• Thursday, 05 December 2024
logo

د. فاضل عواد – رحلة حافلة بالابداع ابتدأت من لا خبر--- الى عالم النجومية في الطرب الاصيل

د. فاضل عواد – رحلة حافلة بالابداع  ابتدأت من  لا خبر---  الى عالم النجومية في الطرب الاصيل
ولد فاضل عواد عام 1942 من عائلة فقيرة في منطقة الفحامة في بغداد , حيث عرف منذ صغره بصوته الجميل عبر تجويد القران الكريم, تاثر بعلماء الدين الافاضل واكتسب منهم ثقافة دينية اكسبته ايمانا وخشوعا مما كان يسمعه من الابتهالات الدينية ويتاثر بها .
كتبه: المخرج العراقي جوزيف الفارس


لا خبر
لا خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربت
لا خبر كالوا صوانيكم شموع انترست
والتمن الحلوات من كل بيت حلوة التمن
وباتراف اصابع ليلة الحنة بعذابي تحنت
وفد نوب
فد نوب مامش وفه لهنا وصلت
فد نوب
فد نوب مامش طيبه لهنا وصلت
لا خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربت
**************
ماسألتي لا كبل المهر ولا بالمهر ولا بعده
ياحلوة جا ماي العشك يتبده وجا يتبدى
والعشك ماينحزر جزره ومده
والشوك ذبني بحيرتي واتعدة
وعذالي بيا وبدموعي اتشفت
***********
مشينا الهلج وياالكمر ويا النجم خطابه
صغنالج نجوم الثريا كلادة ياحبابة
ماريد حب جذابي ايذوب كلوب احبابه
ماريد عشرة من شمع وسط الشمس تتبدى
لا خبر لا جفية لا لا حامض حلو لا شربت
*************

هذه الاغنية والتي صاغ كلماتها طالب ياسين ولحنها الفنان المرحوم حسين السعدي وغناها بصوته الدافىء الفنان المطرب فاضل عواد , حيث انطلقت كلماتها وبلحنها الجميل من خلال حنجرة الفنان فاضل عواد وهو يؤديها بحزن وشجن اجج قلوب العاشقين والهائمين من الشابات والشباب بالغناء العراقي الاصيل , لقد تركت هذه الاغنية بصمات الم وشجن وصورة فلكلورية لوقائع تراثنا الشعبي الذي يحفل بعدة صور شعبية , منها الماسوية والمفرحة .
فبالرغم من رفضها من قبل لجنة فحص الاصوات والنصوص الغنائية في وحدة الانتاج الموسيقى والغناء , الا ان انتشارها السريع ودخولها الى اعماق نفوس العراقيين من خلال حنجرة هذا الفنان المبدع والمتالق حينما سجلها ولاول مرة في برنامج ركن الهواة , ومن ثم اجبرت لجنة فحص الاصوات والنصوص الغنائية وبامر من المدير العام انذاك محمد سعيد الصحاف لتسجيلها وبثها عن طريق اذاعتي بغداد وصوت الجماهير .
لقد انتشرت هذه الاغنية في السبعينيات من القرن الماضي والتي كانت مفتاح تالق الفنان فاضل عواد , كلماتها تحكي عن قصة واقعية حدثت في مجتمعنا العراقي لشاب عراقي مكلف في خدمة العلم وهو على علاقة حب بابنة الطرف , الا ان هذه العلاقة لم يكتب لها الاستمرار لكون الحبيب استمر في خدمة العلم ولم يتسرح مما اجبرت الفتاة على قبول شاب اخر تقدم لخطبتها ومن بعدها زفت له وشارك في زفتها اهالي الطرف , فشاءت الصدفة ان يتمتع هذا المحب السابق في اجازته الدورية واذا به يتفاجأ بمعالم الزينة وتجمهر سكان الحي في المنطقة وهم في حالة من الفرح لزفة ابنة الطرف والتي هي حبيبة الجندي على شاب اخر , فكانت لهذه الصدمة كلمات اغنية لا خبر الماساوية .
لقد اخذت هذه الاغنية بالانتشار وعن طريق الحنجرة الذهبية للفنان د. فاضل عواد واصبحت احدى اعمدة الاغنية السبعينية وقت كانت اصوات لنجوم غنائية تربعت على هذه المرحلة الغنائية ممن اجتازوا مرحلة الاختبار الصوتي والغنائي منهم سعدون جابر وحميد منصور وحسين نعمة وياس خضر . حبث اصبح خامسهم بل اجتازهم بسرعة البرق واصبح منافسا لهم في تقديم افضل الاغنيات العاطفية البغدادية والريفية الحديثة .والتي ساهمت اغانيه بنهظة الاغنية العراقية وعن طريق ملحنين اجادوا حرفيتهم اللحنية منهم : طالب القرغولي ومحمد جواد اموري وكوكب حمزة وجعفر الخفاف .
لقد اجاد هذا المطرب في تادية جميع الوان الغناء , وساهم في نشر الاغنية البغدادية ومن خلال تعدد مدارسها اللحنية وعن طريق ملحنين كل منهم له اسلوبه الخاص في التلحين . ولهذا فان المطرب فاضل عواد اكتسب من مدارسهم تجربة اكدت لجميع المعنيين بالاغنية العراقية انه مطرب ذو خبرة لا يستهان بها , انه مطرب ومؤدي في الوقت نفسه انطلق من خلال خبرته وثقافته التي اكتسبها منذ الصغر عندما كان يستعين به امام جامع الطرف ليؤذن بصوته الشجن والمتميز بخامة نادرة فيها من بحة الصوت اشبه ببحة المطرب الريفي المرحوم داخل حسن , ولهذا كان المصلين يستحسنون صوته وتعودوا عليه واصبحوا يفضلونه عن اي مؤذن اخر .
لقد ولد هذا الصوت مع ولادته في عام 1942 لعائلة فقيرة في منطقة الفحامة في بغداد , حيث عرف منذ صغره بصوته الجميل عبر تجويد القران الكريم, الا ان مازاد في دعمه وتشجيعه حينما سجل في مدرسة الشيخ جنيد , الى جانب هذه المدرسة الابتدائية طموحه كان لم يتوانى عن زيارة الملا حميد ليتعلم منه السلوك والاداب , ولهذا تاثر بهؤلاء من علماء الدين الافاضل واكتسب منهم ثقافة دينية اكسبته ايمانا وخشوعا مما كان يسمعه من الابتهالات الدينية ويتاثر بها .
في مرحلة الابتدائية والمتوسطة ظهرت مواهبه الصوتية مما دفعته هذه الموهبة للمشاركة للعديد من النشاطات المدرسية ومن خلال تقليده لاصوات الاساتذة والمطربين باداء رائع اعجبت الهيئة التدريسية بموهبته فزادوا من دعمه وتشجيعه الى ان اصبح من المتميزين فنيا في الاداء والغناء في المرحلة الدراسية الاولى .
لقد عاني في صغره من ضعف الحالة المادية لكونه ترعرع في احضان عائلة لاتملك الا مايكفي لسد احتياجات افرادها , وعلى ضوء هذه الحالة اجبرتهم الحياة الى الانتقال من مسكن والى مسكن اخر كحال بقية العوائل المحدودة الدخل , حيث انتقلوا من الفحامة الى منطقة الحرية في بغداد , هذه المنطقة الغريبة عليه من حيث مدرسته الجديدة , واصدقاء الطرف والذين تعرف عليهم وهذه المعرفة كانت السبب في دخوله لاول محطة من محطات حياته الفنية , كانت رحلة لم يكن يعرف نتائجها لترسم له معالم مستقبله الفني , هؤلاء الاصدقاء كانت لهم اهتمامات بالموسيقى والغناء ممن شجعوه على التقديم الى برنامج ركن الهواة عام 1963 , فمن هنا بدأ طريق الفنان عواد , هو نفسه لم يكن لديه تخطيط في كيفية رسمه الا من احلام وعواطف مكبوتة في داخل ذاته اراد ترجمتها وعبر مسيرة غنائية ينال شهرة من خلالها يجلب انتباه الجماهير حاله حال بقية الفنانين الذي اشتهروا في عالم الغناء , فكانت بادرة اول نشاطه الغنائي في برنامج ركن الهواة هي اغنية اردنية بعنوان ( اهلا وسهلا بالاحباب ) فنجح في الاختبار وعمل كورس في هذا البرنامج ومن خلاله اكتسب ثقافة وخبرة في اداء الاغاني , وكذالك عاش هذه الاجواء واستانس باراء الزملاء من الهواة والموسيقين بصوته وادائه , فاصبح متميزا لذا ثبته المخرج والمعد للبرنامج المرحوم كمال عاكف عضوا في البرنامج بصفة كورس , وهنا في هذه المحطة اصبح حرا في اختياراته ومشاركاته الغنائية والتي مكنته من صقل صوته وموهبته في الغناء , وفي الوقت نفسه اصبح نجما لبرنامج ركن الهواة بعد ان روج للاغنية الكويتية باغنية ( كومي اوكفيلي وارفعي البوشية , خليني اروي الظامية العطشاني ) .
ضعف الحالة المادية دفعت بالمطرب فاضل عواد باختصار الزمن للوصول الى الوظيفة بعد ان دخل عام 1965 في معهد المعلمين ومن ثم تخرج عام 1967 وعين معلما لمادة النشاط الفني ( مادة الانشاد ) في مدينة الثورة وهو مازال في مرحلة الاكتساب للتجربة والخبرة في عالم الغناء , في هذه المرحلة بدأ يتدرب على الة العود ليتعلم على اصول العزف على هذه الالة التي كان يحلم بها , لقد جائت في هذه المرحلة من حياته الفنية المحطة التي مهدت له الى تحقيق حلمه لعالم الغناء بعد ان تقدم للتعيين في فرقة الانشاد للاذاعة والتلفزيون ليقبل فيها منشدا عام 1968 , ففي هذه المحطة تعرف فاضل عواد على الوسط الفني وتعمقت تجربته الموسيقية واصبح متمكنا من الصوت والاداء و تميزه في ادائه لاغنية لا خبر والتي سبق وان رفضت من قبل اللجنة الخاصة لاجازة النصوص والالحان بحجة ان كلماتها بسيطة وركيكة لا تصلح للغناء ,حيث لعب الحظ والصدفة بنجاح هذه الاغنية مع المطرب فاضل عواد , حينما حاول ملحنها الفنان المرحوم حسين السعدي تقديمها للجنة فحص النصوص فرفضت ولخمسة مرات فلما انتابه اليأس من اجازتها اعطاها الى فاضل عواد انما لم يخبره شيئا عن رفوضاتها الخمسة , وهنا حاول فاضل بدوره تمريرها على اللجنة فايضا رفضت بحجة ان كلماتها تتسم بالسطحية ولحنها لا ينسجم مع الموسيقى المتطورة سيما وان الالحان والتي غناها كل من المطربين سعدون جابر وحسين نعمة وحميد منصور وياس خضر تفوق بالكثير من لحن هذه الاغنية ( طبعا هذا هو راي اللجنة ) وهنا لم يهدأ بال فاضل عواد سيما وانه كان معجبا , اي بالكلمات واللحن , حيث وجد فيها ضالته بعد ان تاكد من انها متطابقة مع صوته وادائه , فحاول تمريرها عن طريق برنامج ركن الهواة بعد ان عرضها على الملحن ياسين الراوي والذي كان انذاك المشرف الموسيقي على الفرقة الموسيقية للبرنامج , فنجح في ذالك واجيزت الاغنية لبثها من برنامج ركن الهواة وبصوت الفنان فاضل عواد ,وبالفعل سجلت وسمعها المدير العام في وقتها محمد سعيد الصحاف فاعجب بها واوصى ببثها بعد ان سجلت من جديد مع الفرقة الموسيقية في وحدة الانتاج الموسيقي وصار بثها من اذاعتي صوت الجماهير وبغداد .
لقد حققت هذه الاغنية نجاحا شعبيا مذهلا لم تحققها اية اغنية في تاريخ الغناء العراقي , فاصبحت الاغنية الاولى في الحفلات الشعبية والعائلية وفي الافراح والاعراس .
لقد ساعد على نجاح هذه الاغنية موضوعها القريب من روحية الجمهور وقريبة من تقاليده وارتباطاته الاجتماعية في المهر والزواج ومايرافق ذالك من تقديم الحلوى ( الحامض حلو والشربت اضافة الى المناديل ) , وكما لعب الدور في نجاحها اللحن الشعبي المتميز بالايقاع السريع ولا سيما ايقاع الهجع , ناهيك عن صوت الفنان فاضل عواد والذي فيه مس من الحنان مما يثير الشجن لدى السامعين , اضافة الى ادائه المتميز للاغنية .
يذكر الناقد الموسيقي المرحوم الاستاذ عادل الهاشمي في ابداء رايه بالاغنية قائلا : هناك اغنيتان عجيبتان في الغناء العراقي وهما اغنية سمر سمر والتي غناها الفنان المطرب المرحوم رضا علي في عام 1954 واغنية لا خبر والتي غناها الفنان فاضل عواد , هاتان الاغنيتان هزتا عواطف المتلقي واثارت شجونه ووجدانه .
بعد النجاح الذي لقيته هذه الاغنية , شاع صيت اسم الفنان فاضل عواد بين الجماهير والاوساط الفنية , فانقسمت الاراء قسمين منهم من لا يتفق مع بث هذه الاغنية , والاخر ضد الراي الاول حيث انهم من اشد المعجبين بها , ومن هنا اصبحت هذه الاغنية عبئا ثقيلا على فاضل عواد , صحيح انها اكسبته شهرة وحب الجمهور لكنه خسر معظم النقاد والملحنين والذين لم يقتنعوا بكلمات والحان الاغنية ولهذا قرروا عدم التعامل معه , باعتباره غير قادر على تادية الالوان الغنائية من الطراز الاكاديمي , وهنا جائت مرحلة التحدي عند هذا المطرب والمتطلع الى اجتياز حواجز المعوقات من الذي لا يرغبون بظهور نجوميته , والقسم الاخر بقي متحفظا بارائه في المطرب فاضل عواد , ولكن في الخفاء كل من رفض اغنية لا خبر كان يتمنى ان يكون هو مطربها , لنجاحها جماهيريا , فجائت اللحظة التي فيها انفرجت اسارير وجه فاضل عواد حينما ابدى الملحن الكبير والخبير بنوعية الاصوات المرحوم الاستاذ طالب القرغولي تعاونه حينما قدم له اغنية : اتنه اتنه , وانت نفسج مادريتي اتنه اتنه وهم تنيت ومااجيتي
وياما كلتي هوايا , كلتي ومااجيتي
وياما كلتي هوايا , كلتي وماوفيتي
وياما اسهر وانت وانت ماصحيتي ---- الخ
لقد وقف هذا الصرح الشامخ وبتحدي غير اعتيادي لمطرب جديد تسلق سلالم الطرب من هاوي في ركن الهواة الى نجم صاعد تهابه نجوم الطرب والغناء للاغنية السبعينية , حيث تمكن وبكل جدارة ان يخرج من عبىء اغنية لا خبر ذات اللحن الشعبي الى اغنية ذات عمق موسيقي اداها فاضل بنجاح متميز ونال حب الجماهير والنقاد , ووسعت رقعة المعجبين بادائه وبصوته اكثر من اغنية لا خبر , حيث انطلق فاضل عواد بمفاجئته والتي لم يكن يتوقعها منه نجوم الطرب للاغنية العراقية من الملحنين والمطربين , وفي هذه المحطة انطلق الفنان فاضل عواد بتعزيز نجوميته وحضوره الفني امام الملحنين ولا سيما الموسيقار الفنان الملحن المرحوم محمد جواد اموري في اغنية يانجوم , ومن بعدها غنى اغنية الكلايد من تاليف الشاعر كاظم الربيعي , لقد استطاع فاضل عواد في هذه الاغنية ان يجسد الاهات والمشاعر الانسانية والوجدانية للمتلقي بهذه الكلمات ( ينجوم صيرن كلايد ) حيث انطلق الملحن بابداعاته وحرفيته وبلحن دغدغ من خلاله عواطف المتلقي وجسد براعته اللحنية والموسيقية على هذه الكلمات من مدرسته اللحنية حينما تمكن من تطويع صوت الفنان المتالق على هذا اللحن والذي نقله نقلة نوعية الى مصاف نجوم الغناء والطرب الاصيل .
لقد تمكن المطرب فاضل عواد بتقديم كل ماهو جديد , كانت قصة نجاحه قصة لا يتكلم عنها الا في الروايات السينمائية , لكونه تسلق سلم النجومية وبفترة جدا قصيرة معتمدا على نفسه وعلى طموحاته المشروعة فقط .
فاضل عواد هو مطرب اعتمد على نفسه ودأب بشكل مستمر عن الكلام الجيد والتعامل مع الملحن الجيد بحيث اصبح اسمه ظاهرة فنية الى جانب مطربي السبعينيات , متميزا بصوته , وبادائه – خصوصية ذالك الدفىء الذي كان ينبعث من حنجرته مجسدا ادائه الجميل بجودة وبراعة الاداء .
ان التعبير عن الكلمة وتفسير معناها وتجسيد تعابيرها الفظية وبشكل صحيح والمنسجمة مع نوعية حنجرته المستقرة والتي ليس فيها اظطراب ذبذبي بقدر مافيها الاستقرار هو احد اسباب نجاحه , وكذالك من اسباب نجاح هذا الفنان , النطق السليم لمفردات الكلمة في اللفظ الصحيح قاده الى توصيل الاحاسيس الصادقة لمعاني الكلمات الى جانب عذوبة واشجان صوته , وخير دليل على ذالك حينما اطرب الاذن باغنية ( اشتاكلك يانهر ) .
انه فنان من طراز خاص , يمتاز بمساحته الصوتية والتي تمتد من القرار والى الجواب وبشكل سليم , هذا مايميزه عن بقية المطربين , اضافة الى ثقافته الواسعة وكما تجلت في اغنية ( اشكر بشامه ) ان فاضل عواد يملك من سعة الثقافة الموسيقية في الاداء بحيث لا تشعر بان مايغنيه فيه حالة من حالات النشاز في ربطه وانتقالاته من مقام والى اخر , بحيث لديه الامكانية في توصيل الكلمة واللحن الى اذن المتلقي بشكل رائع وسليم , ولذالك فمن دواعي سرور المتلقي ان يشد اذانه الى اغنياته ليطرب على مايسمعه من فاضل عواد .
ان فاضل عواد يملك من الخصوصية في عملية الاداء لا يملكها اي مطرب من اقرانه من المطربين , بحيث يصل الى اعماق احاسيس المستمعين ويعمل على اثارة المشاعر والشجون العاطفية من خلال صوته المتميز بالشجن والحنية والتي ليست موجودة عند بقية زملائه من المطربين .
انه يفسر الكلمة بالصورة الصوتية والذي فيه بحة خاصة كمثل بحة المطرب داخل حسن وقريب من المطربة زهور حسن , انه في تسجيل اغانيه يستحضر عواطفه ويتفاعل مع كلمات الاغنية ليستذكر تجاربه الحياتية والعاطفية منها , ليقوم بتحريك ومع هذا الاندماج في الاداء عواطف واحاسيس المتلقي , له هويته الخاصة في صوته ونبرات حنجرته .
تعد حقبة السبعينيات الفترة الاهم في تاريخ الغناء العراقي بشكل عام وفي حياة فاضل عواد بشكل خاص , كانت حقا فترة حافلة في مشوار فاضل الفني , حيث تعامل مع مدارس متنوعة من مدارس التلحين لكبار الملحنين العراقيين وافلح في اداء الالوان الغنائية لهذه المدارس ومنهم عباس جميل وكوكب حمزة وطالب القرغولي ومحمد جواد اموري --- الخ .
لقد تالق في اداء اغاني متنوعه منها ( الويل ويلي مكحلة ) حيث اداها بخصوصيته الخاصة , وهذا هو سبب نجاح فاضل عواد والذي اكده الملحن الكبير كوكب حمزه حينما قال: ( ان المطرب فاضل عواد يحفظ اللحن ويتصرف به وبموجب ثقافته الموسيقية وخبرته الواسعة في الاداء الجميل ) , انه يضيف من ابداعاته ولمساته الصوتية في الاداء بحيث يؤديها باسلوب تبهر الملحن نفسه , ولهذا كان يتعامل مع اللحن باحاسيسه وبموجب مدرسته التي تالق من خلالها في الاداء واضافاته الخلابة والتي يحاول اكساء الاغنية بطابع فني جميل ينسجم مع حنجرته الشجية , حيث نال اعجاب كبار الملحنين منهم طالب القرغولي ومحمد جواد اموري وجعفر الخفاف وكوكب حمزة وكمال السيد والذي لحن له ثلاث اغنيات منها ( دور بينا ياعشك , ولا بالمحطة , روحي بيده , ) وهذه الاغنية الاخيرة هي من كلمات الشاعر عريان السيد خلف حيث انه كان معجب بادائه لها حينما قال : هذه الاغنية كانت تخرج من احاسيس انسان عاش الحب بصدق ومن خلال عاطفة حقيقية حركت احاسيس قلوب المستمعين من خلال ادائه للاغنية في تلك الفترة الحافلة بالنشاط الفني , لقد بلغت شهرت فاضل عواد عربيا من خلال اغنية ( يالجمالك سومري ) والتي حازت على الميدالية الذهبية لمهرجان الاغنية العربية في دمشق عام 1972 حيث اداها باروع مايمكن ونالت اعجاب لجنة التحكيم والمعنيين بالمهرجان من كبار الموسيقيين العرب ومن ضمنهم الموسيقار الكبير فريد الاطرش والذي اندهش لهذه المفاجئة الفنية حينما استفسر عن فاضل عواد فاخبروه انه فنان عراقي عندها اشاد بصوته وادائه وبكلمات الاغنية والتي عبرت عن حالة من حالات الابداع في صياغة الكلام واللحن والاداء .
لقد اضاف تعاون الملحن الموسيقار طالب القرغولي مع المطرب فاضل عواد سمفونية صاغ تاليفها طالب القرغولي وعزفها بصوته الشجن فاضل عواد هي اغنية ( حاسبينك ) هذه الاغنية والتي تعد من الاغاني الطويلة والتي غناها فاضل في حقبة السبعينيات حيث نجح في اداء الاغنية الطويلة نجاحا باهرا وملفتا للنظر , واسباب هذا النجاح يعود الى امتلاكه للنفس الطويل الذي ساعده من ان يتواصل مع طول هذه الاغنية , اضافة الى ان قدرته الصوتية تعايشت مع انتقالات المقام والنغم لهذه الاغنية , اضافة الى ان التقنية الحديثة في البناء اللحني انسجمت مع نبرات صوته , الامر الذي جعل من فاضل عواد مطربا متمكنا من اداء الاغنية السبعينية التي عكست البيئة العراقية والريفية الحديثة , ان اغنية حاسبينك والتي لحنها الملحن الكبير طالب القرغولي فيها تعبيرا عاليا من التقنيات اللحنية اكثر منها في الطرب , وكونها تملك من المستويات اللحنية المتعددة المقامات والانتقالات والتي عبرت عن حالات انسانية طبيعية مضمونها الحب بكل مستوياته وعلاقاته الانسانية , حيث شكلت هذه الاغنية مرحلة للنضوج الفني وعلامة بارزة استطاع من خلالها ان يتميز هذا الفنان عن بقية مطربي مرحلته , اضافة الى هذا فهو خاض تجربة الاغنية الوطنية , حيث لم يكتفي بالاغاني العاطفية وانما بعد نشوب الحرب العراقية الايرانية وتسخير الفن لخدمة المعركة اخذ دوره للمشاركة في هذه المرحلة بالاغنية الوطنية باغنية : يمه يمه يمه يمه ويمه وشديت الجرغد بزنودي وللوطن ياروحي جودي
وماننسى الوصية يمى
وياوليدي زيد الهمه
يمه يمه يمه
في عام 1985 عاد الفنان فاضل عواد للغناء العاطفي عبر تعاونه مع الملحن جعفر الخفاف فظهر كاسيته الى حيز الوجود والذي يتضمن ثمانية اغاني ومنها ( عاش من شافك ) والتي نظم كلماتها الشاعر الغنائي حسن الخزاعي . حيث اداها فاضل عواد بشكل جميل والتي مازالت تحيا في وجدان المتلقي الى وقتنا هذا .
يعد فاضل عواد من اهم الاصوات السبعينية حيث تميز بدفئه وادائه الذي مكنه من اداء الالوان الغنائية المختلفة , فانه قد برع في العديد من اداء الاغاني البغدادية والتي تربى بين اجوائها , انه يملك من القدرة الغنائية في صوته وادائه , ذالك الصوت العذب والمتكامل من جميع الجوانب الفنية . اضافة الى امتلاكه للنفس الطويل وثقافته العالية في اللغة ومقوماتها اللفظية وامكانية صوته ومساحته مابين القرار والجواب مما جعله ان يطرق ابواب جميع الالوان الغنائية , حيث غنى الجوبي واغنية ( وتريد مني التفاح ومنين اجيب التفاح ) وكذالك غنى ايقاع الهجع في اغنية ( روحي ) وغنى ايضا الخليجي , اضافة الى امتلاكه موهبة في قراءة المقامات واجاد المواويل في اللغة الفصحى , ساعده في ذالك ثقافته الشعرية والادبية والتي اسهمت في تميزه عن مطربي جيله .
تم حصوله على شهادة الكتوراه عام 1990 من الجامعة المستنصرية , وعلى اثر ذالك عين استاذا في الكلية , وبعد ظروف العراق والغير المستقرة اظطر للسفر الى ليبيا عام 1995 ليعيش هناك ولمدة سنين طويلة , الا انه عاد الى العراق بعد عام 2003 ليستقر في العراق .
واخيرا يبقى فاضل عواد صوتا محببا للجمهور , حيث حاز هذا المطرب على اعجاب الشباب والشابات من الاجيال اللاحقة في زمن لا يتكرر مثل هذا الرعيل السبعيني من مطربي العراق .
Top