• Wednesday, 25 December 2024
logo

الجزائر: ماهي دلالات ضعف الإقبال في الانتخابات التشريعية الأخيرة؟

الجزائر: ماهي دلالات ضعف الإقبال في الانتخابات التشريعية الأخيرة؟

باعتراف السلطات الجزائرية نفسها، فإن الإقبال على الانتخابات التشريعية الأخيرةكان ضعيفا، وقد مثلت تلك الانتخابات، الأولى من نوعها، منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في البلاد، في 22 شباط/فبراير عام 2019، وهي الاحتجاجات التي بدأت بمظاهرات ترفض ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لفترة خامسة في منصب الرئاسة، أو "العهدة الخامسة" كما كان يطلق عليها في الجزائر، ثم اتسع نطاقها للمطالبة باصلاحات سياسية أوسع نطاقا.
ويبدو أن معرفة نتيجة تلك الانتخابات، سيستغرق بعض الوقت، إذ قال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر، إن عملية فرز الأصوات، تتطلب وقتا كبيرا قد يصل إلى 4 أيام، بسبب تعقيد العملية الانتخابية، جراء تعدد القوائم، مقارنة بالانتخابات السابقة على حد قوله، وفي وقت ينتظر فيه أن تستمر عملية الفرز لأيام، تبرز إلى الواجهة الحقيقة الواقعة، بأن تلك الانتخابات، شهدت إقبالا دون المستوى، من قبل الجزائريين، وهو ما يضع علامات استفهام، حول ما إذا كانت نتائجها، تعكس الرأي الحقيقي لعموم الجزائريين، بكافة اتجاهاتهم في أنحاء البلاد.
إقبال أقل من التوقعات
ووفقا لرئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات نفسه، فإن نسبة المشاركة العامة المبدئية في الانتخابات، بلغت 30,20 في المئة، وهي نسبة الإقبال الأقل، التي تشهدها انتخابات تشريعية في البلاد، منذ عشرين عاما، إذ بلغت نسبة المشاركة في انتخابات عام 2017 ، 35,70%، في حين سجلت انتخابات عام 2012 نسبة مشاركة بلغت 42,90 %.وكانت سلطة الانتخابات قد قالت أيضا، إن 3.78 بالمئة فقط من الناخبين، أدلوا بأصواتهم خلال أول ساعتين من التصويت، في وقت تحدثت فيه تقارير، عن خلو لجان كاملة من الناخبين، وأشار بعضها إلى أن ضعف الإقبال كان وراء قرار السلطات الجزائرية بتمديد عمليات التصويت لمدة ساعة.وتبدو نسبة الإقبال المتحققة خلال هذه الانتخابات، بعيدة كل البعد عما كانت تأمله السلطة في الجزائر، إذ كانت تعلق الآمال على نسب مشاركة، تتراوح بين 40 و50% على الأقل، لكن تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي أدلى بها بعد إدلائه بصوته، عكست عدم اهتمامه بمدى مشاركة الجزائريين بتلك الانتخابات، إذ قال للصحافيين:"سبق أن قلت إنه بالنسبة لي، فإن نسبة المشاركة لا تهم. ما يهمني أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية".
تجاهل لمطالب الشارع
غير أن مراقبين يرون أن إصرار السلطة، على تطبيق "خارطة طريقها" الانتخابية التي وضعتها، دون التفات إلى مطالب الشارع، التي مثلها الحراك الجزائري الأخير، تمثل تجاهلا لقطاع كبير من الجزائرييين، الذين قاطعوا الانتخابات، والذين لم يروا فيها وسيلة لتحقيق مطالب الحراك، من "إقامة دولة القانون والقضاء المستقل والانتقال الديمقراطي للسلطة".
وكانت جماعات حقوقية، قد رصدت تصاعدا في أعمال القمع للمعارضين، قبل بدء هذه الانتخابات، في ظل مقاطعة قطاع كبير من الطبقة السياسية لها، خاصة تلك التي شاركت بقوة في حراك شباط/ فبراير الماضي، إذ منعت السلطات المسيرات، وكثفت من الاعتقالات ضد المعارضين السياسيين، والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه السلطة الجزائرية أن هذه الانتخابات تمثل محطة مهمة، ضمن خارطتها الانتخابية، وأنها ستسهم في ترسيخ الديمقراطية في البلاد، يرى مقاطعوها، أنها ليست سوى مطية للسلطة، من أجل تثبيت الوضع القائم، والحفاظ على "النظام الاستبدادي" ومصالح القائمين عليه، عبر إضفاء صبغة شرعية وقانونية، حسبما يقولون.
وفي ظل قانون انتخابي جديد، وتعديلات دستورية جرت الانتخابات الاخيرة وفقا لها، فإن التكهن بالفائز بالانتخابات، يبدو أمرا صعبا للغاية، كما تبدو أيضا هوية الحكومة القادمة، وما إذا كانت ستقودها أغلبية رئاسية أم برلمانية أمرا مبهما.
وتسود توقعات بفوز كبير، للأحزاب ذات التوجه الإسلامي، والقائمة بموافقة من السلطة، باعتبار أنها الأكثر تنظيما ،وحضورا في الشارع، وعلى رأسها حزب حركة مجتمع السلم، والذي يعد أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، إلا أنه وفي ظل الاختلاف الواضح في الخط السياسي، فيما بين تلك الأحزاب، وفي ظل قرب بعضها من السلطة وبعد الآخر، فإن المراقبين يستبعدون تماما، فكرة أن تدخل تلك الأحزاب في ائتلاف يسمح لها بتشكيل الحكومة المقبلة.

Top