آثار عمرها آلاف السنين مهددة بالانهيار .. أور وطوق كسرى وبابل في مقدمتها
يبدو أن إهمال المواقع الأثرية واضح من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية في العراق، حيث أن هناك مئات إن لم تكن آلاف المواقع الأثرية مهددة بالانهيار والاندثار، فهناك طاق المدائن الذي يعود تاريخه إلى آلاف السنين وكذلك قلعة كركوك التي يعود بناؤها إلى ثلاثة آلاف عام كما هي الحال بالنسبة إلى نيبور.
ويقول مدير منظمة إنقاذ آثار وتراث المثنى، والمختص بالدراسات والتنقيبات الأثرية، كرار الرازقي، في حديث لـ (باسنيوز) حول أهم الآثار المهددة بالانهيار والأسباب التي أدت إلى ذلك، أن «العامل الأول هو المناخ والبيئة، فتغيير مجاري الأنهر - حيث كانت الحضارات القديمة تعيش قرب مجرى الأنهر، وعندما تغير المجرى زحفت الكثب الرملية إلى تلك الآثار ما أدى إلى طمر بعضها، أضف إلى ذلك عوامل الأمطار والرطوبة، فنحن أغلب آثارنا طينية وهي تتأثر بالماء والرطوبة، والسبب الآخر هو عامل الحروب وعدم الاهتمام من قبل الحكومات المتعاقبة من بعد 2003، كذلك عمليات النبش من قبل النباشين والباحثين عن الآثار، ما أدى إلى ترك هذه الآثار وإهمالها منذ أكثر من 20 سنة».
الدور الحكومي في حماية الآثار
وأضاف الرازقي، أن «أهم الآثار الآيلة إلى الاندثار والانهيار هي المدائن في بغداد بسبب انهيار جزء من طوق كسرى الذي يعود تاريخه إلى الفترة الكيشية، كما أن من أشهر المواقع المهددة بالانهيار مدينة أور السومرية التي تعود إلى 6000 سنة ق . م».
واستعرض تقرير لصحيفة ‹نيويورك تايمز› الأمريكية، تهديدات حقيقية تواجه مدينة بابل القديمة في العراق، وهي إحدى مواقع التراث العالمي المعترف بها لدى يونسكو، وأوضح أن تلك التهديدات تتراوح بين القديمة والحديثة.
ويشير التقرير إلى أن «بعض جدرانها معرضة للانهيار، ويقاتل ناشطون للحفاظ على إرث المدينة العريق».
ويرى الآثاري كرار الرازقي، أن «إعادة ترميم الآثار المهددة بالانهيار تحتاج إلى كوادر آثاريين»، مؤكداً أنه «ليس من الصعب أمام الحكومة توفير آثاريين، إذ يجب إرسالهم إلى أمريكا لتعلم كيفية الصيانة وتطبيقها في المواقع الأثرية، وإن عملية الصيانة غير مكلفة لأن أغلب الآثار طينية».
واستدرك الرازقي، أن «عدد الآثار التي تحتاج إلى التنقيب تقدر بالآلاف، أغلبها نستخرجها ونقوم بتنظيفها وندفنها بنفس الموقع للمحافظة عليها، كما أن هناك أكثر من 30 بعثة تنقيبية أمريكية وهنغارية ويابانية وتشيكية وغيرها حاليا تعمل في العراق، وهذه البعثات تستفيد من التنقيب بالآثار، عندما يكتشفون أي أثر فانهم لا يسمحون بدراسة تلك الآثار إلا مقابل ملايين أو آلاف الدولارات.
ويحتل العراق مكانة بارزة بين دول العالم في عدد المواقع الأثرية ، إذ يصل عددها إلى أكثر من 25 ألف موقع وقابل للزيادة، وذلك بحسب آخر إحصائية لهيئة الآثار العراقية . و تتنوع الآثار ما بين حضارات تمتد إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد، من بينها الآشورية والأكدية والسومرية والبابلية والمقدونية وغيرها.
في السياق، حذر الباحث في مجال الآثار عمر كريم من اختفاء الكثير من المعالم الأثرية نتيجة للإهمال الحكومي، مبيناً أن حلول الجهات الرسمية العراقية غالبًا ما تكون «وقتية وترقيعية»، مشيراً إلى أن «الآثار الموجودة في العراق كثيرة، وتتطلب جهدًا حقيقيا من أجل الحفاظ عليها».
ويتفق ناشطون في مجال الآثار، أن جميع المحاولات للمحافظة على المواقع الأثرية لم تخدم حتى اليوم إعادة الحياة إلى تراث العراق الذي تلاشى جزء كبير منه بسبب الإهمال والسرقة والظروف البيئية، إذ لم يتم تقديم أي شيء جديد للمحافظة على الآثار وجعلها معالم سياحية، فالطرق لم تعبد منذ الثمانينات ولم تثبت أعمدة للكهرباء منذ السبعينات والبلد يعاني منذ عقود نقصاً في الكهرباء والمياه والتمويل للمحافظة على المواقع الأثرية من الانهيار والاندثار.
أهمية التوعية الإعلامية
من جانبه، قال مختص في الترويج للسياحة الأثرية، إن للإعلام دور مهم في التوعية بأهمية الآثار والمواقع الاثرية والتعريف بأهمية الحفاظ عليها والترويج لها سياحيا، لكي يدرك الشخص العادي أهمية الآثار وحماية المواقع الأثرية باعتبارها ثروة وطنية وقومية.
راويژ محمد حسين، قال إن من المهم أن يعرف كل شخص أهمية المواقع الآثرية في بلاده كونها شاهدة على حضارة البلد وتاريخه وموروثه الحضاري والثقافي.
كما شدد على أهمية دور وسائل الإعلام في تثمين وتسويق الموروث الحضاري للبلاد، مشيراً إلى أن هذه الوسائل خصوصاً المرئية منها لها دور كبير في التوعية المجتمعية وتكمن قدرتها واهميتها في الوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين من مختلف شرائح المجتمع .
المختص في الترويج للسياحة الأثرية راويژ محمد حسين، أكد كذلك على ضرورة واهمية الدور الحكومي والمؤسسات الحكومية المعنية في حماية المواقع الأثرية كونها تملك إمكانيات لذلك. مردفاً بالقول: «في نهاية الأمر فإن حماية المواقع الأثرية والتاريخية مهمة جمعية يجب أن يشارك فيها المواطن العادي وكذلك المختصون والجهات الحكومية المعنية».
باسنیوز