هل يأخذ كل السوريين الانتخابات الرئاسية الحالية على محمل الجد؟
"عرس ديمقراطي"، أم "مهزلة تهدف إلى تكريس الحكم الاستبدادي للرئيس بشار الأسد"، وجهتا نظر على طرفي النقيض، على مسرح الانتخابات الرئاسية السورية الجارية حاليا، أولاهما يروج لها النظام السوري، وداعموه الداخليون والدوليون، والثانية يروج لها المعارضون، الذين يرون أن هذه الانتخابات وفي ظل الملابسات التي تجري فيها، ستؤدي إلى فوز شبه مؤكد للرئيس السوري.
ويوم الخميس 20 أيار/مايو الجاري، فتحت السفارات السورية في الخارج، أبوابها ليدلي السوريون بأصواتهم في تلك الانتخابات،قبل ستة أيام، من موعد الانتخابات في الداخل، إذ من المقرر أن تفتح لجان الانتخابات داخل سوريا أبوابها للناخبين، في السادس والعشرين من آيار/ مايو الجاري، في ظل حديث من قبل كثير من السوريين في الخارج عن أنهم لايأخذونها على محمل الجد.
رفض غربي
على المستوى الدولي لا تحظى هذه الانتخابات، سوى بدعم أنصار النظام السوري، اقليميا ودوليا، وعلى رأسهم الصين وروسيا وإيران، في وقت عبرت فيه دول غربية عدة، بجانب أمريكا،عن رفضها لتلك الانتخابات، ووصفتها بأنها غير شرعية، ولا تمثل الشعب السوري، نظراً لظروف إقامتها في ظل غياب البيئة الآمنة والمحايدة، واستثناء نحو 13 مليون سوري،موزعين بين نازح ومقيم ضمن المناطق الخاضعة للنفوذ التركي، ومناطق سيطرة الإدارة الكردية شمال شرقي سوريا، واستبعاد المعارضين المقيمين في الخارج.وكانت دمشق قد ردت بشدة السبت 22 أيار/مايو، على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية بشأن الانتخابات، والتي اعتبرت في بيان لها الجمعة 21 أيار/مايو، أن الانتخابات الرئاسية السورية "باطلة ولا شرعية لها".، ويأتي الموقف الرسمي الفرنسي، متناقضا مع سماح السلطات الفرنسية في الوقت نفسه، بإجراء الانتخابات، للسوريين في الخارج في مقر السفارة السورية في باريسعلى الجانب الآخر، فإن حلفاء النظام السوري، وعلى رأسهم روسيا وإيران، يرون أن الانتخابات الرئاسية السورية، تمثل إنجازا كبيرا، وقد انتقد البلدان مرارا مواقف الدول الغربية، وعلى رأسها واشطن، والتي ترى أن تلك الانتخابات لا تمثل السوريين تمثيلا حقيقيا، وأنها لن تعترف مطلقا بنتائجها، وكانت روسيا قد اعترضت على رفض الأعضاء الغربيين، في مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، نتيجة الانتخابات الرئاسية في سوريا، خلال جلسة للمجلس في 28 نيسان/ أبريل الماضي.
ترتيبات محكمة
لكن الملفت في ظل كل ماتقوله المعارضة السورية، وعدة أطراف غربية، لا تعترف بهذه الانتخابات، هو مضي النظام في إجرائها عبر ترتيبات معدة بشكل جيد، يصفها المعارضون بأنها أشبه بمسرحية متقنة، فقد أعلن مجلس الشعب السوري في 18 نيسان/إبريل فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، في جلسة استثنائية له.
ودعا رئيس المجلس حموده يوسف صباغ وقتها، السوريين الراغبين بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية العربية السورية، للتقدم بطلبات الترشح للمحكمة الدستورية العليا، في غضون عشرة أيام، ليعود ويعلن بعد ذلك عن تزايد في عدد طلبات الترشح لمنصب الرئيس، لتصل إلى 51 طلبا، يقلصها بعد فحصها إلى مرشحين اثنين ينافسان الرئيس بشار الأسد على المنصب، رغم ما تقوله المعارضة من أنهما لايملكان أي حظوظ أو أنهما ربما دفعا للترشح.
أساس قانوني للرفض
يرتكز رفض المعارضة السورية والكثير من الدول الغربية لهذه الانتخابات وما ستسفر عنه، إلى أساس قانوني، عبرت عنه المعارضة كما عبر عنه دبلوماسيون غربيون في عدة مناسبات، حيث رأوا أن الانتخابات لا تتم وفق الشروط المنصوص عليها، في القرار 2254، والذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالاجماع، في العام 2015 لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.
وينص القرار على صياغة دستور جديد لسوريا، تجري وفقا له الانتخابات، بما يسمح بحرية ترشح المعارضين، وهو ما لم يتم حتى الآن، ومن ثم فإن المعارضة السورية والأطراف الغربية، تعتبر أن الانتخابات الحالية غير قانونية، لأنها خالفت نص القرار بصياغة دستور جديد للبلاد في حين يستند النظام السوري في إجرائه للانتخابات لدستور البلاد، الذي أقر في البلاد عام 2012، والذي تعتبره المعارضة السورية "غير شرعي"، بسبب الظروف التي أُقر بها، خاصة إجراءات الاستفتاء عليه، وطريقة وضعه وتفصيله بالقياس مع متطلبات رئاسة النظام الحالية، على حد قول المعارضة.