الأكاديمي و الصحفي العالمي ديفيد اوتاوا لمجلة(كولان):عجز بغداد عن معالجة مشكلاتها مع اربيل سوف يؤدي الى اعلان دولة كوردستان
November 17, 2014
مقابلات خاصة
تمر منطقة الشرق الأوسط بأزمات كبيرة ادت الى ظهور فوضى وحالة عدم الأستقرار و اختلال التوازن بين انظمة الحكم، وفي الوقت ذاته تشكّل تلك الأزمات تهديداً للسلام و الأمن العالميين، وفي خضم هذه الظروف التي تشهد الآن حرباً دولية، فإنّ الكورد الى جانب كونه عنصراً مهماً في المعادلة السياسية المعقدة، يُعتبرالقوة الرئيسة في جبهات الحرب ضد داعش، وللحديث عن هذه الأوضاع المعقدة و مستقبل الكورد، التقت مجلة كولان بالمحلل الكبير في مركز ووردو ولسن (ديفيد أوتاوا) حيث اجاب عن الأسئلة الموجهة اليه:ترجمة/ بهاءالدين جلال
* تحولت الشرق الأوسط الى مصدر عدم استقرار الأوضاع ما شكّل ذلك تهديداً للأمن و السلام العالميين، ماهي اسباب هذه الأزمة الكبيرة؟
- في البداية لا أعتقد انها تهديد على النظام العالمي، قد يكون تهديداً على الأنظمة العربية و على اوروبا و امريكا بسبب عودة الأرهابيين الجهاديين الذين سافروا الى العراق و سوريا، وبالتأكيد انها تهديد للنظام في الشام، ولكن لا يمكن الأشارة الى ان هذه الأوضاع تهدد النظام العالمي.
* تم الأتفاق في اوروبا على عدم قيام أي طرف بأستخدام القوة ضد طرف اخر، ولكن لاحظنا ان روسيا دخلت اوكرانيا عن طريق القوة واستطاعت ضم جزء منها الى بلادها، وهذا يعني تعرض استقرار اوروبا الى الخطر، ومن جهة اخرى فإن روسيا تدعم بقاء الأسد في السلطة، هل يؤدي لموقف الروسي الى توجيه العالم نحو ظهور القطبية؟
- بالتأكيد سيؤدي الى هذا الأتجاه، ولكن المشكلة الأخرى هي وجود تنظيم داعش الأرهابي، وهذا سيجمع امريكا و اوروبا و روسيا معاً لأنها تواجه تهديداً مشتركاً، هناك نظام عالمي معقد، ففي بعض المسائل نرى ان الدول التي بينها خلافات قد تتحالف في بعض المسائل، وخير مثال على ذلك مسألة النووية الأيرانية حيث ان الدول الغربية و روسيا و الصين متفقة على منع ايران في القدرة على انتاج السلاح النووي، هذا الى جانب وجود خلافات بينها حول بقاء الأسد في السلطة، اذاً هذا هو العالم المعقد، التي نرى فيه ان الدول المختلفة بينها تتحالف من اجل، أو ضد المسائل التي تدعمها، أو تحارب ضدها.
* يواجه العالم تهديد خطير كالدولة الأسلامية، حيث لا يُسمح للصحفيين بتغطية احداث الحرب اعلامياً، أي انها اول حرب لا يُسمح فيها تغطيتها، هل ان هذا التكتيك من قبل داعش أثّر على تفكير العالم في مواجهة هذا التهديد؟
* كنتُ في الفترة السابقة، وانا متفق معك في هذا الأمر، انّ احداث هذه الحرب غامضة، ويتم تغطيتها اعلامياً من طرف واحد، وتحجب علينا حقائق تتعلق بأوضاع الجهاديين، فمنهم عاد من الحرب، أو منْ تخلى عن داعش، كما ان هناك منْ يروي قصته حول كيفية قضاء حياته في صفوف داعش، أو هناك افكار يطرحها داعش تتعلق بالجرائم بحق الأهالي الخاضعة لسيطرتهم ومن المعلوم ان مهمة الصحفي صعبة للغاية و خاصة عندما يتعامل مع داعش حيث يُعرّض حياته للخطر في حال دخل مناطقهم بغية التغطية الأخبارية لمجريات القتال لذا عليه دفع ضريبة ذلك.
* لقد تبين للتحالف الدولي ضد داعش ان الضرورة تقضي بتشكيل قوات برية، و ان الضربات الجوية لوحدها لاتكفي لدحر داعش، وانه يحاول تشكيل هذه القوات من العرب السنة في سوريا و العراق، ولكن لم يتم ىذلك حتى الآن وقد تعرضت العشائر العربية السنية في العراق مؤخراً الى الأبادة الجماعية على ايدي داعش عندما حاولت اسناد الجيش العراقي، هل هذا يمهد الطريق امام التحالف في مسألة القيام بتشكيل قوات برية من الدول الغربية أو من دول التحالف؟
- ادى قيام داعش بقتل المئات من ابناء عشائر السنة المعارضة الى زيادة الجماعات المعارضة لداعش، المسألة غير واضحة ، هل هذا التصرف بقتل ابناء السنة بمثابة انذار لهذه العشائر من اجل التخلي عن مساندة الحكومة، ام لأجبارها على الألتحاق بصفوف داعش؟ الشىء الذي يؤثر على السنة هو مدى جدية حكومة بغداد التي تحكمها الأغلبية الشيعية بأشراكهم في الحكم و الأعتراف بحلمهم الأقليمي، هذه خطوة ملموسة تساعدهم للخلاص من داعش ولكن هذا الأمر يتطلب ربما شهوراً، ولاندري هل تتوفق فيه الحكومة أم لا، كما ان القصف لوحده لا يعالج المسألة، و الأمر لايحتاج الى قوات البيشمركة و الكورد فحسب، بل من الضروري اشراك العشائر السنية في هذه الحرب، ولكن هذه المسألة غير واضحة المعالم حتى الآن، هل انها تجري على نطاق واسع لتحرير محافظة الأنبار من سيطرة الدولة الأسلامية أم لا.
* القوة الوحيدة التي يمكن انْ تتصدى لداعش على ارض الواقع هي قوات البيشمركة و ان لأقليم كوردستان الستراتيجية الغربية ذاتها في مواجهة داعش، الى أي حد يشكل هذا الأمر عاملاً لمساعدة الأقليم من الناحيتين العسكرية و الأنسانية، حتى يستطيع محاربة داعش بدلاً من التحالف الدولي؟
- منذ بداية الحرب ساندت الدول الغربية اقليم كوردستان وخاصة عندما حاول داعش اقتحام الأقليم، وكان من المفروض انْ يكون لأمريكا و الغرب رد فعل مباشر لمنع ذلك، ولازال الكورد مستعدين لموجهة محاولات توسع دولة داعش، لذا فإن امريكا و الدول الغربية الأخرى بدأت بالعمل مع الكورد وكذلك في سوريا، ولكن بغية تحقيق الأنتصار في هذه الحرب ينبغي انْ تقوم الدول الغربية بأقناع الدول العربية و الغربية الأخرى بأنّ هذه الحرب هي خطر عليها ايضاً و يجب جر السنّة الى المشاركة فيها، و محاربة داعش غير مقتصرة على الكوردفحسب، بل يجب على امريكا العمل في اعادة بناء الجيش العراقي. صحيح ان امريكا و الغرب عملت منذ البداية على ايقاف زحف قوات داعش نحو اقليم كوردستان، أو في سنجار، أو الذهاب الى كوبانى، ولكن هذه فقط عملية ايقاف لتلك القوات و انّ تراجع تقدّم داعش جرى منذ بداية العملية.
* هل ان نهاية هذه الحرب تؤدي الى تغيير الحدود، كما نتج ذلك عن الحرب الأوروبية و التي استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً؟
- هذا يتوقف على المنتصر في هذه الحرب، اذا ماتم دحر داعش، لا يكون هناك احتمال لتغيير الحدود، لا اعتقد ان الأراضي التي استولى عليها داعش حالياً تتحول الى نواة لأنشاء دولة تستمر و تصمد للآخر، الدولة الجديدة التي من المحتمل انْ تتشكل في هذه المرحلة عبارة عن دولة كوردستان لأن الكورد لديهم اراضيهم المستقلة، على عكس كورد سوريا الذين لديهم ثلاثة اقليم مختلفة ولكنها ليست موحدة، لذا في حال عجزت حكومة بغداد عن ايجاد طريق لتوزيع واردات النفط مع الآخرين، وهذا لايعني اقليم كوردستان فحسب بل يشمل المناطق السنية، فإنه من المحتمل قيام دولة جديدة في كوردستان العراق، ولكن لاتزال هناك معوقات أمام داعش حيث انه محاصر من الجهات الأربع، و يقال انه يحصل يومياً على مايقارب مليون دولار، ولكن الدولة لاتدار بهذه الطريقة لذا لاأظن انّ اقتصاد دولة داعش تتطور أو تستمر.
* مايبعث على القلق انّ سياسة دول التحالف في المنطقة لا تنسجم مع الستراتيجية الأمريكية ، وعلى سبيل المثال فإن تركيا و دول الخليج لها مصالح و وجهات نظر مختلفة في الحرب ضد داعش، و ان اسرئيل التي هي صديقة امريكا تعيش في أزمة، كيف يمكن لهذه الأختلافات في المواقف و المصالح ان تؤثر على الأوضاع الراهنة؟
- اعتقد ان سبب هذا القلق واضح جداً وقد اشار الى ذلك عدد من الكتّاب في المنطقة، يوجد اختلاف بين اولويات الأدارة الأمريكية و اولويات كل من تركيا و السعودية و دول الخليج، وهي عبارة عن اسقاط حكومة الأسد اولاً، ومن ثم العمل لدحر قوات داعش، هذا هو الأختلاف في الأولويات، لا أعرف كيف تستمر الدول العربية ضمن التحالف الدولي الذي يحارب داعش، اذا لم يتم تعزيز قوات المعرضة في سوريا، وهذا ما يبعث على قلق الجميع.
* ماهي رسالتك الأخيرة؟
- انها حرب طويلة الأمد وليس امامنا طريق سالك، سوف يحدث فيها النصر المؤقت و الهزيمة المؤقتة، انها بحاجة الى الأصرار و دراية دبلوماسية لأبقاء التحالف من اجل دحر داعش، انا لا ارى ان هناك اولويات، فالخطر يواجه الجميع ، هناك عدو مشترك، بالنسبة للسعودية ترى في ذلك انها خلافة جديدة قد تمتد الى اراضيها وصولااً الى مكة المكرمة و المدينة المنورة، اذاً التهيد شامل مهما كان هناك اختلاف لافي الأولويات.
ديفيد اوتاوا في سطور:
---------------------------
- اكمل دراسته الجامعية عام 1962 و عمل في السنة ذاتها مراسلاً لوكالة اسيوشيدتبريس.
-عمل محرراُ في صحيفة نيويورك تايمز ومجلة تايم وواشنطن بوست و مراسلاً ومن ثم مديراَ لمكتب افريقيا و الشرق الأوسط
- منذ عام 2006 و حتى الآن يعمل باحثا ًكبيراً في مركز ووردو ولسن و باحث حول الشرق الأوسط و الدول العربية.
- حصل على جائزة بوليتز و جوائز دولية اخرى عن عمله الصحفي.
- بحثه الأخير هو( كيف أوجد الكورد طريقه) بالأشتراك مع البروفيسور ماينا اوتاوا المنشور في مجلة فورين افيرز.