عن نجاح اقليم كوردستان وتساؤل حول مستقبل دور واشنطن في روجافا
اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية أن هناك "توازنا حساسا" فيما يتعلق بمستقبل نجاح الدور الاميركي المساعد لخلق الاستقرار والرفاهية التي يتمتع بها اقليم كوردستان في العراق والمناطق الكوردية في سوريا.
ورأت الصحيفة الاسرائيلية في تقريرها الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان هناك تساؤلات حول الدور الطويل الأمد لاميركا في شرقي سوريا، وما ستفعله واشنطن إزاء هجمات الفصائل المدعومة من الايرانيين على قواتها المتمركزة في اقليم كوردستان.
المكان الآمن
وحول اقليم كوردستان، قالت الصحيفة انه يمثل "قصة نجاح اقتصادي وقد لجأ الكثير من العراقيين اليها من أجزاء اخرى من بلدهم التي تعيش في حالة من الفوضى"، مضيفا ان الايزيديين والمسيحيين والتركمان وغيرهم يشكلون النسيج المتنوع لمجتمع اقليم كوردستان. كما اشارت الى ان الكثير من العرب فروا من تنظيم داعش الى إقليم كوردستان، وعندما رحل داعش، فر اخرون من الميليشيات الموالية لايران طلبا للامان في اربيل.
واشارت الى ان الكثير من الروابط الاقتصادية بين الاقليم وبين الاقتصاد التركي من خلال البنوك والبضائع التركية، بالاضافة الى روابط الإقليم مع إيران.
ولدى تركيا قواعد عسكرية في الإقليم حيث تقاتل ضد حزب العمال الكوردستاني، وهي توسع نفوذها، وهناك شائعات تتحدث عن سعي تركيا للوصول الى سنجار، او الى مناطق اقرب لدهوك واربيل، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
وفي الوقت نفسه، تريد ايران ان تلعب دورا وهي تحاول القضاء على المنشقين الايرانيين المقيمين في الإقليم.
الدعم الحيوي
أما واشنطن، فانها تريد مساعدة الاقليم، وهي قامت بتدريب البيشمركة من خلال التحالف المعادي لداعش، ولديها قاعدة مترامية الأطراف في مطار اربيل الدولي وهي تعرضت لهجمات من الميليشيات الموالية لإيران بينها هجوم بطائرة درون في نيسان/ابريل الماضي.
ويعني ذلك، بحسب الصحيفة الاسرائيلية، ان الدعم الاميركي حيوي للامن والاستقرار، مضيفا ان اقليم كوردستان هو احد الامكنة التي بإمكان الجنود الاميركيين ان يتم الترحيب بهم وإبداء المحبة لهم من قبل السكان المحليين، وأن الخطر يأتي من الخارج، وليس من داخل الإقليم.
الا ان الاقليم يقع تحت وطأة مطرقة وسندان الضغوط الايرانية والتركية، حيث ان الدولتين تريدان خروج الولايات المتحدة.
المكائد الأميركية
واشارت الى ان اقليم كوردستان خلال الحرب مع داعش، شكل نجاحا استراتيجيا، ولعب دورا اكبر من حجمه الفعلي وادار كركوك وسنجار، وكانت الدولة العراقية شديدة الضعف لدرجة ان حكومة اقليم كوردستان أدت أدوارا كدولة اكبر من بغداد نفسها، مضيفا أن "الوضع تغير مع مرور الوقت".
وتابعت ان الكورد عايشوا ذلك من قبل وتم التخلي عنهم في الماضي، وتمت التضحية بهم بسبب المكائد الاميركية خلال الحرب الباردة، في حين ان الامال القديمة المعلقة على روسيا أو الولايات المتحدة أو غيرهما، فقد تلاشت.
وتدرك حكومة اقليم كوردستان ذلك، وقادتها، مثل الرئيس نيجيرفان بارزاني ورئيس الحكومة مسرور بارزاني او لاهور طالباني، كبروا وهم يدركون الدروس التي تعلموها من مسعود بارزاني وجلال طالباني. واضافت الصحيفة ان الدعم الاميركية لحكومة الاقليم مهم، لكنها ليست "اللعبة الوحيدة" القائمة في المنطقة، موضحة ان الاقليم ناجح ولديه العديد من الاصدقاء من فرنسا والمجر الى كندا، وهم يعلم كيف يتحرك بين المطالب التركية والايرانية، حتى انها تتلقى التقدير عموما في بعض الأوساط التركية والايرانية.
روجافا والأسد
وذكرت ان "النظام الايراني يتباهى بانه انقذ اقليم كوردستان من داعش، وهناك فيديو يظهر فيها مسعود بارزاني خلال الأيام السوداء من أغسطس/آب 2014 عندما بدا أن الخسارة شاملة، ويتم الترحيب به من قاسم سليماني الذين وصل الى اربيل حاملا الدعم الإيراني".
وتابعت "هذا كان صحيح جزئيا. عندما احتاجت اربيل المساعدة، كانت ايران هناك، لانه بخلاف نظام صدام المرتكب للابادة، فان ايران لم ترتكب ابادة ضد الكورد". واضافت ان تركيا ترفض الوجود الكوردي، وايران لديها محافظات كوردية. وبخلاف سوريا حيث لم يتمكن الكورد حتى من الحصول على الجنسية، فإنهم في ايران هم مواطنون على الاقل.
اما في روجافا، كوردستان الغربية، فانها منطقة اصغر مساحة واقل كثافة سكانيا مقارنة بالمناطق الكوردية في تركيا او ايران او العراق، وهي منطقة تم اهمالها طويلا من قبل نظام الأسد.
وأوضحت انه عندما انطلقت الثورة السورية بدأ النظام السوري يدرك انه بحاجة الى المنطقة الكوردية وحاول تخفيف القمع، إلا ان ذلك لم ينجح تماما.
وتابعت ان من بين المستفيدين من الحرب الاهلية "وحدات حماية الشعب" والسلطات المدنية المكونة لها، وحزب الاتحاد الديمقراطي ومجموعات اخرى مرتبطة بها. وأشارت إلى أنه بحلول العام 2014 ، عندما كان داعش يرتكب الابادة الجماعية في العراق، فان وحدات حماية الشعب هي التي ساعدت الايزيديين على الفرار عبر سوريا الى مخيمات النازحين، وهو ما منع وقوع ابادة جماعية أكثر بشاعة.
ولهذا، فإن واشنطن التي شهدت هذا "النجاح"، بدأت في دعم وحدات حماية الشعب التي ساعدت في تشكيل جيش شامل مناهض لداعش يسمى قوات سوريا الديمقراطية. واشارت الصحيفة الى دور المبعوث الأميركي الخاص بريت ماكغورك، مضيفة أن القوات الاميركية الخاصة انخرطت في القتال وسرعان ما دفعت قوات سوريا الديمقراطية، داعش إلى التراجع والحاق هزيمة بها في الرقة العام 2017 وضغطت للقضاء على داعش في الباغوز على ضفاف نهر الفرات في العام 2019.
ارتدادات نجاح قسد
وبرغم ذلك، كان لنجاح قوات سوريا الديمقراطية ارتدادات عابرة للحدود في تركيا التي تديرها حكومة إسلامية. واوضحت الصحيفة ان انقرة اتهمت حزب العمال الكوردستاني بأنه مشابه لوحدات حماية الشعب، مما دفع تركيا للتدخل العسكري في سوريا في العام 2016.
ولفتت الى انه على غرار العقلية الاميركية في الحرب الباردة والتي تخلت عن الكورد في السبعينيات وعشقت نظام صدام حسين، أحب بعض المسؤولين الاميركيين الجهاديين المتطرفين وأثاروا اهتمامهم واعتبروهم بمثابة مكسب محتمل لهم في المنطقة.
وفي المقابل، قال مسؤولون اميركيون آخرون من مؤيدي السلام والاستقرار اللذين حققتهما قوات سوريا الديمقراطية، بدلا من الفوضى والابادة الجماعية لتنظيمات مثل هيئة تحرير الشام، للكورد إن واشنطن ملتزمة الى جانبهم إذا قدموا بعض التنازلات هنا وهناك.
لكن الصحيفة انتقدت فكرة "التنازلات" هذه كالسماح بسيطرة تركيا على مدينة عفرين او على مدينة تل أبيض. وتابعت ان الامم المتحدة انتقدت الفكرة التي طرحتها انقرة حول "المنطقة العازلة" في الشمال السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الشيء الوحيد الذي يقف في طريقها هو وجود القوات الخاصة الاميركية".
بايدن واللوبي التركي
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول؛ إنه مع دخول جو بايدن الى الحكم، فانه اخرج اللوبي الأميركي المؤيد لانقرة، ويحاول المحافظة على الاستقرار في شرق سوريا، لكن هناك امور تدعو الى القلق.
ومن بين هذه الأمور، يبدو ان شركة نفط منحت امتيازا في عهد دونالد ترامب قد تفقد ترخيص عملها في الشرق السوري.
وتابعت أن هناك احتمالا في ان يتم بالتالي وقف التمويل عن قوات سوريا الديمقراطية التي دربت الولايات المتحدة حوالي 80 ألف عنصر منها على محاربة داعش.
كما اضافت ان هناك عشرات آلاف النازحين في مخيم الهول والاف من معتقلي داعش في شرق سوريا، والعديد منهم من الأجانب، بما في ذلك من أوروبا التي لا تريد استعادتهم، وهذا يخلق عبئا اقتصاديا وأمنيا.
ولهذا خلصت الصحيفة الى القول ان التساؤل هو ما إذا كانت واشنطن قادرة على الحفاظ على الاستقرار الذي ساعدت على خلقه في شرق سوريا، مضيفة أن ما يحدث في روجافا مهم ايضا لحكومة اقليم كوردستان عبر الحدود حتى برغم حقيقة أن السلطات في حكومة اقليم كوردستان لا تتوافق مع السلطات التي يقودها الكورد في شرق سوريا.
وفي مقابل الموقف التركي المراهن على خروج الأميركيين من المنطقة، قالت الصحيفة الاسرائيلية "السؤال هو ما اذا كانت الولايات المتحدة ستبقى وتفعل أكثر مما كانت تفعل في الماضي".
شفق نيوز