• Thursday, 05 December 2024
logo

البروفيسور دانيال دروكمان المختص في تحول الأزمات لمجلة( كولان):عملية تحول الأزمات تفاعل بين انشاء و حفظ و بناء السلام و بين ادارة الأزمات

البروفيسور دانيال دروكمان المختص في تحول الأزمات لمجلة( كولان):عملية تحول الأزمات تفاعل بين انشاء و حفظ و بناء السلام و بين ادارة الأزمات
دانيال دروكمان البروفيسور في العلاقات الدولية و العامة في جامعة جورج ماسون للسياسة و المختص في الشؤون الدولية و الحكومية و باحث معروف في جامعة ماكواير في سيدني ، وهو مختص ايضاً في كيفية تحول الأزمات من ازمات دموية مستدامة الى سلام دائم، التقته كولان و تحدث اليها عن هذه المسالة و المسائل الأخرى ذات العلاقة:
ترجمة/ بهاءالدين جلال

دانيال دروكمان البروفيسور في العلاقات الدولية و العامة في جامعة جورج ماسون للسياسة و المختص في الشؤون الدولية و الحكومية و باحث معروف في جامعة ماكواير في سيدني ، وهو مختص ايضاً في كيفية تحول الأزمات من ازمات دموية مستدامة الى سلام دائم، التقته كولان و تحدث اليها عن هذه المسالة و المسائل الأخرى ذات العلاقة:
* برأيكم هل ان ستراتيجيات ادارة الأزمات توفر السلام الدائم؟ وكيف يمكن تحويل الأزمة الى السلام الكامل؟
- هذا سؤال معقول، حيث هناك اختلاف في مركز بحوثنا بين ادارة الأزمات و بين معالجتها، و عندما تدار الأزمة سوف تتوقف كل وسائل العنف و لكن المشكلات المسببة للخلافات ستبقى قائمة، لذا ليست هناك علاقة بين المحاولة لأدارة الأزمات و بين المحاولة لحلها بغية التوصل الى سلام دائم، هناك نماذج كثيرة بهذا الشان في العالم تخص ادارة الخلافات الناجحة و التي لم يتم معالجتها، احد هذه النماذج الصراع حول ناكورنوقرباخ بين الأرمن و الأذربايجانيين في عام 1994 حيث جرت محادثات لوقف اطلاق النار بنجاح، ولكن الجانبين بقيا متخاصمين و رفضا اجراء المزيد من الحوار حول المسائل التي تم تقسيمها بينهما، ولقد اجرى الطرف الثالث محاولات لحثهما على ذلك و لكنه لم ينجح، اذاً فإن هذه المسألة بقيت قائمة و لم يجر البحث عن مخرج للخلاص من الأزمة. فالأتفاقيات المتعلقة بوقف اطلاق النار كانت تضم شروطاً للداعمين للسلام، اذاً السجلات الخاصة بنشاطات قوات حفظ السلام تحث على الأستمرار في تقليل الفجوات و التوصل الى الحلول، من دون الأتصال بالأطراف المتنازعة، لذا فإن القرار الرئيس لحفظ السلام يتضمن منع اعادة اعمال العنف بين الجانبين. كما ان هناك نماذج اخرى تشير الى التوصل الى الحلول في النزاعات، حيث البحوث الأحصائية حول انتهاء الحروب الأهلية تثبت وجود علاقة مهمة بين السلام الدائم و الألتزام بشروط الأتفاقيات التي تتتضمن شروط ادارة الأزمات.
الفحوى الرئيس للبحث هو اهمية مبادىء المساواة في الأتفاقية، و كذلك فترة المرحلة القادمة، النماذج الناجحة في تغيير ادارة الأزمات الى الحلول كثيرة منها: موزمبيق 1992، ناميبيا 1992، كواتيمالا1996، سلفادور 1992، جنوب افريقيا 1993، و كذلك زيمبابوي 1979. على الرغم من انّ المساواة تلعب دوراً مهماً في احلال السلام، ولكن هناك عوامل اخرى التي تعترض التحول من الأدارة الى الحل، كما في ناكورنو قرباغ1994،سنيغال 2004،ليبيريا 1995، الدروس التي نتعلم من هذه الحالات ينبغي ان يكون لها تأثير على النزاعات المستعصية في الشرق الأوسط.
* يعتقد الخبراء انّ مراحل تحول الأزمات تختلف عن ادارتها، و كما اشرتَ، و بسبب ان مراحل تحول الأزمات تشمل مجالات مختلفة في المجتمع، الى اي مدى سوف يكون لمراحل ادارة الأزمات تأثير على السلم الأجتماعي؟
- سؤال معقول حقاَ،ان عبارة تحول الأزمات Conflict Transformation اصبحت شائعة في الأدب و الصحف المعروفة عالمياً وليس لدينا تفهم واضح حول ماهيتها، ناشطو بناء السلم يؤدون دوراً مؤثراً في عملية تحول الأزمات، في الحقيقة هي عبارة عن التفاعل بين بناء السلام و المحافظة عليه، و التي تصنع مؤسساته الأجتماعية، و احياناً و قبل كل شىء يجب ان يعلم المواطن ان التغيير المؤسساتي هو عملية مستمرة، ان احد البحوث يظهر ان الجانب النفسي- الأجتماعي يشير الى انه عندما يحدث تغيير في الدوافع المعرفية و خاصة في الدورات التدريبية فإنها ستتكرر بشكل منظم، كما يشير البحث الى التغيير الشخصي الذي هو جزء من مشكلة التحول، لذلك ينبغي حدوث تغيير في الخطوات التي تُتخذ لتحقيق الهدف، حيث انه من الناحية النظرية المشكلة هي عبارة عن بناء جسر بين الأجزاء التي تشكلها مجموعات صغيرة من الأفراد وبين الكل وهو عموم المجتمع وهذه هي المسألة الرئيسة من الناحية النفسية. قد يكون تحول الأفراد هو اسهل جزء لمشكلة تحول الأزمات و انّ تغيير بناء المؤسسات هي المشكلة الكبرى. وما يتعلق بالنخب من اصحاب القرار فإن التحول يشمل الأرادة لتغيير السلطة و الصلاحيات الممنوحة للقادة السابقين و نقلها الى المواطنين، ان حالة موزمبيق توضح هذه التطورات التي يجب تحقيقها عندما تتحول مجموعة ثورية الى حزب سياسي يتمتع بكافة الحقوق و يمارس المشاركة في الحياة السياسية.
* هل ان الطرف الثالث يلعب دوراً نافعاً في تحول المؤسسات و في ضمان سلام دائم؟
- ان دور تدخل الطرف الثالث في الأزمات الداخلية و الدولية ليس مؤثراً جداً، وتؤكد البحوث الأحصائية حول التوسط الى انها اقل مما كانت متوقعاً خلال القرن المنصرم، هناك عوامل تؤدي الى ظهور نتائج غير ايجابية تخلو من محاولات التوسط، بل انها ظهرت من مصدر ضعيف تحت ضغوطات المؤسسات الدولية وهي في الأصل لن تجدي نفعاً بهذا الأتجاه، لقد كتب كثيراُ عن النواقص البيروقراطية للأمم المتحدة و منظمة التعاون و الأمن الأوروبية، ان منح جائزة نوبل للسلام للأتحاد الأوروبي كان مفيداً في الآونة الخيرة، لقد منحت الجائزة للأتحاد تقديراً لدوره في تثبيت الهوية الأوروبية بين الشعوب التي لها تأريخ طويل من التشتت و الأنهيار، حيث تم تشكيل اتحاد اقتصادي و حث الأتحاد الشعوب و هيأ لها وسائل التوجه نحو احلال السلام بين اعضائه، وهذا هو نموذج حول كيفية اجراء التغير في الأقتصاد و التجارة و التي سوف تكون لها انعكاسات كبيرة على الصعيد السياسي، ان التوسط سوف يؤدي الى توفير فرصة سانحة للنجاح و التوصل الى معالجات للمشكلات و الصراعات بين الأطراف المتنازعة عندما تكون لها هويات أو قيم مشتركة.
* أليس الدور الذي يلعبه الطرف الثالث اصعب من الأزمات الدينية و العرقية؟
- لقد قرأت في مجلتكم و باللغة الأنكليزية مقابلة مع آنا كيفمان، حيث جاء على لسان كيفمان في نهاية المقابلة: ان كل الأفكار المتشددة و الثقافات الأجنبية في العالم تجلب الأنتباه، و هذه المسألة سوف تستمر لحين سقوط الأنظمة الشمولية، ان الهدف من هذه العبارة هو: ان الأختلافات الفكرية تتركز بشكل اكبر على سيطرة الدولة وليست على أزمة العولمة، حيث يتم استخدام الأفكار و المعتقدات لتشويه الحقائق و لمصلحة قادة الحركات، و البحوث تظهر ان اصعب المحادثات حول الأتفاقيات هي التي تتعلق بالأفكار المتناقضة، ولكن المشكلة تنبع من السلطة و ليس من المعتقدات، انّ التغيرات ضرورية من قلة اصحاب القرارات الى الأغلبية في القرارات من المواطنين، المجتمع التعددي تتطور فيه الأفكار الأثنية و الدينية وهي بحد ذاتها تشكل هدفاً لتحول الأزمات، لأعود الى سؤالك، في الحقيقة ان التوسط الذي يؤكد على الفعل هو صعب جداً لحل الأزمات و خاصة عندما تكون ناتجة عن الأختلافات الاثنية و الدينية، ويكون التوسط في هذه الأزمات ناجحة بمساعدة الأطراف الأخرى والتي تدفع باستراتيجيات لتغير المؤسسات الشاملة.
* لماذا بعض الأزمات التي تتوسط لحلها الأمم المتحدة و الطرف الثالث تتكرر مرات اخرى حتى انها تتعقد اكثر بعد مغادرة الأطراف التي تتوسط فيها؟
- يحدث هذا عندما تعوّل الأطراف المتنازعة كثيراً على الأطراف التي تتوسط بينها، احياناً كثيرة لاتؤدي نتيجة التوسط الى سلام دائم، بل ان تطور هذه الوساطة هو من تأثير الأطراف الثلاثة و من ضمنها (المتنازعة)..كما انّ اعداد الأطراف لفترة ما بعد الوساطة مهمة جداً من اجل بقاء هذا التطور، و في النهاية تعجز الأطراف المتعلقة بالوساطة عن الأستمرار في عملها و لاتعرّض سمعتها الى خطر تكرار النزاعات مستقبلاً، المقترح الرئيس هنا هو حث الأطراف التي تتوسط في النزاعات على تمديد فترة عملها خشية تداعيات تلك النزاعات.
* لقد رأينا انّ فرنسا و المانيا استطاعتا احتواء المعوقات و التعاون بينهما بعد قرن من النزاع، كيف تمكنت تلك الشعوب من تغيير علاقاتها؟
- انا اتفق معك بأن هذا هو تطور ملحوظ في العلاقات الدولية، كل كلامي الذي ورد اعلاه يتعلق بدور الأتحاد الأوروبي في بناء علاقات سلمية بين اعضائه، ان تطوير هوية اوروبية اكبر تحول الى تغيير العلاقات التأريخية، و لكن ينبغي القول انّ المانيا تغيرت عبر مرحلتين، الأولى هي التقسيم بعد الحرب العالمية الثانية وحيث تحول جزء من المانيا من الدكتاتورية الى الديمقراطية كالشعوب الأوروبية الأخرى التي اصبحت ضحايا للأحتلال الألماني. الثانية هي ظهور المانيا الأتحادية بعد الحرب الباردة، فالدروس التي تعلمها الألمان من هذه التجارب شكلت عاملاً مساعداً للألمان حيث تحولوا الى جزء من العالم و افشلت الأحتلال كمكافأة للمساعدات الدولية.
* لماذا نلاحظ انّ الكثير من الشعوب قلقة ازاء التوافق؟
- هناك عوامل كثيرة للتعرف على اسباب الأبتعاد عن التوافق، احد هذه العوامل يتعلق بالنمو الأجتماعي السياسي، حيث ان الأطفال يتعلمون بعض الثقافات في الحياة الأجتماعية وهي عبارة عن سباقات، و البقاء يتعلق بالفوز في سباقات المدارس، أي في الساحات وفي الحياة المهنية، و الآخر يتعلق بتشدد هوية الاصول و الديانات، ان الحياة الأجتماعية لدى العديد من شعوب شرق اوروبا و دول الأتحاد السوفيتي السابق نظمت حول المجموعات كالقبائل، العامل الثالث هو قياسي، حيث ان وجهات نظر التوافق المقبولة تساوي فكرة الفقدان و ليس الكسب، و في الحقيقة التوافق أي الخسارة و الفقدان، ولكن الشىء الرئيس هو ان الجانبين يفقدان المكاسب معاً، هناك الكثير من الأفكار العجيبة وهي ضرورية حول حل المعادلات و التوافق كتداول المفضلات المختلفة و حماية صداقة طويلة الأمد على حساب الأتفاقيات قصيرة المدى من اجل نجاح الحوار.
ان فوائد التوافق تتعادل مع نواقص الأتفاقيات غير النموذجية، ان معالجة التوافق تكون عادلة و تبقي على العلاقات، و المعالجات الجيدة و التي تسمى( التكميلية) تكون فيها عموم الأطراف فائزة فيما يتعلق بنتائج التوافقات.
* ماهو بعض تداعيات الفشل في ادارة الأزمات؟
- احد تداعيات هو استتمرار أو زيادة العنف، و الآخر هو تفكك الدولة، و الثالث هو احتمال انتشار العنف من خارج الحدود. لأن طرفي النزاع كل واحد منهما يحاول الحصول على الحلفاء، و الاخر هو فقدان الثقة بين المتنازعين في عملية السلام أو بين حامييي السلام و الأطراف التي تقوم بالوساطة، ان ادارة النزاع و الخلافات خطوة مهمة ريثما تصل الى سلام دائم.
* هل من كلمة اخيرة؟
- شكراً لمجلتكم و افساح المجال لي للأجابة عن اسئلتكم، ارجو ان اكون قد وفقتُ في تزويد القراء بهذه المعلومات المستندة على البحوث، ان ثروة علمية اجتماعية قد تراكمت خلال العقود الأخيرة و اصبحت مصدراَ للفهم بغية المشاركة في طرح معلومات عن السياسة و ادارة العديد من النزاعات و من ثم ايجاد مخارج و معالجات لها.
Top