عميد معهد الدراسات الأسلامية و امام و خطيب جامع رشاد المفتي، الدكتور عمر ملا حسن مرو لـ (كولان):ما يحدث اليوم داخل اروقة برلمان كوردستان ممارسة حزبية ضيقة تضر بشعب كوردستان
August 5, 2015
مقابلات خاصة
لحرب الفكر ضد داعش اهميتها الخاصة، كما انّ مواجهة فكر العنف و التشدد مهمة تقع حتى على عاتق رجال الدين، و للحديث عن هذه المسألة و الوضع الحساس الآن في اقليم كوردستان اجرت (كولان) هذا اللقاء مع الدكتور عمر ملا حسن مرو عميد معهد الدراسات الأسلامية و امام و خطيب جامع رشاد المفتي في اربيل<<ترجمة : بهاء الدين جلال
لحرب الفكر ضد داعش اهميتها الخاصة، كما انّ مواجهة فكر العنف و التشدد مهمة تقع حتى على عاتق رجال الدين، و للحديث عن هذه المسألة و الوضع الحساس الآن في اقليم كوردستان اجرت (كولان) هذا اللقاء مع الدكتور عمر ملا حسن مرو عميد معهد الدراسات الأسلامية و امام و خطيب جامع رشاد المفتي في اربيل.
* الشعب الكوردي شعب مسلم وتأريخه حافل بوجود الكثير من العلماء و رجال الدين المعروفين، ولكن نجد الآن ان هناك تداخلا بين التوجه و الفقه الأسلامي و المذهبي، ترى ما هو سبب ذلك؟
- في تاريخ الشعب الكوردي العشرات من علماء و رجال الدين، ولن تخلو اية منطقة أو قرية في اقليم كوردستان من مسجد او تكية أو حتى مصلّى، وهذا دليل على ان الشعب الكوردي انجب رجالاَ و علماء معروفين لهم مواقف وطنية و قومية اصيلة، كما كان بينهم قادة عظماء يشهد لهم التأريخ بالمجد و السمو منهم الشيخ احمد بارزاني و الشيخ محمود الحفيد و القاضي محمد و ملا مصطفى بارزاني الى جانب عشرات آخرين من القادة و رجال الدين، هؤلاء لعبوا دوراً مشرفاً في خدمة قضية شعبهم و الدين الأسلامي، و على الصعيد الداخلي كان هناك المذهب الشافعي الذي يعود الى العقيدة الواحدة ألا وهي عقيدة الأشعري، و التي ساعدت في توحيد و رص صفوف الشعب، و حتى لو وجدت الخلافات فإن تأثيرها كان محدوداً، على عكس ما نراه الآن من الفتاوى و وجهات نظر مختلفة ظهرت على الساحة، وهذه الفتاوى ادت الى تفاقم الخلافات في التفاسير الدينية التي يطلقها بعض ما يسمى بالداعية، و بالنتيجة ادت الى تشتت الفهم من تعاليم الدين الاسلامي الحنيف.
* هل ان هذه الخلافات تضر بالدين الأسلامي الحنيف و الشعب الكوردي؟
- ان بعض الأخوة في الأحزاب الأسلامية و الدعاة جعلوا انفسهم بدلاء لرجال الدين حيث يفتون و يتحدثون كيفما يشاؤون، وهذا بالنتيجة يؤثر على وحدة الخطاب الديني، كما نجد ان كل الأحزاب الأسلامية لها مكاتب للعلماء المسلمين ، واعتقد انه من الضروري بقاء العالم الديني مستقلاً و غير منتمي الى أي حزب سياسي، وبعكس ذلك سيأخذون التوجيهات من احزابهم ما يؤثر على التوجه الديني و المهمة التي يؤدونها كعلماء و أئمة مساجد، بل ان واجب العالم الديني هو التحدث بما جاء في القرآن الكريم و احاديث الرسول(ص).
* ان ارهابيي داعش فرضوا حرباً على الشعب الكوردستاني المسلم و على الديانات و المذاهب الدينية الأخرى في الأقليم بأسم الدين الأسلامي، ما مهمة العالم الديني في هذه الظروف بالذات؟
- في هذا الوقت الذي يجري التحدث عن الدستور و الدين و العلمانية و رئاسة الأقليم، يواجه شعبنا أشرس عدو ارهابي، ولكن كل هذه المسائل احدثت قلقا كبيراُ، ودور علماء الدين الأسلامي لم يكن بالمستوى المطلوب و اقتصر فقط على الأدوار الفردية وليست جماعية، وعلى سبيل المثال كان الأجدر بنا انْ نتحدث من على المنابر عن الفكر الأرهابي و التكفيري لداعش و نوضح للمسلمين ان الدين الأسلامي هو دين الرحمة و النعمة و على عكس ارهابيي داعش الذين يرتكبون الجرائم باسم الدين و يخالفون نصوص القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الشريفة، ومن المؤسف هناك بعض رجال الدين لايتحدثون بأي شكل من الأشكال عن جرائم داعش و لايحاولون توحيد خطابهم الديني، و عندما يجري الحديث عن دستور اقليم كوردستان فإننا لانطالب بأن يكون دستوراً اسلامياً مئة بالمئة، ولكن يجب مراعاة الأسس الأخلاقية و الدينية لشعبنا، وفي كل الأحوال فأن علماء الدين في الأقليم يحبون شعبهم و وطنهم، و يصفون البيشمركة بالمجاهدين و ارهابيي داعش بالمفتنين و المعتدين.
* لماذا اعتبرت وزارة الأوقاف و العديد من علماء الدين ارهابيي داعش بأنهم كفار؟
- الجواب ينبغي انْ يستند على نصوص القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الشريفة، لا اعتقد ان شخصاً أو جماعة عندما يقعون في خطأ ما ، نقوم نحن المسلمين بالرد عليه بالخطأ ذاته، هم مجرد كفّروا المسلمين يتحولون مباشرة الى الكفار،(من كفَّر مسلماً فقد كفر)، نحن شهدنا و نصلي و نؤمن بالأسلام و شعبنا ملتزم بالتعاليم الأسلامية السمحاء، وبأتفاق علماء العقيدة فإن اي شخص يتلفظ بـ( لا اله الا الله محمد رسول الله) يعتبر مسلماً، حتى لو تقول انه يذكره من القلب أم لا، واذا سميت هذا الشخص كافراُ فإنك تتحول الى كافر ولكن داعش لديه تصرفات الكفار، انظر الى قبل مجىء الأسلام فإنهم ارتكبوا جرائم القتل و الأغتصاب و الحرق و النهب، وما يفعله داعش الأن هي ذات الجرائم، حتى انه لا يجوز لك الأعتداء على أي شخص باسم الكفر، لأن ذلك يتعلق بالله سبحانه و تعالى فإنه يحاسبه في اليوم الآخرة، (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26).) (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)، المهم هو انْ لا يعتدي علينا(لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وعلينا التعامل معهم بكل لين و سلام.
* بمرور المراحل الزمنية قام العرب و الأتراك و الفرس بالتلاعب بالفقه الأسلامي و الأحاديث النبوية الشريفة وفق مصالحهم و متطلبات حياتهم، وذلك بزج الدين تراثهم و تقاليدهم ، ولكن موقع كوردستان منحها الفرصة لجمع كل القوميات و الديانات على وحدة الفقه و الشريعة الأسلامية، هل تعتقد ان هذا التلاعب بالدين الأسلامي الحنيف أضرّ بشعبنا و بالأسلام؟
- الكورد هم الشعب الوحيد الذي احترم الأسلام و اعتنقه ولم يستخدمه في سبيل مصالحه و اهدافه، على عكس البلدان التي انقسمت عليها كوردستان حيث استخدمته ضد شعبنا الكوردي، هناك بعض المبادىء الثابتة في الأسلام لا يجوز التلاعب بها كالصلاة و الصوم و الحج و تحريم القتل و الخطايا الكبيرة و تحريم شرب الخمر ولكن هناك امور اخرى يمكن اعادة النظر فيها، حبذا لو قام العلماء و رجال الدين الأسلامي بأعادة النظر بكل المسائل الفقهية عبر المؤتمرات و الندوات، لأن الفقه الأسلامي هو النتاج الفكري للعلماء السابقين و المراحل المنصرمة، ولكن القرآن هو الشريعة، لذا يجب التمييز بين الشريعة و الفقه الأسلامي، اذاً لماذا ظهرت كل هذه المذاهب، نحن اليوم نعيش مرحلة اخرى استجدت فيها كل الأمور، حيث نجد الشعوب تعمل على المسائل الفقهية وفق مصالحها، لذا يمكن لعلماء الكورد و رجال الدين الأسلامي اعادة النظر بالمسائل الفقهية من منظور الشريعة، خاصة في المسائل التي هي ضد اهداف و مصالح شعب كوردستان.
* لقد ترك الرئيس البارزاني قصر رئاسته وكل مسؤولياته و توجه الى الخطوط الأمامية و وقف مع البيشمركة، كيف يقيّم العلماء و رجال الدين موقف الرئيس البارزاني هذا؟
- اية امة في التأريخ لاتستطيع قضاء حاجاتها و امورها الدنيوية من غير قائد ملهم و شجاع، يروي ابن قيم عن الأمام احمد الذي وجّه اليه سؤال مفاده: هناك شخصان نريد انْ نجعل احدهما اميراً لنا، الأول هو رجل مؤمن و متق ولكن سلطاته محدودة و غير فاعلة، أما الآخر فهو غير متق ولكن لديه السلطة القوية و هو حكيم و عالم، اجابهم : اختاروا الثاني، لأنّ التقوى هو بين الأنسان و ربه، ولكن الذي يملك السلطة و العلم فإنه يعمل لخدمة المسلمين، لايوجد اليوم في اقليم كوردستان شخص يستطيع ادارة الظروف و الأوضاع و كذلك ادارة المعركة و الصراعات و مواجهة مؤامرات الأعداء، ان رئيس الأقليم استطاع ادارة حرب ضروس مع الد الأعداء و الأرهابيين، وهو يتمتع بالدبلوماسية و الحكمة و الأحترام على الصعيدين الداخلي و الخارجي، حيث تمكن من كسب تأييد الحلفاء و الحصول على المساعدات العسكرية لقوات البيشمركة، ولكن في الوقت ذاته نطالب سيادته بمراجعة الوضع الداخلي و اجراء المزيد من الأصلاحات الأدارية و محاربة الفساد، حيث لايمكن للبيشمركة انْ يُستشهد و يدافع عن شعبنا ووطننا و هناك آخرون يوجهون لنا السهام من الخلف.
* توجد في اربيل و اقليم كوردستان بصورة عامة العديد من المساجد، وهي قريبة عن بعضها البعض، و تلقى فيها الخطب الدينية و خاصة في ايام الجمع، هل تم تنظيمها بقانون؟
- من ناحية الشرع لايجوز بناء مسجد في منطقة الاّ في حال الحاجة الى مسجد آخر بسبب الزحام الشديد من المصلين، كان في السابق يراعى الموقع الجغرافي عند بناء المساجد، أما بالنسبة لألقاء الخطب الدينية يشترط في الخطيب انْ يكون مختصاً و يمتلك معلومات و مطلعاً على العلوم الأسلامية، لأن خطب اليوم تختلف عن السابق و لم تراع وزارة الأوقاف هذه النقطة، وليس من الشرط انْ يكون كل حامل شهادة هو ناجح في اداء واجبه كخطيب، لذا فإن الخطباء بحاجة الى دورات مستمرة.
* يمر اقليم كوردستان بمرحلة حساسة، و ان من مهمة كل المكونات و الأحزاب السياسية المحافظة على وحدة الصف، ماهو تفسيركم لهذه النقطة؟
- الدين الأسلامي الحنيف يدعونا الى وحدة الصف( و اعتصموا) أي حل مشكلاتهم بالشكل الذي يرضي الجميع، وما يحدث اليوم هو بالذات مصدر قلق مستمر، فأعداء الدين و الشعب و الوطن تتربص و تتآمر ضد كياننا، وعلينا كعلماء الدين و من على منابر المساجد توضيح الجوانب الأخلاقية و الأجتماعية الأصيلة للناس، لقد بذل قادتنا و في مقدمتهم الرئيس مسعود بارزاني جل جهوده من اجل المحافظة على هذا الكيان الكوردي الفتي، و قدم بيشمركتنا الأبطال ارواحهم دفاعاً عن كرامة و شرف شعبنا، و ما يؤسفنا اليوم هو انصياع بعض اعضاء البرلمان لمطاليب احزابهم التي ينتمون اليها و ما يحدث اليوم في اروقة البرلمان يقلق الشعب، ولدي ملاحظة وهي انه يجب على الحزبين الأسلاميين( الأتحاد الأسلامي و الجماعة الأسلامية) اللذين لا يملكان صفات الأصلاح، وكان من واجبهما التعامل مثل ما يأمر القرآن الكريم( و اصلحوا ذات بينكم)، و على عكس ذلك اصبحا طرفين في المنافسات و الصراعات الحزبية داخل البرلمان، وعليهما التوسط و المحافظة على الحيادية في تناول المواضيع الحساسة، (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما).
* هناك حرب مذهبية و طائفية في العراق و المنطقة، ماذا على الكورد ان يفعل لكي لايكون طرفاُ من هذه الصراعات الطائفية و خاصة السنية و الشيعية؟
- غالبية الكورد هم من المذهب الشافعي، ولهذا نجد ان كوردستان كانت بمنأى عن هذه الصراعات في الفترة الماضية، ومن مصلحة الكورد الألتزام بأهدافه و حقوقه القومية بعيداً عن الصراعات الطائفية، ومن المؤسف حقاً وجود بعض العناصر داخل الأحزاب الكوردستانية يفرضون شعورهم المذهبي و الشخصي على الشعور القومي، وارجو ان لاينصاعوا الى النزعات الأقليمية و الطائفية.