الانتخابات الليبية.. 3 سيناريوهات متوقعة للسياسات الدولية
انتهت المرحلة الأولى من الإعداد للانتخابات الليبية، مع إغلاق باب الترشح، وبقيت مرحلتان يحيط بهما كثير من الغموض والترقب، وسط توقعات بوجود 3 سيناريوهات للسياسات الدولية تجاه ليبيا في هذا الإطار.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا أعلنت، الاثنين، إغلاق باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الشهر المقبل.
وذكرت تقارير إعلامية أن مفوضية الانتخابات تلقت أوراق أكثر من 90 مرشحا، بينهم سيدتان.
ومن المقرر أن تعلن المفوضية، الثلاثاء، العدد النهائي للمرشحين الذي قدموا أوراق ترشحهم، وستنشر في وقت لاحق نحو 12 اسما قُبلت طلبات ترشحهم لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر.
وفي هذه الانتخابات سيختار الليبيون رئيسهم للمرة الأولى في تاريخ البلاد عبر الاقتراع المباشر، ونظرا لكثرة المرشحين، فإن يعتقد أن تجري جولة ثانية بعد أسابيع.
ويعقد الليبيون آمالا كبيرة على هذه الانتخابات في إعادة الاستقرار إلى بلادهم بعد أكثر من عقد من الاضطرابات، لكن البعض يخشى من حدوث انتكاسة ما تعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر.
وبات السؤال المطروح هو: كيف سيتعامل العالم مع الانتخابات الليبية؟
سيناريو نجاح الانتخابات
يقول الكاتب والمحلل السياسي الليبي، عبد الباسط بن هامل، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن دعم المجتمع الدولي لبلاده أمر محسوم حال نجاح الاستحقاق الانتخابي.
وأضاف أن القوى الدولية هي التي وضعت أسس خريطة الطريق التي بدأت بمؤتمر جنيف، ثم مؤتمر باريس من أجل إنهاء صراع ما أسماه "المشروعيات والمشروعية" وبناء المؤسسات في الدولة، بما ينهي حالة الفوضى والإثقال الحواري للمجتمع الدولي.
من جانبه، أكد الباحث محمد الهلاوي، أنه حال نجاح الانتخابات الليبية، ستبدأ أوروبا والدول المعنية بالملف من تقديم الدعم الحواري ثم الدعم المالي لبناء الدولة وإنهاء ما يقرب من عقد من الدمار والتشرذم.
وأوضح أن أولى ثمار الدعم الحقيقي هو إجراء الانتخابات في موعدها، حيث ترى الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة وبريطانيا بأن تلك الخطوة تكفي لنجاح العملية الديمقراطية في ليبيا.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن "دعم الولايات المتحدة لليبيا ذات سيادة ومستقرة وموحدة آمنة وخالية من التدخل الأجنبي" .
وحث بلينكن خلال الاجتماع الوزاري الأخير حول ليبيا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، القادة الليبيين "على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة على النحو الذي حددته خريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي بما في ذلك الحاجة إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وقانوني".
تبني جولات حوار جديدة
السيناريو الأقرب لتعامل المجتمع الدولي مع ليبيا هو تبني جولات جديدة من الحوار أو الرجوع إلى المربع الأول، وذلك في حال الاعتراض على النتائج أو الاعتراض على بعض الملفات مثل المرتزقة.
وتعليقا على ذلك، يقول المحلل الليبي بن هامل، إن مشكلة مؤتمر باريس الأخير لم يلزم ولم يأت برواية واضحة حول المرتزقة في ليبيا حتى الأن.
وأشار بن هامل إلى ما يحدث الأن على ارض الواقع فيما يخص المرتزقة هو تبديل أماكن تمركزهم فقط وبالأخص المرتزقة السوريين ولم يتم سحبهم كما يُشاع، مؤكدا أن بتلك المعطيات سيصل المجتمع الدولي إلى رئيس دولة ولكنه لن يستطيع حماية القرار في العاصمة طرابلس.
وحال تعطيل عدد من الميليشيات المسلحة أو التيارات المسلحة لقرارات مؤسسات الدولة فيما بعد، سيتعين على المجتمع الدولي البدء من جديد في حوار لتسير العملية السياسية ومنع انزلاق البلاد من جديد في لصراع المسلح.
وتوقع المحلل السياسي الليبي، وقوع انتهاكات وخروق في العملية الانتخابية لأن الوضع الحالي في ليبيا هش أمنيا وبالأخص في الغرب الليبي.
والأسبوع الماضي، أغلقت عناصر من الميليشيات المسلحة، مقر مفوضية الانتخابات في مدينة غريان شمال غربي ليبيا بقوة السلاح، بعد تعرض المقر لهجوم بطلقات نارية، إثر دعوة خالد المشري رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة"، لإغلاق المراكز حتى تبطل النتائج.
ويرى الباحث محمد الهلاوي أن "هناك الكثير من العراقيل والمحاذير التي تحول دون إجراء انتخابات رئاسية حرة، نظرا لهشاشة الوضع الأمني في بعض المناطق، وأيضا عدم قدرة الناخبين على التصويت بحرية تامة في بعض المناطق".
وأكد الهلاوي أن القوى الدولية التي تنخرط في الصراع الليبي تلعب دوراً مهماً في معادلة الترشح والفوز وضمان القبول بالنتائج.
سيناريو رفض الميليشيات
السيناريو الأقرب بحسب المحللين، هو رفض الميليشيات المسلحة في ليبيا لنتائج الانتخابات، ولذلك حذر السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند ممن يحاولون عرقلة الانتخابات أو رفض النتائج بدفع الثمن.
في السياق، اعتمد الاتحاد الأوروبي إطارا قانونيا يسمح بفرض عقوبات على الأشخاص والكيانات التي تعرقل أو تقوض الانتخابات في ليبيا، مستندًا إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2571 الذي يؤيد تلك الخطوة.
من جانبه، أكد بن هامل خلال حديثه لـ"سكاي نيوز" عربية، أن هناك تهديدات كبيرة وخطاب متطرف يقوده الصادق الغرياني لرفض أسماء أعلنت ترشحها في الانتخابات مثل المشير خليفة حفتر ونجل القذافي.
وحال رفض الميليشيات المسلحة ومحركيها لنتائج الانتخابات، شدد بن هامل، على أهمية انخراط المجتمع الدولي بقوة والضغط على تلك الفصائل ومعاقبة الممتنعين ودعم النتائج.
في السياق، أكد عماد الهلاوي الباحث في الشأن الليبي، أن أوروبا حذرت مراراً من محاولات بعض الجبهات داخل ليبيا وخارجها لعرقلة الانتخابات، ونسف الخريطة السياسية.
كما دعت، خلال عدة مناسبات دولية ومؤتمرات كان أخرها المؤتمر الذي عقد في باريس في 12 نوفمبر، من مغبة التحركات التي تمارسها بعض القوى الداخلية بدعم جهات خارجية لعرقلة المسار السياسي في البلاد.
يذكر أن البيان الختامي الصادر عن مؤتمر باريس دعم خطة العمل الشاملة لسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، فيما شدد على إجراء الانتخابات في موعدها.
وأشار البيان إلى دعمه عمل البعثة الدولية من أجل تعزيز الحوار السياسي، فيما حث على إنشاء هيئة المصالحة الوطنية برعاية المجلس الرئاسي الليبي.
وقال البيان أيضًا إنه لا بد من محاربة الإرهاب في البلاد بشتى السبل، وشدد على ضرورة القيام بمبادرات عاجلة لمساعدة الليبيين على نزع السلاح.