• Thursday, 05 December 2024
logo

حوار إعلامي مع الشاعرة والاعلامية رفيف الفارس

حوار إعلامي مع الشاعرة والاعلامية رفيف الفارس
شاعرة عراقية المولد تعمل في تحرير وإدارة موقع ومجلة النور الإلكترونية والورقية ، وتدير دار الضفاف للنشر فنيا ,والمدير الفني لدار أور لطباعة والنشر ، لديها مجموعة شعرية مطبوعة ( من يطرق باب الضوء ) ومجموعتين شعريتين قيد الإنجاز ( الفجر يعلن قناديله , الليل والفارس )...
د. ناهدة محمد علي

هي شاعرة عراقية المولد تعمل في تحرير وإدارة موقع ومجلة النور الإلكترونية والورقية ، وتدير دار الضفاف للنشر فنيا ,والمدير الفني لدار أور لطباعة والنشر ، لديها مجموعة شعرية مطبوعة ( من يطرق باب الضوء ) ومجموعتين شعريتين قيد الإنجاز ( الفجر يعلن قناديله , الليل والفارس )، فائزة بجائزة نازك الملائة للشعر النسائي وجائزة القصة القصيرة لليوم العالمي للقصة في بغداد وحاصلة على وسام الثقافة في منتدى المثقفين العرب في أمريكا ، كتب عن شعرها الكثير من الكتاب والنقاد ، وتُرجمت بعض قصائدها للفرنسية . حاصلة على شهادة الماجستير في علوم الكومبيوتر من إحدى الجامعات الماليزية . كان لنا معها هذا الحوار الإعلامي.
الصفحة في النور
احب ان اشكر اولا الاستاذة الانسانة الرائعة د. ناهة محمد علي على هذه الاسئلة الجادة والقيمة والتي تضيف الكثير وتفتح امام المتلقي الباب للتساؤل الجاد حول ماهية الاعلام العربي وما المراد منه. الف شكر سيدتي لاستضافتك الرائعة.

١ - من يقود الإعلام العربي ويديره حالياً ، هل هي الدولة أو أجندات خارجية أخرى ؟ .
في البداية احب ان اوضح ان من الصعب في الوقت الحالي التفريق بين من يحكم في الدولة وبين اجندات الدول الخارجية بسبب عدم وضوح انتماء من استولى على المناصب في الدولة وعليه فأن ادارة الاعلام العربي برمتها تخدم مصلحة الدول الخارجية التي من خلالها تم الاستيلاء على المناصب في الدولة او ما يسمى الحكومة. والمؤسسة الاعلامية سواء كانت تابعة للدولة او لاجندات خارجية ليس هناك فرق كبير في ذلك فكلا الحالتين لا تصبان في خدمة الانسان العربي ولا تحترمانه.
٢ - كيف يوجه الإعلام العقل العربي ، وهل هذا التوجيه هو إيجابي أم سلبي ؟ .
رغم ما ذكرت من خضوع الاعلام بصورة كاملة لأجندات المصلحة إلا اني اؤمن تماما بأن العقل لو كان على قدر من التطور والانفتاح والبعد الرؤيوي فلن يؤثر عليه الاعلام لا سلبا ولا ايجابا بقدر ما يأخذ الفرد منه ما يفيده او ما يضعه في صورة الحدث مع الاحتفاظ الكامل بالحصانة الذاتية ... اما والحال على ما هو عليه من انغلاق فكري فبالتأكيد ان تأثير الاعلام العربي تأثي سلبي على العقل العربي الذي هو اساسا مجهز ومتحفز للسلبيات التي يبثها الاعلام مغلفة بغطاء لامع من الايجابية الهشة والواهية والبليدة.
٣ - هل إستفاد الفرد العربي من التطور التقني في الإعلام العالمي ، أم إستُبدلت جلسات المقاهي بشبكة التواصل الإجتماعي ، أي أن التكنولوجيا الغربية لم تساهم بتطوير المضمون الثقافي للفرد ؟ .
بصراحة التطور التكنلوجي في اي مكان يعتمد على المستخدم واخلاقياته ومبادئه سواء كان برامجيات او اجهزة، والعقليات التي كانت تنتفع وترتقي بالمقاهي الشعبية هي نفسها التي تنتفع وترتقي بالوسائل التكنولوجية على اختلاف تنوعها. اما العقليات والاخلاقيات التي كانت تستغل اي حدث او وسيلة على ارض الواقع لبث السموم الفكرية والفرقة والتناحر ونشر التخلف والجهل والتعصب ستكون هي نفسها في أيّة وسيلة كانت.
٤ - هل إستفاد الفرد العربي من الأدبيات والكتب المنشورة أم بقي الفراغ واضحاً بين قراء اليوم وقراء الأمس ؟ .

مع التقدم التكنولوجي الهائل اصبح من الصعوبة ايجاد العذر لمن يضع نفسه في زاوية الجهل برغبته, واجل... هناك هوة حقيقية وواسعة بين قراء الامس وقراء اليوم هذه الهوة خلقها التشدد الفكري الانعزالي والقهر الديني الذي يفرض على الفرد اليوم وخاصة الشباب اتباع مسار واحد هو ارضاء المجتمع والتدجين تحت راية القبول. هذا الانغلاق اصبح من العسير معه ان يطلع الفرد على ثقافات او حضارات اخرى ويتقبلها رغم انها متاحة.

٥ - هل أستُخدمت الدراما العربية وحتى المترجمة منها إستخداماً إيجابياً ، أم ساعدت في خلق الثقافة الهشة والسلوك العنفي العدواني بشكل عام وخاصة ضد المرأة ؟ .
الدراما العربية ومنذ عصور تتسم بالسطحية واستغفال المشاهد والتسويق الساذج للشعارات والايدلوجيات السياسية او الاجتماعية المتفق عليها, إلا ما ندر بالتاكيد لكن هذا النادر لن يكون له تأثير أمام الكم الهائل من الضخ الدرامي السطحي. اما قضية العنف ضد المرأة فهذا ايضا يصب في الكبت والقهر الاجتماعي والديني وهو مثال واضح لما يراد للمجتمع العربي من تقهقر فكري ونفسي .. الدراما تسويق بضاعة ويجب ان تحصل البضاعة على موافقة السوق او المتلقي وعلى عدم معارضة المؤسسات الدينية التي تتلاعب وبشكل فاضح في الانتاج .
٦ - هل الإعلام العربي يسير على حبال واهنة من العواطف المتهالكة والمريضة وأخبار وإحصائيات حكومية غير موثوق بها ، مما يقطع الصلة ما بين المُلقي والمتلقي ويخلق الفراغ بينهما ؟ .
هل كان الاعلام العربي يوما على مستوى الحدث؛ ايّ حدث في العالم ؟ هل كان يوما يخاطب المنطق والعقل بدلا من الرقص على دف هذا او ذاك ؟ هل وصل الى المستوى الذي يترك فيه التناقضات ويوجه رسالة مبدئية ؟ الصلة مقطوعة تماما بين المتلقي العربي وبين اعلام لا يحمل من الاعلام إلا القشور السطحية والتقليد الشكلي الاعمى للاعلام الغربي متناسيا المضمون وصحة الخبر واكتساب ثقة المتلقي.
٧ - هل أحيا الإعلام الشخصية والعقل العربي ، أم عزف على أوتار العاطفة فقط وإستغبى القاريء إلّا ما ندر ؟ .
الاعلام العربي مثله مثل أيّة مؤسسة عربية ينقسم الى اتجاهين؛ الاول مع الدولة وخاضع لتوجيهها والثاني ضد الدولة لكنه غير واضح المعالم او الانتماء، لذا من الصعب والحالة هذه ان يحيي مثل هذا التوجه العقل العربي او ينمي الشخصية العربية انسانيا وروحيا, بالتأكيد في كل ما تقدم وفي كل ما يلي هناك استثناءات مستقلة ومحاولات فردية تسعى الى تطوير الشخصية العربية لكنها للاسف كمن يعزف على الة موسيقية وسط ضجيج وزعيق المكائن وصراخ الناس.
٨ - أيهما أكثر تأثيراً؛ الإعلام الغربي أم العربي على رجل الشارع ، وهل يتميز الإعلام الغربي بالمصداقية والقدرة على الإقناع ؟ .
المصداقية تأتي من ثقة الانسان البسيط او رجل الشارع بمصدر الخبر ومَن ورائه وبما انّ الثقة معدومة بمؤسسة الإعلام العربي للاسباب التي ذكرتها في اولا وثانيا لذا من الصعب ان يولي رجل الشارع ثقته لمؤسسة تسيرها المصالح الحزبية او الفردية او الدينية .. رغم ان الاعلام الغربي لا يخلو من المتناقضات والترويج والدعاية المفبركة وسيكون من السذاجة لو اوليناه كامل ثقتنا لكن سيكون هو اهون الشرّين.
٩ - ماهي الميزة الأساسية للإعلام العربي في بداية القرن الحادي والعشرين ، هل هي إنتكاسات إعلامية والتي هي إنعكاس للنكسات السياسية ، وهل كان التوسع الإعلامي محصوراً في تعدد الفضائيات والمواقع الألكترونية وشبكات التواصل أم إنسحب على تطور المضمون الإعلامي ونشر الثقافة الأصيلة ؟ .
كما ذكرت في الجواب الثامن فإنّ الاعلام العربي اتخد من الشكل الخارجي توجّها دون التفكير او الاهتمام بالمضمون الفكري او الرسالة الاعلامية . فلو التزم التطور الفكري والعقلي لما وصلنا الى هذا النقاش... وابسط مثال برامج الاطفال في كل القنوات العربية .. ماذا قدمت للطفل العربي غير انها تزيده غباءً وبلادة وحصره في دائرة البهرجة السطحية دون ان تفكر في تقديم رسالة ثقافية او فكرية .. الإعلام العربي يخاطب العين فقط وينسى انّ وراء العين عقلا.
١٠ - هل يواجه النص الإعلامي الناجح ردعاً حكومياً أو ردعاً شعبياً حيث لا تثير النصوص القوية والمعمقة إنتباه الفرد العادي ؟ .
حتى وان لم يواجه ردعا حكوميا او شعبيا فلقلّة هذه الفرديات لن تصل مداها الى ابعد من النشر الآني فقط. نحتاج الى تكاتف تلك التوجهات الفردية الاصيلة لتكون قوة لصد الردع الحكومي او الشعبي او الديني المؤسساتي.
١١ - هل بلغتِ طموحك الإبداعي ، وهل تطمحين للقفز فوق المستوى الإعلامي الحالي ؟ .
آه ... هذا سؤال مباغت ... ومن الذكاء وضعه في هذا التسلسل ... لو بلغت الطموح لتوقف العطاء . بالتأكيد مازلت بعيدة جدا عن تحقيق الطموح لكن الخطوات ثابتة وجادة والهدف هو اخراج العقل العربي من التبعية والتقوقع وزرع الثقة لدى الشباب العربي بأحقيتهم بالتفكير الحر والتحليل المنطقي دون اتباع فرضه المجتمع والموروث.فقد ذكرت سابقا في حوار مع قناة المواجهة والاستاذ عدنان الجعفري "ان العقل هو كل ما يملكه الانسان هو ميزته الوحيدة عن باقي الكائنات فأن نضعه في قوقعة الممنوعات والتحجيم والتدجين الاجتماعي والديني الموروث فهذا قمة الكفر بما منحتنا الطبيعة من تفوق"
١٢ - هل يستطيع الإعلامي المبدع أن يخلق على المدى البعيد قيماً وأخلاقاً وسلوكاً راقياً للفرد العربي ولقلب مفاهيم العدوانية والشراسة والتوجه الميكيافيلي من جهة ومن جهة أخرى إيقافه للنكوص الحضاري والسلفية ؟ .
لو تكاتفت الجهود, جهود القلة الواعية من حاملي الرسالة الاعلامية والانسانية, ليكون لصوتهم قوة مسموعة ومؤثرة مع اعطاء الصورة الحضارية المثالية, فأجل من الممكن ان يكون هناك تغيير فكري نحو الوعي الحضاري التطوري وتوجه نحو السلام الانساني على الاقل ضمن البلد الواحد.
فالمؤسسة الاعلامية تعاني ما يعانيه البلد واقعا مريرا متفككا لا هدف له ولا رسالة تسند خطاه, التغيير الجذري هو في طريقة التعاطي مع هذا الواقع وتحويل البلد من بلد مستهلك يعاني البطالة والخضوع للاقوى الى بلد منتج يحترم القانون وحرية الفرد, عندها فقط سوف لا يكون للمؤسسة الاعلامية دور وحسب وانما ستكون العين الساهرة على امان المجتمع.
_________________________
الحوار جزء من موضوع ( دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي )
بعد أن إستمعت لتلك الاجابات أقول : بأن إمكانية خلق إنسان عربي جديد بعقلية ومنطق علمي وقيم إنسانية لا تقبل المساومة في إستعادة الأجزاء النقية من التراث العربي وربطها بالواقع المعاصر وإن حصل ذلك فستتميز جميع المؤسسات المحلية بالطابع العلمي والإنساني ، وأي خلل يكون في هذه المؤسسات الإقتصادية والعلمية ستنعكس على واجهة الإعلام ، فالإعلام مرآة صافية لما يحدث على أرض الواقع ، وليس غريباً أن هذا يشمل حتى المؤسسات الإعلامية التي لا تتميز بالشفافية التي تستمد عدم شفافيتها من خلال مؤسسات الدولة وأسلوب إدارتها ، لذا ينضح الكأس بما فيه . ولا نستطيع أن نلوم المؤسسة الإعلامية فقط لقلة مصداقيتها أو قيمها فهي رافد من روافد الشبكة المؤسساتية الحكومية إن صلُحَت تلك صلُحَت هذه ، أما المواقع الحرة ذات التمويل الفردي المحلي أو الخارجي فهي إن لم تتبع التحزبات السياسية أو الدينية المتطرفة فهي بألف خير وهي منبع حقيقي لتنوير الفكر العربي ، لكنها كما ذكرت تحتاج إلى إقامة قاعدة مادية متينة تساعد على القضاء على البطالة والتقهقر الإجتماعي والإقتصادي ، وقتها تفرز هذه القاعدة المادية قيماً جديدة ونظيفة لا تنبني على مجتمع إستهلاكي فقير وتخرج إلى الضوء سلوكيات عربية لا تحمل مبدأ الشوفينية أو الإعتزال عن الأمم الأخرى ، وتخرج بمباديء إنسانية ملونة بألوان التراث العربي وهذه لا تولد كما ذكرت من التيارات الهوائية بل من التيارات الفكرية الأصيلة والتي تفرزها القاعدة المادية لمجتمع الإنتاج لا الإستهلاك ، وهنا يستلم الإعلام الراية أو الواجهة ليغرز ويكرس للقيم الجديدة ، ومن المعلوم إجتماعياً إن القيم القديمة لا تموت فجأة والقيم الجديدة لا تولد أيضاً فجأة ، بل تحتاج إلى وقت وعناء ، وأمامنا الكثير من الأمم التي نهضت من خراب الحروب الطاحنة كالأمة الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والروسية ، ثم بنت بعدها إقتصاداً قوياً ثم نظاماً تربوياً وإعلامياً راقياً ساهم في بناء شخصية جديدة للفرد تعتمد على المنطق والعقل والفكر الإنساني ، ويعكس إعلامها صور النجاحات والإخفاقات بمصداقية وثقة عالية وإحترام للمُلقي والمُتلقي من أفراد المجتمع .



المصدر: مؤسسة النور للثقافة و الاعلام
Top