• Thursday, 25 April 2024
logo

تركيا تلعب دوراَ جديداً في متغيرات الشرق الأوسط

تركيا تلعب دوراَ جديداً في متغيرات الشرق الأوسط
ترجمة / بهاءالدين جلال



سونرجاغباتاي
(تركيا هي الدولة التي ينظر اليها الغرب بأنها دولة شرقية،ولكن عندما يتم النظر اليها بمنظور شرقي تترآى كأنها غربية،وتكاد تركيا تتفهم حقيقة أنّ قيمتها الستراتيجية في الشرق لاتعود الى كونها دولة اسلامية،لأنّ هناك دول أخرى مماثلة في المنطقة، ولكن تركيا هي دولة اسلامية ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبأمكانها الوصول الى التكنولوجيات و قوى التحالف الأطلسي و تستطيع ايضاَ الجلوس مع الاوروبيين على طاولة واحدة، ان موقع تركيا يتعززاكثر في الشرق الأوسط عندما يتمكن اوردوغان الاتصال هاتفياً بعموم قادة العالم).
سامي كوهين ل(كولان):
هناك واقع موجود في الوقت الحالي ألا وهو اقليم كوردستان،وهذا الواقع اعترف به المسؤولون الأتراك.
انّ اهمية تركيا بالنسبة الى الشرق الوسط و دول الجوار خرج عن اطار كونها دولة فقط،بل أنها تعتبر مفتاحاً بالنسبة للغرب يمكن أنْ تُحل به مشكلات الشرق الأوسط،أو بصراحة أكثر تعتبر تركيا الممر الذي تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي الدخول منها الى معترك مشكلات الشرق الاوسط ،وهذا لايعني أنّ دول الناتو و أمريكا و الأتحاد الأوروبي لن تستطيع اتخاذ أي خطوة من غير تركيا،كما وجدنا في عام 2003 حيث كان موقف تركيا مختلفاً عن الموقف الأمريكي،وفي العام الماضي عند القضية الليبية حيث كان موقف تركيا مختلفاً ايضاً مع مواقف دول الناتو و امريكا،وواقع الأحداث اظهر أنّه اذا توحد موقف تركيا مع مواقف الغرب فأنّ الأجراءات تتخذ شكلاَ اكثر ايجابية،وهذا أحدث نوعاً من التفاهم في السياسة الخارجية التركية بأعتبارها لو أُتخّذ جانب الغرب في المواقف سوف يكون لها موقع مميز في الشرق الأوسط،كما أنه يشكل نقطة مهمة في تحول مسار السياسة الخارجية لتركيا خاصة بعد أنْ كان لها توجه آخر في السنوات المنصرمة حيال أقليم كوردستان،ولكن ما لمسناه من التغييرات البارزة خلال السنتين الماضيتين وبالأخص لدى زيارة السيد مسعود بارزاني الأخيرة الى تركيا حيث أشار اليها الكثير من الصحفيين بأنه تم استقباله على مستوى رئيس دولة ، وهذا يُعدّ تحولاَ في العلاقات بين أقليم كوردستان و تركيا الذي لم يكن متوقعاً من قبل.
تركيا واقليم كوردستان..تحول ايجابي في العلاقات
ان الوقوف على بناء علاقات الصداقة على أساس الأحترام المشترك والعلاقات الثنائية مع تجربة الحكم في اقليم كوردستان ليست سهلة بالنسبة لكل دولة على الأنفراد ،قد يكون الأمر سهلاً في بناء العلاقات بالنسبة الى الدول غير المتاخمة في حدودها مع اٌقليم كوردستان،أما الدول الجوار للأقليم التي يعيش فيها عدد كبير من الكورد،تتعامل دائماً مع الأقليم بحساسية،لذا لو كان قد حصل في السنوات الماضية نوع من عدم التفاهم بين الأقليم و دول الجوارفإنً الجهود المتواصلة للسيد رئيس أقليم كوردستان لنقل رسالة السلام وحل المشكلات بالطرق السلمية ادت الى ازالة هذه الحالة و تحوّل مسار العلاقات بين تركيا و اقليم كوردستان الى مستوى لم يتوقعه أحد من قبل،وحول هذا الجانب و على أساس العلاقات بين اقليم كوردستان و تركيا وجهنا السؤال الى عضو البرلمان التركي سعات كلينكي اوغلو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي حيث قال في معرض حديثه ل(كولان) : (( قبل كل شيء أود أنْ أشير الى أنّ الكورد و الأتراك هم أخوة ولاضير في أنْ يتحدان و يتعاونان ويوقّعان اتفاقيات ستراتيجية لبناء علاقات صداقة على أساس الأحترام و المصلحة المشتركة، كما أنّ اقليم كوردستان وصل الى قناعة بأنّ الأنعاش الأقتصادي و الأنفتاح على اوروبا يتحققان فقط عبر تركيا،لذا فقد أستغلتْ تلك العلاقات بدهاء وحكمة وإنّ لتركيا موقفاً أكثر ايجابياً من حيث الأستثمارو ألأقتصاد و الجامعات و العلاقات الثنائية، أرى العلاقات بين تركيا واقليم كوردستان في الوقت الحاضر بأنها وصلتْ الى مستوى لم يكن يتوقعه أحد من قبل،لذا اتمنى أنْ تتواصل وتصبح تلك العلاقات انموذجا ًللأطراف الأخرى في المنطقة، وبالنسبة للعراق فإنّ تركيا تتطلع الى المحافظة على وحدة الأراضي العراقية من غير أنْ تلعب دوراً متميزاً و فاعلاً،كما أنّ العراق يعتبر دولة مهمة وصديقة بالنسبة الى تركيا، ولكن في الفترة الأخيرة أدتْ بعض ايضاحات المالكي الغريبةالى قلق تركيا،لأنّ الأخيرة ترغب في استمرار علاقاتها في اطار الدستور العراقي ووجود المكونات المختلفة في العراق،ولكن هناك حقيقة وهي أنّ تركيا مستمرة في اللقاءات و الأتصالات مع اقليم كوردستان والشخصيات السياسية الأخرى داخل العراق،لأنّ هذه الأطراف تعلم أنّ تركيا تنوي بناء علاقات وطيدة وأنّ الأقتصادية منها تدعم هذه المسألة بشكل صريح،لذا نأمل أنْ يتعامل رئيس الوزراء وحكومة العراق بمرونة أكثر مع تركيا،لأننا نعتقد أنْ التوتر الحاصل بين تركيا و رئيس الوزراء العراقي ناجم عن الموقف التركي ازاء سوريا،وهذه التصرفات للمالكي أقلقتْ تركيا حيث تم ابلاغ بغداد عبر الأتصالات الدبلوماسية)).
التحول الجديد في السياسة الخارجية التركية
اذا ما اعتبر مستوى العلاقات الحالية بين تركيا و اقليم كوردستان تحولاَ جديداَ في السياسة الخارجية التركية وأنّ هذه السياسة تشكّل المزيد من التقرب الى الغرب، فإنّها تعني بحد ذاتها وجود تحول مهم على المستويين الدولي و الغربي ازاء سياسة الغرب حيال اقليم كوردستان،سامي كوهين الصحفي التركي وكاتب عمود في صحيفة ميلليت التركية يتحدث عن هذا الجانب ل(كولان) : (( بنتْ تركيا في الوقت الراهن علاقات قوية مع اقليم كوردستان و قادته، وإنّ الزيارة الأخيرة للسيد مسعود بارزاني رئيس الأقليم الى تركيا هي اشارة واضحة لهذه العلاقات،والتطورات هذه، تعتبر جديدة بالنسبة للسياسة الخارجية التركية وكذلك يشكّل موقفاَ جديداَ بالنسبة للسياسة الخارجية لأقليم كوردستان، كما أنّ هناك واقعاَ في (شمال) العراق وهو اقليم كوردستان انّ هذا الواقع اعترف به الجانب التركي ويتّبع سياسة حكيمة مع هذه الحقيقة،وقد شهدت العلاقات تطورات مهمة مؤخراً خاصة بعد زيارة الرئيس البارزاني الى أنقرة والتي أدتْ الى تكثيف العلاقات و التخفيف عن التوتر الذي كان سائداَ في بعض جوانب تلك العلاقات وقد تم تجاهلها وتعتقد أنقرة أنّ الواقع يستوجب اجراء الحوار و التفاهم في حل الخلافات،كما أنّ زيارة السيد نيجيرفان بارزاني المزمع الى تركيا هي الأخرى حافز على تطوير العلاقات ولكنها ليست المرة الأولى الذي يزور فيها نيجيرفان تركيا وهوشخصية معروفة على مستوى تلك البلاد، لذا فأنّ لقاءاته التي سوف يجريها هناك تعتبر مهمة جداَ)).
جهود مشتركة لحل المشكلات سلمياَ
الجانب الآخر للعلاقات بين أقليم كوردستان وتركيا يكمن في التحولات التي تتخذها الحكومة التركية و حزب العدالة و التنمية حيال الكورد في تركيا،واعترافات رجب طيب اوردوغان حول عدم انكار الوجود الكوردي في تركيا وضرورة حل المشكلة سلمياً،وحول تأثير علاقات الجانبين على هذه المسألة يقول سعات كينكلي اوغلو في اطار حديثه ل(كولان): ((مما لاشك فيه أنّ تركيا تهمها جداَ مساعي الرئيس البارزاني بأتجاه الحل السلمي للمسألة الكوردية في تركيا،واذا ما حاول البارزاني بذل جهوده الحثيثة بين كورد المنطقة و اقناعهم بالحل السلمي فإنّ مواقفه هذه تعتبر اكثر اهمية بالنسبة الى تركيا،وفي الحقيقة علينا جميعاَ كورداَ أم أتراكاَ الوصول الى قناعة بأنّ تنتهي الحرب التي لامعنى لها و المندلعة منذ 30 عاماَ،ولكن كما يقول المثل( يد واحدة لاتصفق) لذا أتمنى على الأطراف الأخرى ذات العلاقة بالمسألة اتخاذ مواقف مناسبة، أملي أنْ تنتهي المشكلة بأسرع وقت لأنّ حلها يصب في مصلحة الأتراك و الكورد)).
ولكن سامي كوهين حول حل المشكلة الكوردية في تركيا يضيف (( أعتقد أنّ الخطوة الأولى يجب أنْ تُتّخذ من قبل تركيا،وستكون لجهود قادة أقليم كوردستان لدعم الحل السلمي للمسألة تأثير كبير)).
تركيا و الشرق الأوسط
لم تكن السياسة الخارجية الأمريكية حتى عام 2011 و على جميع الأصعدة متفقة مع السياسة الغربية،خاصة بعد التغييرات الحاصلة في اوضاع الدول العربية،كان لتركيا موقف واضح أمّا الدول الغربية فكان لها مواقف أخرى،ولكن بعد عام 2011 عندما دخلت تركيا في مشروع الدفاع الصاروخي تحت مظلة الناتو،وصلت الى قناعة بأنّ موقعها و ثقلها يحددان علاقاتها مع الناتو والولايات المتحدة الأمريكية،وحول هذا الموضوع عبّر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي عن رأيه قائلاَ: ((قبل كل شيْ فإنّ تركيا عامل مؤثر في الشرق الأوسط،صحيح أنّ دورها لم يكن بارزاً جداَ في المنطقة ابان الحرب الباردة ولكنها في ال(10) سنوات الأخيرة لعبت دوراَ أكثر فاعلية وسبب ذلك يعود الى أنّها تشترك مع شعوب المنطقة من حيث العلاقات الثقافية و الدينية،وهذا يهمنا جداَ ومايتعلق منها بتبادل الآراء والجوانب التجارية و الأقتصادية و السياحية،كما أنّ تركيا تواصل تعزيز علاقاتها مع دول الشرق الأوسط،واستمرت على ذلك حتى بداية حدوث التغييرات في الدول العربية،ما أدى الى بروز نوع من التوتر لأنّ تركيا تختلف عن دول الشرق الآوسط قليلاَ،وجزء من أراضيها يقع في الغرب بينما الأخر في الشرق،كما أنها تحاول تطوير علاقاتها على مستوى اوروبا و الشرق الأوسط، لذا ظهر نوع من الأختلافات في السياسة الخارجية التركية مع الغرب، وفي هذه الحالة تجد أنّ لتركيا التوجه الغربي ذاته وهذا ما يحتّم على الغرب توحيد موقفه مع تركيا،ولكن في كل الأحوال يجب أن لانفسّر فيما يخص بعض التغييرات الراديكالية في السياسة الخارجية التركية،لانّه بالنتيجة تركيا هي عضو نشط في الناتو وتشارك في مجالات أخرى،ولكن هناك حقيقة وهي أننا نصيغ سياستنا الخارجية على اساس المصالح التركية،فإذا كانت اهدافنا مع الآخرين متشابهة عندئذٍ نتحالف،وبعكسها فأننا نتبع سياستنا و دبلوماسيتنا الخاصة،وبالنسبة للغرب فأنّ المسألة أُخذتْ بشكل اعتيادي و اتضحتْ لهم أنّ تركيا لها سياستها وتتخذ قراراتها بنفسها)).
ولكن الصحفي سامي كوهين على خلاف كينكلي اوغلو يعتقد أنّه يتم الشعوربالتحول الحاصل في السياسة الخارجية التركية ولكن يفضّل أنْ تؤخذ كل حالة من حالات التغيير في الدول العربية على حدة،فقد عبّر عن رأيه قائلاَ: (( ممالاشك فيه أنّ تركيا تلعب منذ فترة دوراَ فاعلاَ في الشرق الأوسط،وهو دور بنّاء حيث اصبح عاملاَ في حل الكثيرمن الخلافات ولعبتْ ايضاَ دور الوساطة في بناء السلام و العلاقات الطيبة الى حد لايمكن مقارنتها مع السنوات السابقة،وبدون شك هناك بعض الأمورتستطيع تركيا القيام بها ،وهنا نتساءل هل يمكن انْ تتعامل دول المنطقة من غير دعم تركيا؟ الجواب:نعم،ولكن معها يكون التعامل افضل،لذا أنا أفضّل أنْ نكون اكثر دقة في هذا الجانب،خاصة في دراسة الأحداث والتغييرات الحاصلة في الدول العربية بصورة مستقلة من اجل التدقيق فيها و فهمها بشكل موضوعي،لأنّ لكل واحدة منها خصوصيتها،وعلى سبيل المثال فإنّ ماحدث في تونس لم يتكرر في الدول العربية الأخرى،وحدثتْ في ليبيا حرب دموية ولكن تغيّر النظام في تونس سلمياَ في غضون عدة أيام من دون اراقة الدماء،وكذلك في مصر رغم بعض الأحداث الدموية القليلة،أمّا مايحدث الآن في سوريا يختلف كلياً عن تونس و مصر، لذا فأنّ التعميم خطأ هنا فإنّ السياسة الخارجية التركية و دبلوماسيتها تأخذ موقفاً خاصاً بكل واحدة من هذه الدول بعد تحليل الأوضاع الخاصة لكل منها،وعلى سبيل المثال اكد رئيس الوزراء المصري على موقفه لمتظاهري ساحة التحريرمنذ بداية الأحداث حيث اعرب من مدينة انقرة عن تأييده لهم ، وتناقلتْ قناة الجزيرة- إنْ لم أكن على خطأ-هذا الحديث بشكل مباشرداعياً مبارك كصديق قديم أنْ يستجيب لأرادة الشعب،ولعبت تركيا دورالمساند للشعوب وخاصة للدول التي تستخدم العنف، وهي تؤيد ايقاف العنف وتغيير النظام بأسرع وقت كما هو في سوريا)).
Top