• Wednesday, 17 July 2024
logo

انتقادات لاستخدام قوانين البعث.. "العقوبات" تنتظر الدورة النيابية الخامسة لحسمها

انتقادات لاستخدام قوانين البعث..

كثيرا ما يعاب على القوى السياسية في العراق، انها اخفقت بشكل كبير، منذ التغبير في عام 2003 وحتى الان في ان العراق الجديد مازال حتى الان يعتمد على عدد ليس بالقليل من قرارات وقوانين نظام البعث في تمشية امور الدولة والحكم الجديد، وهذا ما ما شكل عائقا كبيرا في معالجة الكثير من القضايا التي تحتاج الى تشريعات جديدة وفق المرحلة الراهنة من تطور في شتى ميادين الحياة.

ولعل ابرز تلك القوانين التي تحتاج الى ان يطالها التعديل، هو قانون العقوبات الذي تأخرت السلطة التشريعية في معالجته نظرا للمستجدات التي طرأت على الحياة، ويرى الكثير من خبراء القانون ان قانون العقوبات الحالي هو قانون قديم جدا، فكان للمشروع الذي طرحه رئيس الجمهورية لتعديل هذا القانون قد جاء في وقته من اجل اعادة النظر بهذا القانون وفق الاتفاقيات الدولية التي انضم العراق اليها حديثا.

"العقوبة لاصلاح الجاني"

وللإحاطة بهذا القانون وابرز التعديلات التي جرت عليه من اللجنة القانونية النيابية، تؤكد عضو مجلس النواب العراقي بهار محمود لشبكة رووداو الاعلامية ان "عقوبات الاعدام في قانون العقوبات الجديد تم رفعها في الكثير من الحالات استنادا للنظر في العقوبة، حيث ان هذه العقوبة تمثل اساءة للجاني بقدر ما هي جزاء يستحق العقاب على ما قام به من جنحة".

وتضيف أنه "في الوقت الحالي تغير العالم والنظرة للعقوبة، فلابد ان تكون العقوبة اصلاحا للجاني وليس لايذائه، فضلا عن ان بعض الجرائم لم تكن موجودة عندما اصدر القانون القديم، مثل جرائم المعلوماتية في مواقع التواصل الاجتماعي وفي باقي وسائل الاتصالات الاخرى، وهذا تم وضعه في قانانون العقوبات الجديد".

وفيما يخص الاموال المهربة الى خارج العراق، اشارت محمود الى انه "تم تشديد العقوبة في حالات الفساد المالي التي يعاني منها العراق في الوقت الحالي، خاصة في عمليات غسيل الاموال التي تتم هنا في العراق، فالقانون الجديد يعالج هذه الحالة التي لم تكن موجدة في القانون القديم المعمول به حاليا".

وبينت بهار ان "القانون الجديد المكون من 505 مادة، اضاف مواد تخص حماية الاسرة، فضلا عن تصحيح بعض المواد التي تتعلق بالاقتصاد والسوق على اعتبار ان القانون القديم مشرع منذ اكثر من خمسين سنة، وان مبلغ الغرامات الذي في هذا القانون الحالي لا ينسجم مع واقع الحياة في الوقت الحاضر"، مشيرة الى ان "اللجنة القانونية حرصت على ان يكون القانون الجديد منسجما مع المعاهدات والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها من قبل دولة العراق، ومن ناحية اخرى ان ينسجم مع التطورات التي حدثة في العراق خلال هذه الخمسين السنة".

وكان رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح قد أعلن تقديم أول مشروع قانون عقوبات جديد في البلد منذ 50 عاماً، حيث جاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منه يوم الثلاثاء، (17 آب 2021)، أن "برهم صالح قدم في اجتماع موسّع في قصر السلام ببغداد، مشروع قانون العقوبات الجديد إلى مجلس النواب، والمُقدَّم من مجلس القضاء الأعلى إلى رئاسة الجمهورية في سياق التعاون بين رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى بمجال تشريع القوانين التي تقتضيها تطورات العصر".

ولفتت عضو اللجنة القانونية الى ان "هذا القانون هو قانون جامع وليس تعديلاً لعدد من المواد في قانون العقوبات، فاللجنة القانونية عملت على ان يغطي قانون العقوبات الجديد كل حالات الجرائم التي من الممكن ان تحدث في المجمتع، وهذا ينطبق على اي جريمة لها قانون خاص كقانون الارهاب"، مردفة أن "قانون العقوبات ضمن ما يتعلق بالارهاب وللقاضي ان يعود الى قانون العقوبات عندما لا يجد ما يعاقب على جريمة في في قانون مكافحة الارهاب".

واشارت محمود الى ان "قانون العقوبات الجديد، سيرحل الى الدورة الخامسة في حالة اجراء الانتخابات في موعدها المحدد شهر تشرين الاول المقبل، واذا تم تاجيل الانتخابات فانه من الممكن في هذه الدورة يتم استكمال كل الخطوات لتشريع هذا القانون"، موضحة ان "هذا يحتاج لبعض الوقت فبعد القراءة الاولى يجب ان تكون في مجلس النواب هنالك مناقشات كثيرة على القانون والاخذ باراء المختصين ونواب البرلمان وادارة البرلمان سيكون لها الدور في تشريعه باقرب وقت".

وخلصت محمود الى انه "اذا اجريت الانتخابات في الموعد المحدد من غير تأجيل فان هذا لن يقلل من اهمية هذا القانون، فالنواب في الدورة القادمة يمكنهم ان يقدموه مرة اخرى في البرلمان، ووجوده من الضروريات القصوى، وليس هذا القانون فحسب، بل ان كل النظام القانوني في العراق فهو يحتاج الى تغيير"، مؤكدةً ان "النظام القانوني لأي دولة يجب ان يعكس نظام الحكم فيها، ونحن في العراق تغير نظام الحكم من نظام رئاسي دكتاتوري الى نظام برلماني ديمقراطي، لكن بقيت الكثير من القوانين ولم يجر عليها اي تعديل وخاصة قانون العقوبات".

عقوبة الاعدام

وعلى هذا النحو، يرى الخبير القانوني علي التميمي ان "قانون العقوبات العراقي الحالي النافذ رقم 111 لسنة 1969 قد صدر في حقبة زمنية كان فيها النظام رئاسي، وعندها كانت طبيعة المجتمع العراقي غير الطبيعة الحالية، فضلا عن تغير القانون الدولي والاتفاقيات الدولية".

وقال التميمي لشبكة رووداو الاعلامية إنه "عندما ننظر لقانون العقوبات النافذ حاليا المكون من 506 مواد تجده مليئاً بقرارت مجلس قيادة الثورة السابقة، وتجد ان هذه العقوبات صارمة وشديدة، وعقوبة الاعدام شغالة في الكثير من المواد، خاصىة في الجرائم التي تسمى الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، ومنها الانضمام لحزب غير حزب البعث"، معربا عن رأيه في ان "هذه التعديلات مهمة في نواح مختلفة خاصة في الغاء عقوبة الاعدام".

وكان النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد الهادي السعداوي، قد كشف في وقت سابق عن وجود أكثر من 3 آلاف قرار تابع لمجلس قيادة الثورة المنحل، ما زالت نافذة لغاية الان.

التميمي اشار الى ان "اهم التعديلات لقانون العقوبات هو ما يتعلق بالجرائم الالكترونية، لانه لا توجد نصوص في قانون العقوبات القديم تعالج الجرائم الالكترونية، فضلا عن العنف الاسري، فلا وجود لنصوص في القانون النافذ الحالي ما يعالج هذه الحالات خاصة مع الاتفاقيات الدولية الجديدة التي انضم اليها العراق، وكذلك ما يتعلق باسترداد الاموال المهربة واتفاقية غسيل الاموال لعام 2005 في الامم المتحدة والتي صادق عليها العراق في عام 2010".

وبين التميمي ان "الجريمة السياسية تحدث عنها القانون النافذ وعالجها لكن بقسوة شديدة، فهي لا تتلاءم وطبيعة الاتفاقات الدولية ولا مع الدستور العراقي في المادة 38 التي اتاحت حق التظاهر والاعتصام بكل الوسائل"، منوها الى ان "الجريمة السياسية تحتاج الى لمسات مشرع يستطيع ان يضعها بشكل يوائم ويوازن بين الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية، ونقطة مهمة يحتاج القانون".

وفي ما يتعلق بالمجتمع العراقي من قضايا عشائرية اوضح الخبير القانوني علي التميمي انه "لا يوجد في قانون العقوبات الحالي ما يعالج النزاعات العشائرية، لذلك لابد من القانون الجديد ان يوفر النصوص القانونية لمعالجة القضايا العشائرية، في ضغط الكثير من جرائم التهديد والدكة العشائرية وفي جرائم النهوة، هذه المسائل العرفية القديمة التي اكل عليها الدهر وشرب، تحتاج لتواكب اتفاقية سيداو واتفاقية حقوق الطفل".

"قانون يخالف الدين والشريعة"

"قانون العقوبات لا علاقة له بالدين، فهو قانون يتحدث عن الجريمة ومدة ونوع العقوبة لها، والمادة 409 من قانون العقوبات وهي غسل العار، والتي تنص على ان الزوج اذا ضبط زوجته وهي متلبسة بالزنا وقتلها يعفى من العقوبة، ولكن اذا كان العكس ان الزوجة هي التي قامت بقتل الزوج، فيكون القتل هنا قتلاً متعمداً من قانون العقوبات وهذه تحتاج للتعديل والمراجعة"، وفق الخبير القانوني علي التميمي، الذي اشار الى ان "هذه القوانين تخالف الدين والشريعة الاسلامية التي حددت عقوبة الزاني والزانية بالرجم او الجلد".

بدوره قال الاكاديمي والقانوني قاسم مصطفى لشبكة رووداو الاعلامية ان "مشروع قانون العقوبات الذي تقدم به رئيس الجمهورية، هو مشروع وفكرة ايجابية جدا، لان القانون الحالي صدر في 1969 واصبحت الان كل الامور تختلف اختلافا كبيرا عما سبق، فضلا عن اختلاف النظام الاقتصادي الذي كان اشتراكي والان حراً".

ويرى مصطفى ان "المهم في قانون العقوبات الجديد هو استرداد الاموال المهربة خارج العراق، صحيح لدينا مواد تتعلق بسلوك الموظفين واستغلال الوظيفة، لكن هذا في قانون عقوبات عام 1969، فهو يختلف عن الجرائم التي تحصل الان في غسيل الاموال وتحويلها الى خارج العراق، وهذا يحتاج الى ان يكون وفق النظرة الحالية ووضع عقوبات تتلائم مع حجم الجريمة هذه".

ومن المؤمل أن يحل القانون الذي قدمه رئيس الجمهوية "محل قانون العقوبات لسنة 1969، ومستنداً من حيث الصياغة القانونية والمواءمة مع التشريعات العراقية النافذة وعدم انتهاكه للدستور، وعدم تعارضه مع المواثيق الدولية، مستهدفاً تحقيق الأمن والتضامن والاستقرار"، حسب قوله.

وكان رئيس الجمهورية برهم صالح عدّ مشروع القانون الجديد "التعديل الأشمل منذ خمسين عاماً على قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 وتعديلاته التي أُجريَتْ عليه من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل والأوامر الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة".

الرئيس العراقي أشار إلى أن "المشروع تبناه مجلس القضاء الأعلى وتمت استشارة مجلس الدولة فيه، بينما عملت هيئة المستشارين في رئاسة الجمهورية عليه من خلال الاستفادة من الكفاءات العراقية والدوائر الفقهية المختلفة للوصول إلى صيغة تتلاءم مع الوضع الجديد في العراق".

 

 

روداو

Top