هل هناك «مشروع» فعلي لتوطين الشيعة الأفغان في العراق؟
أثارت تقارير إعلامية مؤخراً، أنباء عن مقترح عُرض على العراق خلال قمة الشراكة والتعاون التي عقدت في بغداد الأسبوع الماضي، يقضي بتوطين لاجئين أفغانيين في أراضيه، مقابل امتيازات يحصل عليها العراق.
وكانت واشنطن قد أعلنت، الاثنين، أنها أجلت أكثر من 123 ألف مدني من أفغانستان. وفيما وافقت الإمارات على استضافة 5 آلاف أفغاني، فإن تركيا رفضت نقل لاجئين أفغان لأراضيها، مؤكدة أنها استضافت أكبر عدد من اللاجئين بالعالم خلال السنوات السبع الماضية.
«رغبة أمريكية وترحيب إيراني»
وقالت تلك التقارير، إن «هناك تضافرا إقليميا ودوليا حول فكرة توطين هؤلاء الأفغان الفارين في العراق، طرح من الجانب الإماراتي والقطري خلال قمة بغداد، برغبة أمريكية أساساً».
وأشارت إلى أن الإيرانيين يرحبون بالفكرة بشكل مبدئي، لكن وفق معيار محدد، وهو «إدراج توطين لاجئين من الشيعة الأفغان في الأنبار ذات الغالبية السنية».
ولفتت إلى أنه خلال قمة بغداد طرحت فكرة «توطين 10 آلاف لاجئ أفغاني كمرحلة أولى، على أن تليها دفعات أخرى، وفي المقابل يتلقى العراق امتيازات من بينها مبلغ مليار دولار تدفع فوراً».
فتنة
عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، مثنى أمين، قال معلقاً على الموضوع، إن «اللجنة وصلها الموضوع عن طريق الإعلام، وليست هناك أشياء مؤكدة بهذا الخصوص».
وأضاف أمين، قائلا: «نحن نرفض إطلاقا هذا الأمر ويعتبر نوعا من إحداث الفتنة في العراق، فالبلد يكفيه جراحه الموجودة في جسده، وبالتالي فإن أي حركة من هذا النوع هو إخلال بالسلم والأمن في البلد».
وشدد البرلماني العراقي على أن البت في موضوع توطين الأفغان أو غيرهم قرار ليس بيد الحكومة، بالقول: «هذا الأمر مرفوض نهائيا وليس من سلطة أحد أن يفعل هذا الأمر إلا بتشريع قانون من البرلمان».
من جهته، قال القاضي والخبير القانون العراقي، علي التميمي، إنه «إذا كان المقصود بتوطين الأفغان هو منحهم حق اللجوء في العراق، فإن هناك نوعين من اللجوء: الأول إنساني، والآخر يتعلق بحالات الطوارئ».
قانون
وأضاف التميمي، قائلا: «حالات اللجوء الفردية تتطلب أحيانا أن تبت رئاسة الوزراء بالأمر، أما إذا تعلق الأمر بحالات جماعية تصل إلى الآلاف، فهذا يشرع له قانون ويتطلب موافقة البرلمان بناء على طلب مجلس الوزراء».
واستبعد الخبير القانوني إمكانية اتخاذ العراق أي قرار من هذا النوع في المرحلة المقبلة، لأن «الحكومة ستكون لتصريف الأعمال فقط قبل الانتخابات البرلمانية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ولا يحق لها اتخاذ مثل هذه القرارات، وبذلك يدور الموضوع إلى الحكومة والبرلمان المقبلين».
ولفت التميمي إلى أنه «إذا كان التوطين في الأنبار فيجب الحصول على موافقة مجلس المحافظة الذي هو منحل في الوقت الحالي مثل باقي مجالس المحافظات، ولذلك يحل المحافظ بديلا عنه في اتخاذ مثل هذا القرار».
ورأى الخبير القانوني أن «العراق لا يتحمل مشاكل فهو للتو خرج من حرب ضد داعش، وأن الإتيان بطائفة الهزارة -حسبما قيل- وتوطينها في الأنبار سيثير اعتراض المكون السني، ثم إن إيران هي أولى بتوطينهم كونها دولة حدودية مع أفغانستان».
وكانت وسائل إعلام محلية قد نقلت عن «قيادي شيعي» لم تكشف هويته، قوله إن «الأمر حتى الآن عبارة عن جس نبض للشارع العراقي قبل اتخاذ أي خطوة في ذلك كما أنه قيد الدراسة لتحديد جغرافية توطينهم».
وأضاف أن «التعامل مع النازحين الأفغان فيما لو وصلت قوافلهم إلى العراق، سيكون حذرا جدا لئلا يتكرر سيناريو القتال مع داعش إبان سقوط الموصل في حزيران/ يونيو عام 2014».
وأشار «القيادي الشيعي» إلى أنه «قد تسمح السلطات العراقية بدخول النساء والأطفال الأفغانيين مراعاة لظروفهم الإنسانية وستحدد إقامتهم بالقرب من مخيمات النازحين في شمال البلاد لقطع الطريق أمام المتصيدين بالماء العكر».
وتابع «بعض وجهاء محافظة الأنبار ممن كانوا يتزعمون فصائل مقاومة ضد تنظيم القاعدة التي كانت تنشط في الأجزاء الغربية للبلاد، رحبوا بالمشروع»، لافتا إلى أنه «قد يصار إلى إيواء الأفغان قرب مخيم الهول القريب من الحدود العراقية-السورية لتفادي أية تبعات في ذلك».