسة تمارس ضد شعبنا بقوة.
أعتقد أنه لولا الحركة الأدبية والثقافية التي قادها الشعراء والادباء والمفكرين الكورد خلال القرن الماضي وذلك بأصدار عدد من الدواوين الشعرية الصحف والمجلات الأدبية وطبع الكتب باللغة الكوردية على امتداد الارض الكوردستانية،فضلا على جهود الأسر الكوردية بالتحدث مع أطفالهم بلغة الأم ومن ثم اقامة بعض المهرجانات والاحتفاليات القومية في المناسبات الوطنية، لكانت اليوم اللغة الكوردية في خبر كان، بسبب حجم المؤامرة والتعاون بين دول المنطقة لمسخ هويتنا الكوردية.
نضال الشعب كوردستان من أجل حقوقه القومية خلال القرن الماضي وتقديم تضحيات جسام كان له اثرا كبيرا للحفاظ على هويتنا القومية وبالاخص خلال العقود الخمس الماضية، حيث أرغم استمرار النضال ضد النظم المحتلة لأرضنا إلى إفساح المجال ومنح مساحة من الحرية للحركة الادبية والثقافية وتدريس اللغة الكوردية في جنوب كوردستان وكذلك النهضة التنويرية في شرق وشمال وغرب كوردستان بعد تطور تكنلوجيا الاتصالات وانتشار الشبكة الاخطبوطية على امتداد الكرة الارضية،كل هذا احدث تغييرا بل ثورة كبيرة في نشر الوعي القومي عبر اصدار مئات المجلات والصحف والمواقع الالكترونية فضلا على طبع الآلاف من الكتب باللغة الكوردية.
رغم تلك الثورة الثقافية الكوردية التي أشرنا لها، إلا أن هناك مشواراً طويلاً أمامنا للحفاظ على لغتنا وتراثنا وهويتنا القومية بالأخص في المناطق والقرى المدمرة ثقافيا والتي ماتزال تخضع لسطلة النظم الدكتاتورية وتمارس فيها سياسات التعريب والتتريك والتفريس بشكل مكثف ومنظم، لذلك علينا استغلال التكنلوجيا الحديثة للاتصالات لإدخال صفوف تعليم اللغة الأم إلى داخل كل بيت كوردي وأسرة كوردية على امتداد أرض كوردستان وبالأخص المدن والقصبات والقرى التي تفتقد لوجود مدارس كوردية والتي تصلها خدمة الانترنيت.
من خلال متابعاتي فإن المناطق الكوردية في وسط وجنوب العراق وغرب إيران وبالأخص في محافظتي كرماشان وايلام اللتان تعرضتا لأشرس حملات التعريب والتفريس وكذلك مدن وقصبات في شمال وغرب كوردستان التي طالتها سياسة التتريك والتعريب، بحاجة ماسة للعمل والقيام بنشاطات ثقافية كوردية بمختلف تفرعاتها لإنقاذها من عملية المسخ الممنهج للهوية الكوردية، والحيلولة دون سقوط تلك المناطق ثقافيا وفكريا، بغية سد الطريق على عملية الأنصهار القومي التي تمارسها الانظمة الحاكمة ضد شعبنا.
عليه اقترح إنشاء الكثير من المدارس لتدريس اللغة الكوردية في القرى والمدن التي لاتخضع لهيمنة الأنظمة الحاكمة، وفي حال تعذر إنشاء تلك المدارس لأسباب سياسية وأمنية، إقامة دورات لتعليم اللغة الكوردية في البيوت والأزقة على امتداد الوطن المحتل، وتكثيف النشاطات الثقافية والأدبية عبر منصات التواصل الاجتماعي وبالأخص في مجال الموسيقى والغناء وإحياء التراث والفولكلور الكوردي بالاستفادة من التطور التكنلوجي المتاح في غالبية المناطق الكوردية.
باسنيوز