• Friday, 26 April 2024
logo

الحزب السياسي و مستقبل القوى في المجتمع الديمقراطي – الحزب الديمقراطي الكوردستاني نموذجا.

الحزب السياسي و مستقبل القوى في المجتمع الديمقراطي – الحزب الديمقراطي الكوردستاني نموذجا.
لقد أتصف تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني من قبل القائد القومي مصطفى البارزاني بأسلوب خاص في تأريخ الأحزاب السياسية الكوردستانية والمنطقة بصورة عامة. و ينطلق هذا التميز و الخصوصية مع التفكير، بعد أندلاع ثورة بارزان الثانية و مشاركة البارزاني مصطفى و رجاله في جمهورية كوردستان الديمقراطية، التفكير في تأسيس الحزب.. ما يعني أنطلاقة أندلاع الثورة والنضال الوطني والقومي الشامل ومن ثم التفكير في تأسيسه.. وقد تكون خصوصية البارتي تميزه هذا لم تشهد وقفة منصفة. إلا أنها بحاجة اليوم الى وقفة و قراءة شاملة والتي هي بدورها مسعى و محاولة أخرى للعودة الى مدارك التأريخ وربط الماضي بالحاضر والراهن بالمستقبل. و يكون ضمانة لعدم ضياعه داخل سطور التأريخ بل و يقرأ الراهن من بين تلك السطور ويحدد خريطة طريق المستقبل أيضا. وهي كلها تعيد بنا الى إثارة سؤال:
لماذا كان من الضروري تأسيس حزب ديمقراطي قوي؟ وتكون التأسيس هي الرد على ذلك والذي يبلغنا أن الحركة التحررية الكوردستانية التي شهدت مظهراً قومياً شاملاً إبان أو منذ ثورة بارزان الثانية وجسدت مشاركة البارزاني مصطفى و رفاقه في جمهورية كوردستان الديمقراطية هذا المفهوم بصورة عملية في وحدة المسألة الكوردية أينما كانت مع ضرورة مراعاة خصوصية كل جزء و حقبة و زمن.. وكان الواجب، في فكر البارزاني مصطفى، وجود آلية مناسبة لديمومة النضال و تنظيم القدرات نحو تحقيق أهداف مرحلة التحرر الوطني، طريقاً وأداة لربط جميع الأمكانيات والقوى و التوجهات المختلفة مع بعضها البعض، وكانت تلك الآلية أو الوسيلة تأسيس حزب ديمقراطي قوى يتمكن من أحتضان جميع شرائح شعب كوردستان على أختلاف قومياتهم و دياناتهم و مناطقهم إنطلاقاً من قلب الثورة والمقاومة وبناء مجتمع سيادة القانون والعدالة، في المناطق التي كانت تسمى (مناطق الثورة المحررة).

(البارتي كوسيلة لجمع قوى الأمة)
عندما عاد البارزاني في صيف عام 1943 من السليمانية الى بارزان واثار ثورة بارزاني الثانية، كان قد خطط من هناك في حاجة الأمة الى نقل الثورة من مستوى(المناطقية) الى مدارج ثورة وطنية و قومية شاملة و ماثل هذا التحول الذي أسس له البارزاني مصطفى في الحركة التحررية الكوردستانية (حفل الشاي) الذي نظمه جورج واشنطن في ولاية بوسطن للأمريكيين قبل، اندلاع الثورة الأمريكية وأعلن فيه( لن ندفع بعد الآن الضريبة لبرلمان لا يمثلنا) حيث أعلن البارزاني للعالم بعودته من السليمانية(منفاه آنذاك) الى بارزان:
أن الكورد لا يقبلون بعد الآن بالعيش في بلد يغتصب و يخرق حقوقهم : ولا نحترم، على على غرار رسالة جورج واشنطن، حكومة لا تمثلنا).. وقد ساندت الأحزاب السياسية في تلك الحقبة بصورة عامة و حزب(هيوا) بصورة خاصة و الضباط الأحرار، ساندت البارزاني مصطفى ، كما ساند الأمريكيون جورج واشنطن على أختلاف مللهم ونحلهم، في أندلاع ثورة شاملة وتم تأسيس لجنة بإسم(لجنة آزادي)لقيادة الثورة والتي أجرت ولأول مرة في تأريخ الحركة التحررية الكوردستانية، مفاوضات رسمية مع الحكومة الملكية آنذاك بشأن مختلف المسائل القومية الشاملة.
لقد أوصل أندلاع ثورة بارزان الثانية، ومشاركة البارزاني و رجاله في جمهورية كوردستان الديمقراطية، البارزاني مصطفى الى قناعة بإن الثورة التحررية القومية هي بحاجة ماسة الى وسيلة فعالة تتمكن من توحيد جميع إمكانيات شعب كوردستان للوصول الى التحرر والأنعتاق، وكانت الوسيلة الأمثل في فكر البارزاني مصطفى تأسيس حزب ديمقراطي قوي ولكن نتساءل: ماذا كان البارزاني يهدف من وراء تلك التسمية؟ وهو سؤال مرده الآلية التي أسس عليها الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهي:
1- أن يكون البارتي جبهة وطنية لجمع عموم القوى السياسية والشخصيات الوطنية.
2- وأن تكون قيادة هذا الحزب في مرحلة التحرر الوطني قيادة جماعية تعكس مختلف المكونات والمناطق الكوردستانية، ولو عدنا من هذا المنطلق الى أسماء الأعضاء المؤسسين لوجدنا مراعاة صريحة لهذه الوجهة في تشكيل و تأسيسه .
3- وكانت فلسفة تأسيس البارتي مبنية على وحدة و عدالة و مساواة أضطهاد شعب كوردستان على أختلاف دياناته و قومياته وكان السبب الوحيد لهذا الأضطهاد هو لأنهم كورد أو كوردستانيون، لذا فقد كان البارتي يمثل شعباً وأمة مضطهدة بكاملها وليس شريحة أو ديانة محددة..
4- وأنصبت قناعة البارزاني الخالد في أن تكون اهداف الثورة الكوردستانية من أجل الحرية والمساواة والعدالة.. و بادر مع بدايات أنطلاقها. و قبل أن ينتظر أنتصارها الى بناء مجتمع سيادة القانون والحرية والعدالة والأهم من ذلك أنه قد فصل سلطة القانون عن كل ما سواها وأضطر بيشمه ركة ثورة أيلول للأنصياع للقانون.... إن التنوية الى هذه النقاط يوجد لدينا نوعاً من الفهم لفكر البارزاني الخالد في تأسيس حزب سياسي قوي مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني(البارتي) والذي يبلغنا ان البارتي في فكر البارزاني كان بمثابة خيمة لوحدة البيت الكوردستاني و سبب لجماع كل القدرات والأمكانيات لدى شعب كوردستان ليتمكن من أنجاح الثورة و بناء المجتمع الديمقراطي و سيادة القانون معاً.

(التمازج الوجداني بين الناس والحزب)
لقد حدد أيفان دوهرت رئيس برامج الأحزاب السياسية في المعهد الوطني الديمقراطي(NDI) وبكل وضوح السبب الرئيسي لمشكلة الأحزاب السياسية في دول العالم الثالث أو تلك التي تسمى(الدول النامية و يقول: إن مشكلة الأحزاب السياسية في الدول النامية تكمن في : إما أن الأحزاب قوية وغير ديمقراطية أو هي ضعيفة ولكن ديمقراطية و نادراً ما نجد فيها حزباً سياسياً قوياً و ديمقراطيًا في ذات الوقت.) ولو أمعنا النظر في هذه النقطة التي حددها دورهرتي نهاية تسعينيات القرن الماضي كوباء أمام بناء المسألة الديمقراطية، فإن الملاحظ أننا عندما نعود الى تأريخ تأسيس البارتي إنما نشعر أن البارزاني مصطفى قد سعى منذ بدايات تأسيسه من أجل أبعاد آلية تأسيس الأحزاب السياسية في كوردستان من مثل هذا الوباء أو الآفة.. لذا أنصبت كل جهوده من أجل جمع( القوة والديمقراطية) معاً داخل الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أي أن يكون قوياً و ديمقراطياً في آن واحد، وعندما نذكر هذه الحقائق لا نقصد في ذلك الأشادة بالبارتي أو تحليته بشعارات ديمقراطية ذلك لأن غالبية الأحزاب السياسية في دول العالم الثالث، بما فيها يسارية وأسلامية سياسية، تسمى نفسها أحزاباً ديمقراطية إلا أنها تفشل في عملية البناء الديمقراطي ولا بد هنا من التساؤل: ما هي الخصال التي جعلت من البارتي حزباً قوياً و ديمقراطياً ونترك المقارنة هنا للقارئ العزيز ونشير اليها كالآتي:
1- الحزب القوى والديمقراطي هو نتاج متطلبات الشعب والأمة أي أنه ليست هناك شعارات مبدئية براقة لدى الحزب الديمقراطي الكوردستاني ولا يدعى أنه يصنع و يبنى الجنة للمواطنين، بل بعدم السماح بجعل المجتمع جحيماً بحد ذاته ما يؤكد ثانية ان البارتي هو نتاج متطلبات الناس والمجتمع حيث أصبح أو لبى متطلباتهم عندما أحتاجوا وتطلعوا الى بروز حزب ديمقراطي قوى في أربيعينات القرن الماضي.
2- ولا يحاول البارتي تسييس المجتمع بأستخدام قوة الديمقراطية، بل لأيجاد العلاج الناجع لمطاليب الناس في أطار سياسي و قانوني، ما يؤكد أن تطلعاتهم تكمن في برنامج الحزب الديمقراطي القوى، فالبارتي يعمل وفق طموحات الناس و مطاليبهم، كما أقدم على تجسيد تلك المطاليب في الحرية ضمن أطار شعاره القوى(كوردستان أو الفناء) فقد كانت الأحزاب آنذاك وعموم شعب كوردستان مستعدين للموت من أجل الحرية و مساندة البارزاني الخالد في ثورة بارزان الثانية، وما أجمل ما عبر الشاعر الكوردي الكبير(بيره ميرد) عن ضمير كل فرد كوردستاني، إبان عبور البارزاني ورجاله نهره آراس نحو الأتحاد السوفيتي السابق بقوله(لا سبيل لدي لأتبعهم فأنا شيخ كبير وسوف أسقط إن خطوت خطوة واحدة في هذا الطريق) ويبين لنا هذا البيت من الشعر بإن الشيوخ كلهم، وليس الشباب وحدهم، كانوا يسعون لمرافقة البارزاني، ليست في الثورة فحسب، بل وحتى في الغربة لأن شعب كوردستان جميعاً يفضلون الموت على العيش بدون حرية.
3- الحزب الديمقراطي القوى هو رباط أو معبر لربط المصالح المختلفة فيما بينها، تلك المصالح التي تصنع نوعاً من السياسة الناعمة أو التي، تلك تسمى(كومبرومايز) بين مكونات المجتمع المختلفة داخل حزب واحد، وأن الحزب الديمقراطي القوى، ولكونه يسعى لتمثيل أمة بذاتها وليس قطاع أو شعب أو دين بعينه إنما يبدع نوعاً من التوافق أو الأنجسام بين المكونات المختلفة ولأن تكوينة الحزب الديمقراطي القوي هي أنعكاسة لمجموع المصالح المختلفة، فإن البارز في ذلك الحزب يكون بأستمرار هوأساليب وأليات مختلفة لممارسة السياسة والبرنامج الحزبي، والأهم من ذلك، ولأنه ليس للحزب الديمقراطي القوى خط أيديولوجي معين يدافع عن شريحة أو دين أو أمة بعينها، بل هو نتاج جمعي لمختلف التوجهات المختلفة داخل المجتمع وأنسجامها فيهما بينها، وتهتدي بمجموعها في مسار وتوجهات مثل هذا الحزب فلكل مكون لغته الخاصة يعبر بها عن طموحاته ولها جميعاً لغة مشتركة تعبر عنها مصلحتها العامة، ما يبرر أن الأنتقاد داخل الحزب الديمقراطي القوى يكون وفق آيديولوجية محددة، وليست هناك آيديولوجية مهمة تصل حد(القدسية) أو ليست لها أية أهمية تذكر بحيث يتم رفضها، كما أن وحدة الصف والخطاب تتولد داخل مثل هذا الحزب من نقاط الخلاف بين المكونات المختلفة، لا كما تفعل الأحزاب(الأيديولوجية) والتي تسعى لأستنباط وحدة الخطاب من محو الأختلافات، فللحزب الديمقراطي القوى تشابه الخطاب وليس وحدته وهي من أبرز سمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا.
4- لا وجود داخل الحزب الديمقراطي القوى للبرنامج الذي سمته الأحزاب الأيديولوجية ب(برنامج توعية و تثقيف الناس)، ويكون السبب في ذلك إنعكاساً لخصال و مظاهر هذا الحزب الذي لم يتأسس من أجل تثقيف الناس أو توعيتهم بل لأن يتخذ من وعيهم وأستنكارهم برنامجاً من شأنه معالجة مشكلاتهم و معاناتهم السياسية والقانونية، أي أن الحزب الديمقراطي القوى هو في أنتظار دائم بإن يقوم الناس بتوعيته وأثراء برنامجه وليس العكس والمعروف أن أكبر مشكلات الأحزاب الأيديولوجية تكمن في مساعيها في تحويل كل أنسان الى شخص ذي أتجاه واحد يكون نتاج آيديولوجية معينة.. إلا أن تلك الأحزاب، حتى وإن حاولت، لن تكون ديمقراطية حتى وإن كانت قوية لأن البشر في داخل الحزب الديمقراطي القوى هم متعددو التوجه وليسوا احاديين.
5- الحزب الديمقراطي القوى لا يسمح بتسييس جميع مسائل الحياة و جوانبها حتى لو كان وحده الحزب القائم في الساحة دون غيره، و ينطلق هذا التصور من حاجة البناء الديمقراطي الى الحفاظ على التوازن بين المجتمع المدني وبين النخب السياسية( الأحزاب) ولو عدنا من هنا الى تأريخ ثورة أيلول، لوجدنا انه صحيح أن الحزب الديمقراطي الكوردستان كان حزباً رئيساً و ممكناً في الساحة، غير أن البارزاني مصطفى قد سعى لتنظيم التطلعات المدنية للمجتمع داخل أطار منظمات المجتمع المدني، وكان أن شكل نقابات وجمعيات ومجموعات لكل قطاع مثل(النساء والطلبة والعمال وعلماء الدين والفنانين والأدباء..ألخ) أي ما معناه أن البارزاني مصطفى قد أدرك حقيقة عدم إمكانية أحلال تطلعات كل تلك القطاعات داخل برنامج الحزب الديمقراطي الكوردستاني وأوجد آثر ذلك مناخاً تكون فيه تلك التنظيمات وبأستمرار صوتاً عالياً للمطاليب وأن يعمل البارتي كحزب سياسي ديمقراطي وفق تلك الأصوات ويقترح لها أطارها السياسي والقانوني لذلك فقد جعل بناء هذا التوازن بينه و بين المنظمات المدنية مدرسة لتعلم كيفية الحكم وإدارته وبما يشمل جميع جوانب حياة المجتمع، ويكون إنعكاساً لمطاليب الناس.
6- ومن أروع مظاهر الحزب القوى الديمقراطي هو أن المناخ القائم لذلك الحزب هو أداة و سبب في تشويش أذهان الأحزاب الآيديولوجية و كما كانت بيئة المجتمع الديمقراطي على مدى القرن العشرين سبباً ملائماً للمجتمعات التوتاليتارية والسبب في ذلك هو، وكما أن كل شئ داخل المجتمع الديمقراطي قابل للأنتقاد، فإن الأمر يسير كذلك أيضاً داخل الحزب الديمقراطي القوى، ولأن الأحزاب الأيديولوجية ذاتها لا تسمح بوجود مثل هذه الأنتقادات داخل صفوفها، فإنها تقوم بقراءة النقد الموجود في الأحزاب الديمقراطية بإنها تشرذم وتفكك و مشكلات ويتصورها بإنها أحزاب تتراجع بأستمرار.
إلا أن ما يشكل مفاجأة سيئة لتلك الأحزاب الأيديولوجية، هو أنها أحزاب أقلية أمام صناديق الأقتراع فيما تنال الأحزاب الديقمراطية القوية ثقة أغلبية الناس.

(الباري و مستقبل القوة الديمقراطية)

نظراً لكون أو وجود أي حزب ديمقراطي قوى في العراق والشرق الأوسط ظاهرة نادرة فلم يحدث إلا قليلاً أن يكون فيها حزب سياسي قوى و ديمقراطي في وقت واحد، ما يجعل الحديث عن حزب مثل الديمقراطي الكوردستاني الذي ظل أمدى 67 عاماً من عمره حزباً قوياً و ديمقراطيا أمراً ليس بيسير، ونقصد بذلك أن المعايير التي تستخدم لأي حزب ديمقراطي قوى هي معايير الأحزاب السياسية في أي مجتمع ديمقراطي على غرار العراق والشرق الأوسط، هي معايير غريبة و تتصرف الأحزاب السياسية على عكسها ويتعرض الحزب الديمقراطي القوى، و بسبب تسلط المفاهيم والنماذج الحزبية الأيديولوجية في تلك المجتمعات، يتعرض الى أشكال من المعاداة، أو التعامل معه بشكل غير حضاري، ولأن مثل هذا الحزب يهيئ بيئة داخلية مفتوحة تكون معطياتها بأتجاه أنتقاده بصراحة وعندها، وكما كان أعداء المجتمعات المفتوحة يدعون لأسقاطها، فإن الأحزاب الأيديولوجية تتبع ذات الأسلوب في معاداة البيئة المفتوحة داخلها، وتعمل بإستمرار على أظهار حزب ديمقراطي قومي مثل الديمقراطي الكوردستاني وكأنه في تراجع دائم، أو إبراز نماذج سياسة والأنسجام وهي العامل الرئيسي للتعايش والعمل المشترك و بناء المجتمع الديمقراطي و سيادة القانون كأنتقادات توجه نحو الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
إلا أن السؤال الذي يجابه كل هذه الحملات والأنتقادات غير المنصفة التي توجه الى البارتي هو : لماذا لم يتشكل على مدى 67 سنة الماضية أي حزب قوى في العراق والمنطقة وعموم الشرق الأوسط مثل البارتي والرد هو العودة الى الأفكار التي تأسس البارتي على أساسها ثم لماذا أحتفظ هذا الحزب بجماهيره في كل الأنتقادات والنكسات ولم تتزعزع قاعدته الجماهيرية؟ والسبب هو أن الباري أداة و وسيلة من شأنها أن تؤمن مستقبلاً مشرقاً لأمتها وقد يعمد بعض من لا يستسغيون هذه الحقائق، الى قراءة هذه التوجهات في أن الغاية في أن يكون حزباً ديمقراطيا قوياً هي أن يكون البارتي الحزب الأوحد دون غيره إنما الواقع هو عكس ذلك فعندما يكون البارتي حزباً ديمقراطياً قوياً في كوردستان التي تنعم اليوم بالتعددية وأحد الخيارات المتاحة أمام جماهيرها ونال ثقة الأكثرية من أبناء كوردستان و يهدف الى أن يكون المصدر المستقبلي للقوة الديمقراطية في المنطقة، عندها يتطلب الأمر العودة فكر البارزاني مصطفى والتعلم منه بإن برنامج البارتي هو برنامج الناس و موئل تطلعاتهم ومن واجبه أعتماد تلك التطلعات في إطارها السياسي والقانوني وأيجاد الحلول المناسبة لها ما جعل البارتي جزءا رئيساً في عملية الحكم في البلد، و يستوجب منه أيضاً أن يكون، عن طريق ممثليه في البرلمان والحكومة، مصدر تلبية مطاليب الناس ، و تلك القوة المستقبلية التي تجعل عملية التنمية والديمقراطية من عملية إعادة بناء الى أخرى مستديمة.

البروفيسور جونيو فريد أو بيو لمجلة كولان:
الحزب السياسي جسر رابط بين الناس والحكومة

البروفيسور جو نيو فريد أو بيو هو أستاذ العلوم السياسية والأدارة العامة في جامعة نيروبي في كينيا و مختص في عملية بناء الديمقراطية والتنمية الأقتصادية في الدول النامية وأيضاً في مراحل الأنتقال الديمقراطي وأشكالات الديمقراطية في كينيا وقد حدثنا عن دور الحزب السياسي في البناء الديمقراطي في تلك الدول قائلاًً :
• لماذا هذه الأهمية لوجود الأحزاب السياسية بالنسبة للديمقراطية.
- الأحزاب السياسية هي في الواقع أدوات مهمة بالنسبة للديمقراطية لأنها تربي الناس وفق قيم الحكم وتهيئهم بشكل يكونون فيه موضع قبول الجميع في اداء الواجبات العامة، كما أنها مهمة لاديمقراطية لأنها تدافع عن وجهات نظر الناس وتفسح لهم المجال لتطوير فلسفة معينة، وعندما يتولد الصراع السياسي حول هذه المسائل فإنه سيكون متعلقاً بذات المسائل أي أنهم يتنافسون حول برنامج معين سواء كان رعاية صحية أم أدارة أقتصادية أو تحسين الأوضاع المعيشة أو توفير الأمن والأستقرار كما أن أهمية الأحزاب السياسية تكمن في بناء قيادات مختلفة أو متميزة، كون القائد المتميز يحتاج الى اختيار حر وتكون الأحزاب منصة لممارسة الأختيار الحر وتكون بذلك طرفاً في غاية الأهمية بالنسبة للديمقراطية ولا يسعني إلا أن أقول أن الأحزاب السياسية هي أرضيات تأهيل للأفراد و بناء قدراتهم و تمنحهم تركيزاً واسعاً و مناسباً في مدى ممارستهم السلطة وأعداد قدرات أدارتها.. لأن الواقع هو أن الأحزاب السياسية في كثير من المجتمعات وتولى الأفراد السلطات فيها عندها يمارسون السلطة بشكل سئ لأفتقارهم لقدرات أدارتها العامة لذا عندما تتم ادارة الأحزاب بصورة مؤسساتية وتقدمها بشكل جيد مع وجود ليته مناسبة للرقابة و المساءلة، عندها تتحول الأحزاب الى وسيلة فعالة لأستخدام السلطة في تلبية متطلبات الناس أي أن الأحزاب السياسية تؤدي دوراً في غاية المركزية في تقوية عملية التنمية والدمقرطة وبالأخص عندما تكون مؤسساتية بالكامل.
• كيف تتمكن الأحزاب السياسية من أيجاد توازن بين تمثيل الناس وبين تلبية مطاليبهم؟
- نعم انا أوافقكم الرأي في أن مشكلة الأحزاب السياسية، وبالأخص في الدول النامية، تكمن في وجود مستويات ونسب عالية من الفقر وأن الأحزاب فيها لا تشكل وفق أسس برنامج معين، بل تقوم بتقديم المساعدة والتعاون ولدينا في الكثير من الدول النامية مؤسسات من المقرر أن تطور الديمقراطية إلا أنها في الأساس عبارة عن مجموعة مؤسسات تقوم المصالح الشخصية بإدارتها، ويتم الأعتماد في كثير من تلك الدول على مؤسسات الأحزاب في أضفاء الشرعية على الأعمال غير القانونية.. أي أن الديمقراطية الموجودة في كثير من الدول النامية هي ديمقراطيات رمزية وتكون فيها المؤسسات المفروض بها أن تكون وسائل سياسية؟ هي أحزاب سياسية بالأسم فقط وتشكل بعضها على أسس قومية أو أثنية أو مناطقية و محلية ما يحتم حاجة أن يكون أعتماد المؤسساتية في الديمقراطية الى تنمية شاملة والسير جنباً الى جنب و دون الأهتمام بالتنمية فإنني أشك في أمكانية أية مؤسسة لمساعدة أي حزب ليكون فعالاً أي أن تكون التنمية جزءاً لا يتجزأ في عملية (الدمقرطة) و سوا كانت على مستوى المؤسسات أم الأفراد.
• وكيف السبيل لمنع ظهور السياسيين المعادين للأحزاب و ما هي المخاطر القائمة من الشخصية الجماهيرية على الديمقراطية؟
- المشكلة تكمن في أن كثيراً من الأفراد الذين يصبحون شخصيات جماهيرية أو مشهورة إنما تتطلع إلى نيل السلطة أو تحاول، كشخصية مستقلة لنيلها.. أما فيما يتعلق بتطوير الأحزاب فإن وجود الأحزاب السياسية مهم جداً و سواء كانوا مستقلين أم لاء.. ونتساءل ماالذي يساعد الناس في التغلب على وجهات نظرهم هذه ضد الأحزاب.. وبأمكاننا من هذه الزاوية تطوير المؤسسات الفعالة والقوية مع وجود تربية مدنية لتحسين الثقافة السياسية، على غرارما موجود في الولايات المتحدة فهناك حزبان رئيسيان، مع وجود مجموعة من الأحزاب الصغيرة إلا أن المشكلة تظهر عندما تتشكل مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية، على أسس أثنية أو طائفية أو دينية عندها يضعف تأثير و فاعلية الأحزاب السياسية، وتدفع بالأفراد نحو عدم الأهتمام بها.. إلا أن المهم في الأمره وجود عملية تسجيل وأعتماد شروط قوية من شأنها تحويل الأحزاب الى أدوات فعالة و مفيدة. وفي هذه الحالة سيكون الأفراد إما مستقلين أو أعضاء نشطين في الأحزاب و يثقون بفلسفتها لأن المسألة الرئيسة هي عبارة عن إدارة الشؤون العامة وتكمن الأهمية في كيفية تمثيلهم لمصالح الناس و تشجيع التوزيع العادل للأيرادات العامة، كما أن الأحزاب لا تكفي لوحدها بل تحتاج هي الأخرى الى قدرات الأفراد لتحسين أوضاع المعيشة للناس، لأن أهداف الأحزاب عبارة عن تحسين الخدمات العامة لذا فإن الأحزاب هي عامل مهم في كل هذه المسائل.
• وما مدى أهمية وجود الأحزاب لبناء العلاقة بين الحكومة والناس وبين الحكومة والمجتمع المدني ؟
- لأنه لا يمكن للناس أن يدخلوا البرلمان و يمثلوا فيه أنفسهم، فإن الأحزاب السياسية هي فرصة لأرسال أناس للبرلمان لتمثيل مصالحها،
أي أن الأحزاب هي بمثابة جسر لأيصال أحلام الناس و تطلعاتهم وتمثيل متطلباتهم والتعبير عن مشكلاتهم لتلبية مطاليبهم لأنه لا يمكن للناس جميعاً أن يتحدثوا في وقت واحد لذا فإن الأحزاب السياسية هي قناة لتمثيل جماعي بشكل أمثل – شكل مجموعات مصالح(لوبيات) لمصالح قطاع كبير من الناس الذين لا يملكون وليس لديهم ذات المنابر للحديث والمداولة فيما يتعلق بالمؤسسات، ولأن الأحزاب تؤدي دور الأرتباط بين الناس والحكومة، فإن عليها أن تسعى الى أعتماد المؤسساتية الحكومية وليس الأعتماد على سياسة تستند الى افراد، بل و تكوين مجموعة مؤسسات لا تكون شخصية ولا تهتم بمسألة (من أنا و من أنت) بل بكيفية تحقيق الهدف المنشود.. والذي يكون في هذه الحالة ما يفضله الناس و مراجعته بين حين وآخر و يشاركون فيه أيضا، أي أنه بأمكان الأحزاب السياسية أن تمثل المصالح الجمعية للناس، وبناء المؤسسات التي تعمل لصالحهم وعلى أسس المصالح الموضوعية لهم لبناء قدراتهم، وأن تحتضن تلك المؤسسات الجميع و تهتم بمطاليب الناس لأن الديمقراطية هي عبارة عن أرضائهم وبالتالي تلقى الحكومة لأخبار وأوضاع الناس وأن تنبع سلطاتها من الناس وتكون جزء من ضميرهم وأن يشعروابها و يكونوا هم بالتالي أصحاب القضية لأنه قد تم الأستماع الى وجهات نظرهم وسيكون هذا المسار الجانب الأقوى للديمقراطية وللتجربة التي لديكم الأن و تعيشونها.
• ما رأيكم في كيفية جعل الأحزاب السياسية جزءاً من الحل والمعالجة بدل كونها جزءا من المشكلة وكيف السبيل لمواجهة الفساد؟
- هناك مستويات متابينة للديمقراطية من أدناها والى أطار (خطوة فخطوت) ثم أعلى مستوياتها..
فالديمقراطية هي بشكل عام عملية خطوة بخطوة وليست مجرد فوز أو خسارة، بل أن ما يحتاج الى أن يعتمده المجتمع مستوى رفيعاً للتربية والتوعية المدنية هو تحسين القدرات والأمكانيات الأقتصادية للناس فهي التي تدفعهم لأن تكون لهم نظرة موضوعية فتحسن وضعهم الأقتصادي هو الذي يولد لديهم لوعي بشأن الحكومة فعندها يدركون كل شئ ويكونون المدافعين عن الديمقراطية وتذكروا مسألة عندما تشكل الأحزاب السياسية الحكومة فإن الأمر يتطلب وضعها تحت المراقبة والمساءلة.. ولو قمنا بدراسة الأقتصاد السياسي لوجدنا أن العلاقة والتفاعل بين السياسة والأقتصاد لها تأثير كبير فالنجاح الأقتصادي يغدوا بشكل أنسيابي سبباً في تولد القدرات التحليلية ثم أن الأقتصاد الضعيف يتمخض عن الفقر والأمية لذلك فإن الناس يتوجهون الى السياسة ليس لأن لديهم فكرة أو مبدأ أو يثقفون بشى معين، بل لأنهم يسعون للخلاص من واقعهم وتأمين التعاون والمساعدة.. ولست أدري كيف يمكن للأحزاب السياسية التغلب على هذه المسائل والمشكلات لأنها أكبر من تلك الأحزاب كونها تتعلق بالمجتمع والأقتصاد بصورة عامة وبالتجارة وفرص العمل وتحسين القدرات الأقتصادية، أي أن الواقع يقول أنها مسائل تتقدم بإيقاع زمني واحد، وأن أكبر خطأ يرتكبه الناس هو أنها تنظر للأحزاب السياسية وكأنها مجرد ممثليات سياسية وينسون ضرورة وجود برامج للتنمية الأقتصادية و بناء القدرات فبدون تأمين المستلزمات الأساسية للأنسان فإنما يحرم والى أقصى درجة، من الفرص الساعة و يكون له نظرة ذاتية بصورة عامة..
البروفيسور سكوت مينوارين لمجلة كولان: تقوم الأحزاب السياسية بمأسسة الديمقراطية و بدونها ستتحول السياسة الى صراعات شخصية.
البروفيسور سكوت مينوارين هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوكسفورد و مختص في شؤون الأحزاب السياسية في العملية الديمقراطية و يعتبر أحد المفكرين في سياسة الديمقراطية على مستوى العالم وتنوه الى بحوثه كمصادر وقد تحدث لمجلة كولان عن دور الأحزاب السياسية في المجتمع الديمقراطي:
• لماذا الرأي القائل بعدم وجود الديمقراطية بغياب أحزاب سياسية؟
- قد يكون السبب الأهم لذلك هو أنها تنقل مقترحاتها، و بشكل مبرمج، الى الناخبين حول كيفية الحكم وإدارته، و ستظهر، بغياب نظام حزبي مؤسساتي، شخصيات كبيرة و مهمة لا علاقة لها على الأكثر بتنمية الديمقراطية فالأحزاب السياسية تقوم بالتنظيم المؤسساتي للسياسة الديمقراطية و ترتيبها.. وقد يلجأ البعض الى أنتقاد الأحزاب السياسية و قد يكون محقاً في ذلك، إلا أن السياسية تتحول الى صراع شخصي بغياب الأحزاب السياسة.
* ألا تكون الأحزاب في الدول النامية عاجزة عن التوازن بين تمثيل الناس وتلبية متطلباتهم وبالتالي معضلة في طريق الديمقراطية؟
- في حالات عديدة لا تتمكن الأحزاب السياسية من تلبية تلك المتطلبات لأنه لم يتم التعبير عنها بصورة واضحة فعلى الأحزاب السياسية أن تمارس القيادة الى جانب تلبية مطاليب الناس وليس لدي أي رد مجرد وعام لسؤالكم هذا سوى القول بإن المسألتين مهمتان فالواجب أن تكون الأحزاب تلبية لمطاليب الناس وممارسة القيادة في آن واحد فمسألة القيادة هي في غاية الأهمية إلا أنها لم تحظ بالتركيز المفروض في الديمقراطيات الناجحة،
* ثم ألا يشكل ظهور الشخصيات ذات الشهرة الجماعية نتيجة تدني الثقة بالأحزاب السياسية مخاطر للديمقراطية ؟
- نعم هو كذلك في أكثر الحالات و حول كيفية تجنب الشخصية المشهورة فإن الأهم في ذلك أن يمارس الحزب الحاكم حكما رشيدا ولا يشترط أن يكون أداؤه جيداً في كل شئ، إلا أن أخفاقاته الطويلة والمتلاحقة تتسبب في أن يغير الناس و جهتم الى شخصيات خارجه وهو الجانب الأهم من ردي على السؤال أي أن يكون أداء الحكومة ناجحاً الى حد جيد.
* مدى أهمية وجود الأحزاب السياسية في الحفاظ على التوازن في العلاقة بين الحكومة والناس وبينها وبين منظمات المجتمع المدني؟
- الأحزاب السياسية هي في الواقع أحد مفاصل العلاقة- بين الناس والحكومة بل هي أهمها لأنه يتم عن طريقها أنتخاب الأشخاص الذين يتولون الحكم، و تربط أحياناً، وليس دائماً، بين المنظمات والحركات الأجتماعية وبين الحكومة ويمثلون الناس بشكل دائم، و تكون الأحزاب عادة الية مهمة لربط الحكومة بالمجتمع المدني و يمكننا تصور بديل أكثر مباشرة لها وهي مهمة في معظم الحالات وفي كثير من البلدان.. كما أن علاقات الأحزاب السياسية بالمجتمع المدني هي اليوم أضعف من السابق فالملاحظ أن هناك اليوم أنقطاعاً بين الجانبين و يفتقر الوضع الى آلية مناسبة لربط الناس بالحكومة أو التعبير عن تطلعاتهم وعلى العموم كان هذا الجانب من الترابط ضعيفاً بأستمرار.
* في المجتمع الديمقراطي تكون المعارضة عاملاً مهماً في تطوير الديمقراطية فكيف تتمكن من دفع الحكومة للحكم والعمل بصورة مسؤولة؟
- بإمكان المعارضة بلا شك أن تؤدي دوراً أيجابياً في ذلك عن طريق أداء الحكومة و ممارسة معارضة مسؤولة و بناء الديمقراطية و حمايتها وأعتبارها هدفاً سامياً وليس مجرد مصالح حزبية ضعيفة، هذه بعض الأعمال التي من المفروض أن تقوم بها المعارضة وعلى الأحزاب السياسية تفضيل المصلحة العامة على مصالحها الحزبية في مختلف المراحل وهذا بالذات يعني قبل كل شئ تقديم مسألة بناء و حماية الديمقراطية على المصالح الحزبية.
* و ما مدى أهمية عملية الدمقرطة الداخلية للأحزاب السياسية في بناء الديمقراطية؟
- أما منا تأريخياً وجود أحزاب لم تكن ديمقراطية داخلياً، و مع ذلك كان لها أسهامها الكبير في تحقيق الديمقراطية ولم ينوه التأريخ الى عدم وجود أي حزب سياسي أتسم بالديمقراطية الداخلية كما ينبغى فالأحزاب السياسية البريطانية أو الأمريكية على سبيل المثال لم تكن ديمقراطية في الداخل وتعتبر الأنتخابات الأولية أحد أهم الحلول كما أن أجراء أنتخابات شفافة و منظمة لقادة الحزب هي الأخرى طريقة ثانية لمعالجة مسألة الديمقراطية وغيرها من الطرق الموازية لهذه المعالجة في مسألة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية.

ترجمة / دارا صديق نورجان
Top