مراقبون: نسب البطالة في العراق تنذر بمؤشرات خطيرة
تشير أحدث الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وعلى الرغم من ثروة البلاد النفطية الضخمة، لكن يبدو أنها لم تسهم في تحسين مستوى معيشة الناس نتيجة للفساد وسوء الإدارة ونقص الخدمات الأساسية.
بهذا الصدد، تقول رئيسة فريق تقييم الذات للثقافة والتنمية الدكتورة حوراء الموسوي إن «ارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب هي مشكلة أزلية يعاني منها العراق»، مبينة أن «الأسباب واضحة وجلية للشارع العراقي كون المواطن أصبح مطلع ومثقف بشكل كبير سياسياً واقتصادياً».
وأشارت حوراء إلى أن «العوامل الأساسية في تزايد نسبة البطالة تعود إلى عدم وجود خطة صادقة وحقيقية لإدارة موارد البلد بشكل يخدم كل طبقات المجتمع العراقي بعيداً عن المحسوبية، وذلك ما أدى إلى ضياع حقوق الشباب سواء بالقطاع الخاص أو القطاع العام، بالنظر لأنه لا يتم الاعتماد على التخصص الأصلي أو التخصص الحقيقي للشخص المتقدم للعمل، وكذلك ارتفاع نسبة السكان بشكل كبير تبعاً لزيادة الولادات، وفشل المنظومات الحكومية في تطوير البنى التحية وعدم الاستثمار في المشاريع لخلق فرص عمل للمواطنين».
وترى الموسوي أنه «بالإمكان تقليل حجم البطالة من خلال القيام بمشاريع اقتصادية وتنموية على صعيد البلد بأكمله، حينها يستطيع الشباب استثمار قدراتهم وإعالة عوائلهم كون أغلب البيوت العراقية هي عوائل ممتدة وحجم المسؤولية مضاعف».
وتصف الموسوي دور منظمات المجتمع المدني بـ «الكبير جداً في السنوات القليلة السابقة لتقليل نسبة البطالة، كون أغلب هذه المنظمات تقوم برفع المستوى المهني لأنها تعتمد على إقامة دورات بمختلف المجالات التي بدورها نجحت في أن تجعل الفئة المعدومة أو المتوسطة تفتح مشاريع بسيطة للعيش منها».
من جانبه يؤكد النائب في البرلمان العراقي وليد السهلاني، أن «زيادة نسبة البطالة في عموم العراق تحتاج إلى وقفة جادة من قبل الحكومة»، مشيراً إلى «وجود حلول كثيرة، منها ما تخص البرلمان تتعلق بتشريع قانون الضمان الاجتماعي الذي يمثل فرصة جيدة يمكن أن تقلل من نسبة البطالة، وأخرى مرتبطة بالسلطة التنفيذية من خلال الضغط على المحافظات والوزارات لتشغيل الشباب عبر التعاقد في المشاريع»، مبيناً أن «البطالة تنذر بعواقب غير محمودة، لأنها تترتب عليها آثار تصعب معالجتها».
وأوضح السهلاني، أن «أغلب المحافظات تعاني من نسب بطالة عالية، خصوصا شريحة الخريجين، حيث أن الحكومة تحتاج إلى تخطيط دقيق، والقدرة على التنبؤ بالمشاكل قبل حدوثها».
ويتفق المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي مع جميع الآراء التي تشير إلى ارتفاع نسبة البطالة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل سنوات، ويضيف في تصريح له، إن «جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات خلفت أزمة اقتصادية وانكماشا ماليا فاقم من معدلات البطالة والفقر في البلاد».
ويؤكد الهنداوي، أن «نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة».
وأظهر الإحصاء الأخير الذي أجرته الحكومة العرقية لمعدلات البطالة في عام 2020 أن محافظة الأنبار غربي البلاد سجلت أعلى نسبة بطالة بواقع 32.4 في المئة، فيما بلغت النسبة في محافظة كركوك 6.3 في المئة، وهي الأقل مقارنة بباقي المحافظات العراقية. وبلغت نسبة البطالة في الريف14 في المئة، مقارنة بـ13.2 في المناطق الحضرية.
من جانبها تقول الناشطة المدنية رفاه حسين في حديث ، أنه «على الرغم من امتلاك العراق موارد طبيعية وزراعية واقتصادية، إلا أن هناك قصور كبير وواضح جداً في إمكانية استغلال الموارد الاقتصادية وبالشكل الأمثل، نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة والأوضاع التي مر بها البلد خلال الأعوام السابقة، وخصوصاً أزمة كورونا التي أدت إلى شيوع ظاهرة البطالة بشكل كبيرة وملموس بكافة أنواعها، وكان ضحايا تلك الأزمات فئة الشباب وبنسب كبيرة جداً».
وتقترح رفاه حسين، «وضع بعض الأسس لرسم سیاسة تنمویة تضمن تشغیل الاأدي العاملة وخاصة الشباب لسد احتیاجات التنمیة والتطوير، لتتلاءم مع الموارد والقدرات المتوفرة من الید العاملة في معالجة حالات عدم التوازن والتي أفرزت ظاهرة البطالة بكافة أشكالها وما تعكسه من ظواهر سلبية على عملية النمو».
وتشعر حسين بالأسف بسبب انعدام دور وزارة التربية في السنوات الأخيرة في الحد من بطالة الشباب الخريجين، واعتبرت أن دور القطاع التربوي في هذا المجال معدوم وخصوصا خلال الجائحة.
وبحسب مراقبين فإن، نحو 160 ألف إلى 170 ألف شاب يتخرجون سنويا من الكليات والمعاهد في العراق ولا يجدون فرص عمل.
باسنیوز