• Thursday, 05 December 2024
logo

السفير أيتامرارا بينوفيج كبير الباحثين في مركز سابان يتحدث لمجلة كولان :( لو كان في الشرق الأوسط رؤساء مثل مسعود بارزاني، لما وصلت أوضاع المنطقة الى ما هي عليه الآن )

السفير أيتامرارا بينوفيج كبير الباحثين في مركز سابان يتحدث لمجلة كولان :( لو كان في الشرق الأوسط  رؤساء مثل مسعود بارزاني، لما وصلت أوضاع المنطقة الى ما هي عليه الآن )
قدم السفير أيتامار رابينو فينج في شهر شباط الماضي دراسة بعنوان (نهاية سايكس بيكو – وقفة أمام نظام الدول العربية ) إلى مركز سابان الخاص بدراسات الشرق الأوسط في معهد بروكينكز المعروف
قدم السفير أيتامار رابينو فينج في شهر شباط الماضي دراسة بعنوان (نهاية سايكس بيكو – وقفة أمام نظام الدول العربية ) إلى مركز سابان الخاص بدراسات الشرق الأوسط في معهد بروكينكز المعروف، و هو معهد مشهور الى جانب مراكز وورد و ويلسن و نيو أميركا و هوفر و واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، و معهد العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو و معهد العلاقات الخارجية، ويتابع و يحلل إعادة صياغة و تحديد الحدود و انتهاء سايكس بيكو. و أن ما هو موضع توقف أكثر في هذه الدراسة و أهمية قصوى هو أن كاتب هذا الموضوع ( إيتامار رابينوفينج ) الذي كان فضلاً عن كونه أكاديمياً و رئيساً لجامعة تل أبيب سابقاً ؛ و مديرا لمركز موشي دايان للدراسات الاستراتيجية، هو الآن أحد كبار الباحثين في مركز سابان، فضلاً عن كونه في حقبة التسعينيات أكبر كبار الدبلوماسيين الإسرائيليين و سفيراً لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية و بعد ذلك رئيساً للوفد المفاوض لتطبيع العلاقات بين سوريا و إسرائيل، ما جعل هذه الدراسة من نتاج أكاديمي متمكن و يفهم جيداً دبلوماسية المنطقة و السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط و السياسة الدولية الجديدة، و قد تداولت مجلة كولان مع السفير رابينو فيج الخطوط العريضة للدراسة في حوار خاص :
* يركز مركز سابان في مؤسسة بروكينكز على أية سياسة تتعلق بالشرق الأوسط و العراق و كوردستان, أي أنه يركز على إقليم كوردستان ، فكيف هي رؤيتكم للإقليم كنموذج ناجح و متطور في الشرق الأوسط ؟
- من الواضح أن إقليم كوردستان هو قصة نجاح و الواضح لدى المراقبين أنه يحظى بإدارة ذاتية متكاملة- Full Autonomy – و نهضة اقتصادية و أداء جيد جداً، و أنا شخصياً أتفهم الأسباب التي تجعلكم لا تتجاوزون حدود الإدارة الذاتية، نحو الاستقلال و بقائكم جزءاً من العراق . الذي يتبع نظاماً فدرالياً، و بإقليم كوردستان ذي إدارة ذاتية كاملة، إلا أني أتفهم طموحاتكم بمراعاة الوضع الإقليمي الراهن و بالأخص حساسية تركيا .
* ما مدى كون الإقليم قصة نجاح في شرق أوسط مضطربة و معقدة ؟
- تمر منطقتكم اليوم بأوضاع صعبة لأن هناك عدة دول فاشلة فيها لا تؤدي واجباتها كما ينبغي مثل العراق و سوريا و لبنان و اليمن و ليبيا، و بمراعاة عدم توفر حل سريع لمشكلاتها فإن الواجب يحتم اتباع حل غير تقليدي للحكم .. كما أننا مطلعون تماماً على الوضع الذي تكون فيه السلطة المركزية ضعيفة – ثم إن حالة الادارة الذاتية (الحكم الذاتي ) الرسمي و غير الرسمي تتحقق في الدول الأخرى، لأننا لو أمعنا النظر في الوضع السوري، لوجدنا أن النظام السوري،لديه أداء أفضل في الحرب الداخلية، إلا أنه عاجز حتى الآن عن السيطرة على كامل الأراضي السورية . و في لبنان نجد أن منظمة مثل حزب الله هي أقوى من السلطة المركزية، كما أن السلطة في ليبيا قد فشلت و انهارت تماما و أن مواطنيها يغادرونها مع الآسف، إلى جانب وجود كارثة اللاجئين الليبيين، و الملاحظ وسط كل هذه الدوامة و الوضع الدولي المتأزم، أن إقليم كوردستان ذا، الفاعلية في حماية نفسه و إدارته الذاتية لشؤونه و بتأثيراته على سيادة الدولة العراقية، قد أصبح مصدر إلهام للأخرين في المنطقة .
* ما مدى فاعلية سياسة السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان على الحكم في المنطقة ؟
- البارزاني كما هو معروف، يحظى بتقدير و احترام كبير على مستوى المنطقة و المستوى الدولي لأن له قابلياته في الترابط بين مواهبه و قدراته في الحكم و إدارة الإقليم و نمائه و محدوديات إمكانياته مع عدم تجاوزه على بعض الخطوط الحمر، هذا المسار بحد ذاته هو أداء و إدارة دولة و هو نموذج لعموم المنطقة، ولو كان هناك عدة زعماء مثله في المنطقة، لكانت قد أصبحت في وضع أفضل بكثير ما يجعلنا نساند هذا الأداء .
* في بحث قدمتموه خلال شهر شباط الماضي في مركز سابان بعنوان (نهاية سايكس بيكو ) تحدثتم عن احتمال فشل بعض الدول العربية مع توقعات بإعادة تنظيم المنطقة، فكيف الطريق الى ذلك ؟
- فيما يتعلق بما يسمى بالنظام القديم، فإن تغييرات كبيرة لا تتحقق في حدود الدول، لأنها تتعلق بتغيير الحدود الدولية، وهو مسألة تماثل بنياناً مشيدا من الطابوق حيث تتسبب إزالة إحداها بانهيار الجدار بالكامل، ما يبرر وجود نوع من التردد في تغيير حدود الدول إلا أن ذلك يقابله تغيير في البناء الداخلي للدول، و يحصل عدد أكبر من الأقاليم على حكم ذاتي أوسع و الأهم من كل ذلك هو وجود مسألة أخرى هي عبارة عن وجود التعددية في تلك الدول و التي تتطلب تنظيمها، و هي حال معظم دول الشرق الأوسط،فهناك في العراق، على سبيل المثال، مكونات و مجموعات مختلفة و كذلك الحال بالنسبة لسورية على اختلاف قومياتها و دياناتها، إلا أن النظام السياسي فيها هو ليس انعكاساً لهذه التعددية، و أتوقع أن الأنظمة في السنوات القادمة ستكون اكثر انعكاساً لهذه التعددية، بل و الاعتراف بالمجموعات التي تعبر عن نفسها مع سلطة مركزية أدنى و إدارة ذاتية أوسع للأقاليم .
* و ما هي توقعاتكم و وجهة نظركم إزاء القوميات التي لا تملك دولاً ؟
- أنا كما قلت غير واثق من إعادة صياغة الخطوط و فيما يتعلق بسوريا أنا ما زلت أجهل مسار التطورات فيها و برأيي أن المنطقة الرئيسية المرشحة لحدوث هذه التطورات هي الحدود الحالية بين العراق و سورية، لأن العرب السنّة في العراق هم ليسوا راضين تقريباً عن الوضع الراهن في البلاد و عن الحكومة التي تتولى الحكم ووقوع الحكم بيد الشيعة، و الكثير منهم يتطلعون الى انتصار السنّة في سورية و ندرك جميعاً أن الفصيل المقاتل و الجهادي الأكبر هناك هو داعش ( الدولة الإسلامية في العراق و الشام ) و هم المتوقع أن يوحدوا بين المكون السني في البلدين و هو احتمال بعيد جداً، أي أن توقعات تغيير الخطوط و حدود سايكس بيكو هي مجرد احتمالات و المتوقع الأكبر هو حدوث تحقق التغيير داخل هذه الدول .
في خريطة سايكس بيكو ثم منع تشكيل دولة كوردية و يتحدث الدبلوماسي الأمريكي الكبير د نيس روز أن دولة كوردستان سوف تتشكل بانتهاء هذه الخريطة و العودة الى خريطة لورنس العرب فكيف ترون ذلك ؟
- المعروف أن اتفاقية سايكس بيكو قد وقعت قبل ما يناهز 100عام، أي في عام 1916 و هي لا تتعلق بما نعيشه اليوم . و كان أحد أخطأ من صاغوا الخريطة الجديدة بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية، كان عبارة عن تهميش الحلم القومي للكورد و تقسيم المناطق الكوردية على (4) دول و أن تغيير هذا الوضع يتطلب محاربة هذه الدول الأربع و من أهمها تركيا ففي تركيا و ايران وجود سكاني كوردي كبير كما أن إنشاء كوردستان الكبرى يتطلب خلافات و حروباً كبيرة هذا هو المتصور، ثم أن مصير الإقليم الكوردي في سوريا مفتوح على جميع الاحتمالات و لا ندري أين يتجه و أن على من تراوده أحلام تحقيق و تشكيل هذا الكيان الكوردي أن يراعي موقف تركيا و ايران و هي بحد ذاتها مشكلة عويصة
* و ما هي آثار سايكس بيكو و نواقصها من تجليات الوضع السوري؟
- صحيح أنه يبدو أن النظام السوري هو الآن في وضع أفضل من ناحية الحرب الداخلية في البلاد إلا أنني أشك في إمكانيته بالسيطرة على كامل الأراضي السورية لذا فإن المسألة السورية ستبقى سؤالاً مفتوحاً خلال السنوات القادمة و علينا مراقبة هذه التطورات .
* و ما هي التطورات التي تحدث على الخريطة السياسية للمنطقة بتقسيم العراق ؟
- أولاً إن المسألة العراقية هي قضية معقدة و هي الواجهة لعدم سيطرة حكومته الفاشلة على الإقليم الكوردي ذي الحكم الذاتي و المناطق السنية، إلا أنه رغم كل الأحداث فقد تم التمكن من بقاء بناء الدولة كما هي، ثم أنكم تدركون أن جميع دول المنطقة تقريبا هي دول ضعيفة، إلا أن بإمكان حتى الدول الضعيفة أن تبقى و تستمر و ليست هناك قوة خارجية لتسقطها، و قد يبقى العراق كدولة فاشلة لفترة محددة و هو كما ذكرت ليس الدولة الفاشلة الوحيدة في المنطقة .
و ما مدى التغييرات التي تحدثها دولة كوردستان المستقلة المرتقبة على المنطقة ؟
أنا أشك في مسألة إعلان دولة كوردستان المستقلة و بالدرجة الأساس بسبب رد فعل تركيا . التي تمكن إقليم كوردستان من إقامة علاقات جيدة معها كما أن تركيا تتسم بحساسية كبيرة إزاء دولة الكورد و سيادتهم لأنه ستكون لذلك تأثيراته على سكان تركيا من الكورد . ما يولد لدي الشك في قيام الرئيس البارزاني باتخاذ هذه الخطوة بصورة سريعة .
* و ما تأثيرات مصادر النفط و الغاز الكوردستانية على إعلان دولة كوردستان المستقلة؟
* كوردستان كما تعلمون لها أرض و مساحة مغلقة و لكي تتمكن من تصدير نفطها و غازها و الحصول على ايراداتها النفطية، فإن عليها أن تصدرها عبر اراضي الدول المجاورة و هي مسألة تتعلق بوجود علاقات جيدة مع تلك الدول و هي قضية مهمة على الجميع مراعاتها و أخيراً لا بد لي من القول سبق أن التقيت بالعديد من قادة كوردستان و أنا من أشد المعجبين بهم و المتعاطفين مع شعبكم .

مقتطفات من دراسة السفير أتيامار رابينو فينج المقدمة الى مركز سابان
* إن تفكك النظام السياسي الموجود في قلب منطقة الشرق الوسط من شأنه إعادة صياغة الخريطة الاستراتيجية، و يبدو أن تداعيات الأزمة في سورية و العراق ستشكل أكبر تحد على الخريطة الراهنة للشرق الأوسط، فقد تعرض النظامان من ناحية الشرعية و السيطرة الى تحديات صعبة، فقد أوجدت تفاعلات التحديين ( الاقتتال بين الأكثرية السنية في سوريا و نظام الأسد و رفض الأقلية السنية في العراق للنظام الجديد في البلاد ) و تقارب المجموعتين فيما بينهما و اختيار القاعدة لهذه المنطقة لنشاطاتها، أوجدت أوضاعاً يتوقع منها تفجر عنيف فيها، إن التحدي الراهن للاستقرار و أحياناً لوجود الدولة، قد شهد تطوراً مختلفاً و مشكلة الطائفية النموذجية في سوريا و سوء ادارة الاحتجاجات منذ البداية في آذار 2011 من قبل بشار الأسد و تراكم الضغوط السياسية على النظامين السياسيين في لبنان و الأردن، و التي ترابطت مع الوضع الإقليمي و الحماس الذي عبر عن نفسه في الربيع العربي عامي 2010-2011، قد جعلت الحركات الاسلامية و الانتماءات الدينية تؤدي دوراً أكثر أهمية تزامناً مع ظهور الإخلاص و الولاء الابتدائي ( أي الاثني و القبلي و الطائفي ) و تأثيرات القوى الإقليمية الأخرى قد تسببت و ادت الى حماية و استقرار الوضع الراهن : أي أن النظرة المشتركة في أن حدوث انقسام سيكون مقدمة و تهيئة أرضية مناسبة لحدوث فوضى عارمة في المنطقة، و عدم وجود شخصية إقليمية مثل جمال عبد الناصر إبان خمسينيات القرن الماضي في مصر، بإمكانها تحقيق مثل هذا التحول و التغيير، و مع ذلك قد لا تكون وجهة النظر هذه كافية فالكثير من القوى التي أشرنا اليها آنفاً هي قوية و خارج سيطرة الشخصيات المتورطة فيها
* لقد اتسمت الحرب الداخلية في العراق أواسط العقد الماضي بأكبر شعلة نار و لا تزال شاهقة (( مستعرة )) و لم تخمد بعد، غير أن الحرب قد رشت البنزين على تلك النار حيث قضى فيها عام 2013 آلاف الأشخاص نتيجة أعمال العنف الطائفي إذا لا يزال التقسيم و احتمالاته هو السائد في البلاد الآن، و قد أقام رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي نظاماً تسلطياً رسّخ أسسه بالدرجة الأولى في أوساط الأكثرية العربية الشيعية، و اتخذ المكون السنّي أعداء له و الذي يتصور أنه قد تم تهميشه بعد قرون من التسلط و الحكم و قد تركزت الأقلية السنية في القسم الشمالي الغربي و ابعدت عن الدولة الحالية في العراق كما أن حكومة بغداد تحظى هي الأخرى بسلطة محدودة على هذا القسم من البلاد و أصبحت تلك المنطقة حلقة وصل بين الحرب الداخلية في سوريا و الخلافات المستمرة في العراق .
* إن الدولة الجارة الشمالية لسوريا هي دولة قوية و لها مصالح معقدة في شؤون سوريا، وكانت حكومة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان تفتخر بأنها قد تمكنت من تحقيق المصالحة مع النظام السوري بعد عقود من الخلافات و التوتر، قد يئس علناً من استماع الأسد لنصائحه و عبر بوضوح عن تعاطفه مع المعارضة الإسلامية ضد نظامه، ووجدت تركيا خلال فترة قصيرة نفسها في وضع استقبلت فيه أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، مع وجود المقر السياسي للمعارضة السورية على أراضيها، وكان أن تم تأمين بعض المعدات العسكرية لهم من قبل تركيا و تجاوز باقي المناوئين للنظام الحدود السورية التركية التي كانت حذرة جداً في تزويد المتمردين بالأسلحة و تتخوف من أن تقع الأسلحة المضادة للدبابات و الطائرات المتقدمة في أيدي الراديكاليين .

ترجمة : دارا صديق نورجان.
Top