كيف يمكن للتأمل أن يغير وظائف الدماغ؟
يعتبر التأمل من الممارسات الرياضية القديمة التي تعود بالنفع على الحالة النفسية والذهنية، وقد ثبت بالفعل أنه يحظى بتأثيرات كبيرة على كل من الجسم والدماغ؛ إذ تبين أنه قد يتسبب في حدوث تغيرات هيكلية إيجابية داخل الدماغ، يساعد على تحسين المؤشرات الحيوية الصحية ويفيد في تغيير الأنماط الخاصة بنشاط الدماغ.
أولا ما هو التأمل؟
التأمل هو ممارسة يستعين فيها الفرد بطرق معينة كطريقة اليقظة أو طريقة تركيز الذهن على شيء، فكرة أو نشاط بعينه، لتدريب الوعي والانتباه وتحقيق حالة من الصفاء الذهني، الهدوء العاطفي والاستقرار. ورغم وجود عدة أنواع مختلفة من رياضة التأمل، لكن هناك 5 طرق رائجة يمكن اتّباعها وتحقيق أقصى استفادة منها، هي:
- تأمل اللطف المُحِب
يشجع هذا التأمل على الانخراط في تمارين اليقظة وتمارين النفس العميق بهدف الانفتاح على تلقي اللطف المحب من الآخرين وإعادة إرساله مرة أخرى في المقابل.
- التأمل المتسامي
ينطوي على تكرار نطق كلمة أو صوت ما في صمت لمدة تتراوح ما بين 15 ـ 20 دقيقة في اليوم بهدف زيادة التركيز، وعادة ما يجلس خلاله الأشخاص وعيونهم مغلقة.
- تأمل التخيل الموجَّه
يقوم خلاله المدرب أو المعالج بقيادة الجلسات ويطلب من الممارسين تخيل صور إيجابية.
- تأمل تكرار العبارات
ينطوي على استخدام طريقة "تكرار العبارات أو الكلمات" لزيادة التركيز وتحديد النوايا.
- تأمل وضعية الجلوس "زن / زازين"
يعود أصله لعلم النفس البوذي وهدفه هو تنظيم الانتباه.
كيف يمكن للتأمل أن يغير وظائف الدماغ؟
أظهرت الدراسات أن بمقدور التأمل زيادة كمية المادة الرمادية في الدماغ، ومعروف أن تلك المادة تلعب دورا في الحركة والإدراك الحسي، بما في ذلك العواطف، اتخاذ القرار، الكلام والسمع، علما بأن الإنسان يفقد تلك المادة كلما تقدم في السن. ولهذا لا يعمل التأمل على تحسين مستوى المادة الرمادية الحالي في الدماغ فحسب، بل يساعد أيضا في الحفاظ على صحة تلك المادة في سنوات العمر اللاحقة.
ووجدت الدراسات نفسها أن التأمل يعمل في الوقت ذاته على زيادة سمك قشرة منطقة الحصين في الدماغ، علما بأنها المنطقة المسؤولة عن تنظيم العواطف والذاكرة، كما ثبت أنه يقلل حجم اللوزة الدماغية المسؤولة بالأساس عن الخوف والتوتر.
واتضح أن التأمل يمكن أن يُغَيِّر النشاط الحاصل في الدماغ، أو ما يعرف بالمرونة العصبية، التي يمكن تعريفها بأنها قدرة الدماغ على إعادة تنظيم نفسه عبر تكوين روابط عصبية جديدة طوال الحياة. وبمعنى آخر، يمكنه تغيير الطريقة التي تفكرين بها والطريقة التي تستجيبين بها من الناحية العاطفية، وهو ما تم إثباته وفقا للدراسات.
باسنيوز