الانتخابات تطرق ابواب العراق
طارق كاريزي
بدأت الاحزاب والقوى العراقية والشخصيات التي رشحت نفسها لخوض الانتخابات النيابية المقبلة المزمع اجراؤها في تشرين الاول المقبل لنيل عضوية مجلس النواب العراقي التحرك لكسب اصوات الناخبين. ومن المجحف ان نقول بان الانتخابات التي جرت في غضون العقدين الاولين من القرن الحالي بعد التغيير الذي حسمه العامل الخارجي، حقق طفرة من حيث الدخول في صلب العملية الديمقراطية، كأجراء يمنح المواطن حق الاسهام في تشكيل السلطات في بلده، مع هذا فان حركة ايجابية باتجاه بلورة نظام ذات اسس ديمقراطية تواصل الفعل والتأثير، خصوصا بالمقارنة مع الانتخابات التي كانت تجري قبل عام 2003 والتي كانت صورية تماما وتجري تحت ضغط الخوف والرعب من تبعات عدم الاداء بالتصويت للنظام ورموزه.
بعد مرور 18 عاما على ازاحة النظام الشمولي في العراق، بات الكل يتساءلون، هل الانتخابات لوحدها كافية كي نقول بأننا نعيش في بلد ديمقراطي؟ من باب المقاربة نقول، بغض النظر عن الشكوك التي تحوم حول نتائج جميع الانتخابات النيابية السابقة التي جرت في البلد، وعلى افتراض معاكس يقول بان الانتخابات في العراق تجري في منتهى النزاهة، مع ذلك لا يعد ذلك كافيا ما لم تترجم نتائجها اعمالا ومشاريع وخدمات وتطوير في مختلف القطاعات الحياتية للمواطنين والبنى الاساسية للبلد.
طيب، من حق الشارع ان يسأل، ترى ما الذي حققته السلطات الحكومية طوال 18 عاما الماضية؟ ربما لا يحتاج المتابع بل حتى المواطن العادي الى كثير عناء للوصول الى الاجابة الكافية والشافية عن هذا السؤال الحيوي الذي يضع النظام ان كانا ديمقراطيا او ديكتاتوريا او ثيوقراطيا على المحك بموجب ميزان الاداء قياسا بالفرص والامكانيات التي اتيحت طوال حوالي عقدين مضا. ان صورة واقع حال العراق تفصح بكل وضوح عن ملامحها والتي تبدو غير مشرقة بالمرّة، ان لم نقل قاتمة في كثير من جوانبها.
ومن باب قول الحقيقة بحق طرفي المعادلة (المواطن مقابل السلطات) نقول، بأن الوضع العراقي بالتأكيد لم يكن سهلا بعد ازاحة النظام الدكتاتوري، وقد تشابكت العديد من الخيوط الداخلية والخارجية في زيادة تأزيم وتعقيد الاوضاع، والذي قاد الامور الى المزيد من التدهور، هو انعدام الحكمة لدى قادة البلد الذين تناوبوا على ادارة دفة الحكم.
والآن، ما المنتظر من الانتخابات المقبلة؟
سؤال ربما الاجابة عنه لا تتعدى حدود التوقعات والتكهنات، وهذا لا يمنعنا استقراء الحالة وفق معطياتها الحالية. العراق دولة تعيش القلق بعمق وهو الآن بمثابة السفينة التي تمخر في بحر تتلاطم فيه الامواج، ولم يتسنى لهذه السفينة ربّان يستطيع قيادته الى برّ الأمان والاستقرار، بل ان الامور تبدو وكأننا امام عرض مسرحي تتناطح فيه القوى على خشبة مسرح بمساحة بلد بأكمله.
باسنيوز