البروفيسور جوشوا لانديز لمجلة كولان:سوف نرى تشكيل دولة كوردستان المستقلة، و لكن الأهم هو انْ يستطيع الكورد طرح الفكر القومي بأسلوبه الليبرالي
December 11, 2014
مقابلات خاصة
البروفيسور جوشوا لانديز هو استاذ العلاقات الدولية في جامعة اوكلاهوما و متخصص في القضية السورية و الكوردية في الشرق الأوسط، تحدث في لقاء مع كولان حول موقع الكورد في الشرق الأوسط و التحولات الجارية في المنطقة:ترجمة/ بهاءالدين جلال
* قد تشهد المعادلة السياسية في المنطقة تحولات كبيرة، وبالخاصة انّ حرب داعش الآن هي سبب لبقاء الأسد و نظامه، ماهي قراءتك لهذه المسالة؟
- آخر مرة جرى فيها الحديث عن سوريا كان في مؤتمر جنيف حول انقاذ البلد من الأسد، وفي الوقت الحاضر لم يعد الربيع العربي مسألة تثير المجتمع الدولي عندما يجري الحديث بشأن الشرق الأوسط، و لكن الأهتمام منصب فقط على مواجهة الأرهاب، و نمو الدولة الأسلامية في العراق و الشام( داعش) التي اصبحت لها الآن تنظيمات في اليمن و السيناء،و هذا هو خبر مخيب للآمال بالنسبة الى الكثير من الليبراليين في الشرق الأوسط.
* و هل هذا يعني انّ اولوية السياسة الخارجية الأمريكية قد تحولت الى مواجهة الآرهاب؟
- من المعلوم انّ الأولوية الآن تحولت الى مواجهة الأرهاب، وهذا خبر سار بالنسبة الى الكورد، لأن امريكا تبحث عن حرب لأحتواء داعش، و بالتأكيد فإنّ الكورد هم في موقع متميز، ولكن يواجه الكورد في كوبانى و عفرين مشكلة، فالكورد في شمال العراق و الشمال الغربي لسوريا هم في موقع جيد لغرض تقديم المساعدات لهم، واقول انها فترة خطيرة بالنسبة لكورد عفرين، و تعيش تركيا في دوامة، و الولايات المتحدة الأمريكية وضعها غير مستقر بسبب ان الأمر الواقع يشير الى انّ نظام الأسد هو الشريك الستراتيجي للولايات المتحدة ، ولكن تركيا و كذلك امريكا تنفيان ذلك.
* اذاً انكم تنتظرون انْ تتحول عفرين الى كوبانى جديدة؟
- لأن الكثير ينظرون الى عفرين الآن انها منطقة كوردية و بعيدة عن مركز كوردستان و اذا قرر الأرهابيون مهاجمتها منْ سيساند اهلها؟ وان امريكا ساعدت الكورد في كوبانى، ولكن تركيا كانت قلقة بشأن هذه المسألة.
* اتفق اقليم كوردستان و الحكومة العراقية مؤخراً حول توزيع عائدات النفط، الى أي حد نجحت امريكا في انشاء جبهة متحدة ضد الارهاب و هل يُنتظر طرح برنامج مشترك بين اقليم كوردستان و حكومة حيدر العبادي لمواجهة داعش؟ وما تأثير التحالف الدولي في الضغط على حكومة العبادي لحل خلافاتها مع الكورد؟
- طالما يكون داعش تهديداً على كوردستان وبغداد فإن الكورد و العرب سوف يستمران في التحالف لمواجهته. ولكن حتى لو استطاعت بغداد دحر داعش أو اضعافه فإنها تواجه مشكلات اخرى، لأن هناك مناطق يعيش فيها الكورد و العرب معاُ كما انه ليس هناك حدود واضحة المعالم بين الجانبين، فيما يسيطر الكورد على بعض المناطق يدّعي العرب انها مناطقهم الأصلية، لذا كان الكثير يعارض موضوع تزويد الكورد بالأسلحة من قبل امريكا، أو يطالبون بان يكون التسليح محدوداً، وهذا يثير سؤالاً: من هو صاحب الأرض الحقيقي، و سيُبقي على استمرار وجود الخلافات بين الكورد و العرب لعقود طويلة.
* هل يحدث تحوّل من التحالف السني الى التحالف الشيعي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؟
- هذا صحيح بالنسبة الى الدول السنية، لأنه جرى تقسيم الدول السنية بين تركيا و السعودية، حيث تدعم تركيا الأخوان المسلمين، فيما تصف السعودية الأخوان بالعدو اللدود، وقد راينا مؤخراً تشكيل مجلس قيادة ثورية في سوريا، حيث اجتمعت 17 مجموعة من الميليشيات المسلمة في تركيا من اجل تشكيل قيادة مشتركة ولم تشارك فيه السعودية و المناطق المحيطة بدرعا، اذاً نرى ايضاً هذا التقسيم حتى بين السنة التي تدعم الأخوان و كذلك السنة المعادين للأخوان بين الشمال و الجنوب، حيث تطور السعودية من الجنوب مجاميع تختلف عن المجاميع التي تدعمها تركيا، وهذا يعني وجود عالم سني ومعادي للشيعة والعراق و سوريا، ولكنها غير متفقين، لذا لااعتقد انّه قد يطرأ تغيير في مسألة تهميش السنة و تأييد الشيعة، ولكن عندما تبتعد واشنطن عن المنطقة فإن دور امريكا سوف يقل في حرب السلطة بالشرق الأوسط، لذا فهي تحاول ايجاد توازن ازاء السعودية، ولكن عليها الآن تغيير دورها التقليدي في تغيير نفسها كعدو لأيران و كصديق للسعودية، بحيث يلعب دوراً متوازناً في العمل مع ايران عند بعض المسائل العالقة، و في اخرى تعمل مع السعودية.
* هل تعتقد انّ قطر لها الموقف التركي ذاته؟
- بالتأكيد كذلك، هذا التقسيم يهدد دول الخليج،.
* في رسالة اوباما الى الخامنئي اشار فيها الى انّ ستراتيجية التحالف الدولي لمحاربة داعش لاتضم اسقاط نظام بشار الأسد، هل هذا لايعني تحالف امريكي مع الشيعة و في الوقت ذاته فهي حليفة للسعودية؟
- اعتقد ان البعض يبتعدون كثيراُ، غالبيتهم في سوريا و خاصة الذين هم في المعارضة، عندما يرون انّ امريكا لا تؤيدهم، يفسرون ذلك انّ هناك تحالفاً سرياً امريكياً مع بشار الأسد، وهذا بعيد عن الحقيقة، من المعلوم ان لأمريكا عدو مشترك الا وهو داعش، ولكن الموقف التأريخي الأمريكي ازاء الأسد لم يكن صادقاً، كل القوى السنية في المنطقة ترغب في قيام امريكا بأسقاط الأسد، ولكن الأخيرة لا تريد ان تفعل، لأنها تعتقد لو قامت باسقاط الدكتاتوريات سوف يؤدي ذلك الى بث الفوضى و عدم مجىء انظمة افضل منها، لقد تبين لنا ذلك من خلال العراق و ليبيا و اليمن.
* نحن نعلم انّ هناك تقسيماً في شمال افريقيا و كذلك في الشرق الأوسط على أساس الطائفية، اي بين السنة والشيعة، ويشمل تركيا ايضاً، و بين هذا وذاك نجد ان الكورد هم القوة السنية الوحيدة التي تحارب داعش دون تردد، وقد لعب الكورد دوراً رئيساً فيها، اذاً ما اهمية قيام المجتمع الدولي بتقديم المساعدات لهم؟
- هذا صحيح، فإن هذا يجعل البيشمركة و كورد العراق في موقع قوي، ولا يساعد محادثاته مع بغداد فحسب، بل مع تركيا و امريكا، و بالتأكيد فإنّ على البيشمركة ان يكون حذراً لأن تركيا تحاول التفريق بين مواقف الكورد من ناحية الحرب ضد بيدة، وهذا يوفر فرصة اكبر للبيشمركة لكي يلعب دوراً دبلوماسياً في تطوير العلاقات بين بيدة و الكورد بصورة عامة و كذلك مع تركيا، ولكن في الوقت ذاته يفتح ابواباً من المخاطر بوجه البيشمركة ـ لأن الأخير اذا فكر محلياً و اهتم فقط بمصالح اقليم كوردستان، فأنهم سوف يُستخدمون من قبل تركيا لأيذاء بيدة، من جهة اخرى انها فرصة كبيرة للكورد لأن المجتمع الدولي بحاجة ماسة الى الكورد كشركاء أصلاء ولكنه لا يتخذ من العرب السنة شركاء له لأنه يدرك جيداً انهم لا يتفقون معه، ومن وجهة نظر امريكا ان الكورد لايرغبون في احتلال اراضي العرب التي تعود تأريخياً للعرب، ولكن في المناطق التي يتواجد فيها الكورد و الغرب فإنهم يرغبون بأدارتها، و الكورد يرفضون انْ يتحولوا الى اداة بيد امريكا في المنطقة لذا عليهم اتخاذ الحذر.
* كيف يمكن محاربة داعش في الوقت الذي تقوم دول التحالف ضد الدولة الأسلامية بتطوير منظمة تابعة للقاعدة؟
- نحن لانملك حلاً سياسياً، كما ان امريكا لاتملك حلاً سياسياً لدحر داعش، حيث انها بعد صرف مبالغ كبيرة في العراق تخلت عنه و غير مستعدة انْ تنشغل بأي حل، بل انها مستعدة فقط لمحاربة داعش.
* هل تتوقعون حدوث تغييرات في الحدود، خاصة بعد ظهور صراعات و خلافات كبيرة في الشرق الأوسط؟
- اعتقد اننا نشهد نشوء دولة كوردية و هذا هو التحول الكبير في الحدود، انا لا اتوقع حدوث تغيير في الحدود بين العراق و سوريا، على الأقل ليس بشكل رسمي، و بالتأكيد ليس هناك وجود حقيقي للحدود بين سوريا و العراق، ولكن لا أتوقع ايضاً موافقة المجتمع الدولي على أي تغيير في الحدود، ولكن نتساءل هل تقوم الحكومة المركزية بأدارة حكم سوريا مرة اخرى؟ واذا سألتني هذا السؤال ، فإنني لا أستطيع الأجابة عنه، اعتقد ان سوريا سوف تشهد في السنوات اللاحقة انقسامات داخلية كبيرة، أي ان جماعات امنية و مسلحة ستبقى مستمرة في سوريا حتى لعشر سنوات قادمة.
* ماهي رسالتك الأخيرة؟
- استطاع الكورد تحقيق النجاح، لأنهم يبدون كمسلمين معتدلين، كما انهم يدافعون عن مجاميع و اقليات و يمنحون المرأة الحرية و المساواة في الحقوق و الواجبات، و لهذه الأسباب يرغب العالم الغربي مساعدة الكورد، وهذه نقطة مهمة من وجهة نظر الغرب، لأن اوروبا كانت تضغط على تركيا لعقود من الزمن بغية الأعتراف بحقوق الكوردو ايقاف اسوء انواع التمييز، اذاً ظهور حقوق الكورد في تركيا و كوردستان العراق مهم جداً و يلعب دوراً مهماً و مستمراً في نيل حقوق الكورد للعراق و كذلك في سوريا، كما نجح الكورد في حملتهم التي اطلقوها للحصول على الدعم الدولي، لأنهم سبق انْ ذاقوا الأمرين بيد التعصب القومي الشوفيني الضيق للعرب و الأتراك ، وانها اهانة كبيرة اذا ما قام الكورد بالتعامل مع غيره مثلما قام العرب و الأتراك بمحاولة مسخ هويتهم الكوردية، لذا عليهم مهمة كبيرة وهي طرح شكل ليبرالي في المسائل القومية.