ألمانيا.. المحاكمة الأولى عالمياً بتهمة الإبادة العرقية للكورد الإزيديين
تختتم اليوم الثلاثاء (30 تشرين الثاني 2021) محاكمة تجري بمدينة فرانكفورت الألمانية، لعضو في تنظيم داعش متهم بـ"الإبادة العرقية للكورد الإزيديين"، وهي المرة الأولى التي يحاكم فيها داعشي بهذه التهمة.
تجري محاكمة عضو عراقي في تنظيم داعش اسمه (طه الجميلي)، ويقول الادعاء العام إن طه الجميلي العضو السابق في تنظيم داعش، اتخذ من طفلة إزيدية وأمها جاريتين، وقام في العام 2015 بتعذيب الطفلة ذات الخمس سنوات وقتلها.
وفي حال توصلت محكمة فرانكفورت إلى قناعة بأن الجميلي ارتكب جريمة إبادة عرقية، فستكون هذه المرة الأولى التي تثبت محكمة أن الجرائم المرتكبة ضد الكورد الإزيديين هي جرائم إبادة عرقية، حسب مدير المساندة القانونية في منظمة يزدا، ناتيا نوروزوف.
رغم أن الأمم المتحدة وصفت مثل هذه الجرائم بأنها "جرائم تقترب من مستوى الإبادة العرقية"، وكذلك فعل عدد من المنظمات الدولية والوطنية في الدول، لم تقر محكمة حتى الآن بأن ما ارتكب ضد الكورد الإزيديين جريمة إبادة عرقية.
وتقول مدير المساندة القانونية في منظمة يزدا، التي تعمل على الجرائم التي ارتكبت ضد الكورد الإزيديين: "سيكون أمراً عظيماً لصالح الضحايا الذين ينتظرون هذا منذ سبع سنوات، ولهذا سيكون مرحلة مهمة لنا".
ما هي تهمة طه الجميلي؟
طه الجميلي، عراقي انضم إلى تنظيم داعش في العام 2013، وكان مع زوجته الألمانية، جينيفر فينيتش، عضوين في جهاز الحسبة التابع لداعش، وهو جهاز أمني مهمته فرض تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق التي كان داعش يسيطر عليها.
يقول الادعاء العام الألماني إن طه الجميلي وزوجته جينيفر فينيتش، اشتريا سنة 2015 في الموصل امرأة كوردية إزيدية وابنتها ذات الخمس سنوات، واستخدماهما كجاريتين للعمل المنزلي.
ويتهم طه الجميلي بمنع الأم وابنتها من أداء شعائر دينهما وإجبارهما على الدخول في الإسلام، ويقول المحامون الذين يتولون القضية إن الأم وابنتها "كانا يتعرضان للضرب بصورة يومية".
وفي يوم من الأيام، كانت الطفلة مريضة فبالت في فراشها، وعقوبة لها، قام طه الجميلي بشد وثاق الطفلة وتركها تحت أشعة الشمس الحارقة حتى فارقت الحياة، حسب الادعاء العام.
وصرحت مدير المساندة القانونية في منظمة يزدا، ناتيا نوروزوف لـ(يورونيوز) بأن الطفلة فارقت الحياة بسبب الحرارة والعطش وسوء التغذية، وقالت نوروزوف إن "الطفلة كانت ضعيفة البنية عموماً.. وكانت الأم موجودة وشاهدت ما جرى لابنتها".
والدة الطفلة هي الشاهد الرئيس في المحاكمة، وتمثلها المحاميتان أمل كلوني وناتالي فون فيستنهاوزن.
أدينت جينيفر فينيتش، مؤخراً من قبل محكمة في ميونخ بأنها لم تتخذ أي خطوة للحؤول دون موت الطفلة رغم علمها بما فعل زوجها ووقوع الحادث على مرأى منها.
ألقي القبض في أيار 2019، على طه الجميلي في اليونان بينما كان يسعى للحصول على حق اللجوء، وأوضحت ناتيا نوروزوف أن "ألمانيا بدأت منذ ذلك الحين بالتحقيق بخصوص جينيفر فينيتش التي هي زوجة الجميلي، وطولب بتسليم طه الجميلي لكون القضيتين مرتبطتين ببعضهما البعض".
في مطلع العام 2020، وجهت حزمة تهم إلى طه الجميلي تضم تهم الإبادة العرقية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية والقتل والاتجار بالبشر وعضوية تنظيم إرهابي، وبدأت المحاكمة في نيسان 2020، وفي حال إدانته سيواجه عقوبة السجن المؤبد.
وحاورت يورونيوز محاميي طه الجميلي، سركان آلكان ومارتين هايسينغ، اللذين قالا: "ننفي هذه التهم، ونشعر أن موكلنا استخدم كممثل عن جرائم داعش".
وأشار المحامي آلكان إلى أن هناك الكثير من المعلومات المفقودة "وليس واضحاً حتى الآن إن كان هناك شخص فارق الحياة، ولدينا أدلة قوية تثبت هذا"، موضحاً: "إضافة إلى ذلك، نعتقد أن القضية لا تضم من الناحية القانونية الشروط الواردة في قانون الجنايات الدولي".
ما هي أهمية الحكم بأن الجريمة هي إبادة عرقية؟
في حال توصلت محكمة فرانكفورت إلى أن طه الجميلي ارتكب جريمة إبادة عرقية، فإنه، وحسب نوروزوف: "نأمل أن يكون لذلك تأثير مشابه لسقوط أحجار الدومينو تباعاً ويصبح بداية لمحاكمات مماثلة"، لكنها تستبعد الحكم بأن الجريمة هي إبادة عرقية "كمحامية، أعرف مدى صعوبة إثبات جريمة إبادة عرقية".
وقالت ناتيا نوروزوف: "نعرف بالتأكيد أن داعش مارس الإبادة العرقية ضد الإزيديين، لكن يجب في كل محاكمة إثبات أن الشخص المتهم كان يريد ممارسة الإبادة العرقية للإزيديين وأعتقد أن إثبات هذا صعب دائماً".
وأكدت أن "المحكمة يجب أن تتعامل بحذر من طريقة التعاطي مع هذا الأمر، وفي حال توصلت إلى عدم توفر الأدلة الكاملة التي تثبت هذا، عليها أن تقول للمجتمع الإيزدي وبوضوح: نحن لا نقول بأن جريمة إبادة عرقية للإزيديين لم ترتكب، بل نقول إن الحكم خاص بهذا الشخص المتهم ولا تتوفر الأدلة اللازمة لإثبات نيته ارتكاب إبادة عرقية".
لماذا تجري المحاكمة في ألمانيا؟
في معرض إجابتها على هذا السؤال، قال ناتيا نوروزوف: "طه عراقي، والضحية عراقية، والجريمة وقعت في العراق، ورغم ذلك تستطيع ألمانيا إجراء المحاكمة معتمدة على مبادئ العدل العالمية".
بموجب تلك المبادئ، تسمح برلين للمحاكم بالتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في أي بقعة من العالم. حتى الدول الأوروبية التي ليس فيها قضاء عالمي، تحاكم مواطنيها الذين ذهبوا إلى العراق وسوريا بصفتهم "مسلحين أجانب".
وتقول نوروزوف إن ألمانيا تسبق الدول الأخرى كثيراً وهي الدولة الوحيدة التي تحاكم أعضاء تنظيم داعش.
وخارج أوروبا، يحاكم أعضاء داعش في العراق بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي. عن هذا تقول نوروزوف: "من المؤسف أن العراق يفتقر إلى إطار قانوني للمحاكمات الخاصة بالجرائم الدولية، جرائم الإبادة العراقية، جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهذا ليس العدالة التي يتطلع الضحايا لتحقيقها".
روداو