• Thursday, 05 December 2024
logo

البروفيسورة فالنتاين مقدم لمجلة كولان :الباعث الأكبر لمشاركة المرأة في السياسة هو بناء بيئة و وسط آمن لكي تشعر بالاطمئنان

البروفيسورة فالنتاين مقدم لمجلة كولان :الباعث الأكبر لمشاركة المرأة في السياسة هو بناء بيئة و وسط آمن لكي تشعر بالاطمئنان
المرأة قبل أن تكون أختاً أو ابنة أو زوجة، هي أم، والأمومة هي في حد ذاتها عبارة عن إخلاص عارم و حب جياش و تطلع للسلام و بناء حياة سعيدة و آمنة
المرأة قبل أن تكون أختاً أو ابنة أو زوجة، هي أم، والأمومة هي في حد ذاتها عبارة عن إخلاص عارم و حب جياش و تطلع للسلام و بناء حياة سعيدة و آمنة .. والأهم من ذلك أن الأم هي مخلصة و تتطلع الى حماية صحة ابنائها و الاهتمام بأبنائها و بناتها .. و لو دققنا في كل ذلك موحدة لوجدنا أن المرأة تحظى بصورة فطرية، بمبادئ الحكم الرشيد والذكي .. ما يبرر و يعني أنها عندما تشارك في السياسة بصورة حقيقية، إنما توجه سياسة الحكم و بصورة آلية، نحو الحكم الرشيد و الحكم الذكي .
و للحديث عن فاعلية المرأة و دورها في المشاركة السياسية و عملية صنع القرار، فقد أجرينا هذا الحديث مع البروفيسورة فالنتاين مقدم أستاذة قسم علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية بواشنطن و كان هذا الحوار :
• لمشاركة المرأة في السياسة وصنع القرار تأثيرات و انعكاسات متميزة على المستويين الدولي و المحلي .. و رغم محدودية عدد النساء السياسيات في العالم،إلا أنهن جميعاً قد تحدثن عن دور الأم في اعدادهن و تربيتهن و تأهيلهن منذ بواكير و بدايات الحياة فكيف الطريق للتنمية في هذا المجال و تأثيره على عملية التنمية ؟
- الأمهات إنما يؤدين دوراً مهماً في تربية أبنائهن و بإمكانهن أن يكن نموذجاً سامياً و قدوة حسنة لبناتهن،إلا أننا عندما نتحدث عن دور المرأة في عملية صنع القرار و السياسة والمشاركة السياسية فإنّ ذلك يحتم علينا أن نتحدث عنهن في بقية النواحي من الناحية التنموية ، ليس على مستوى الأسرة فحسب و هي غاية الأهمية،بل على مستوى المجتمع و الحكومة أيضاً، وتقول الحقائق أنّ الكثير من الدول قد أجرت الاستثمار و التنمية في مجال المرأة و دعوني أبدأ من منطلق ما هي الأهمية الحقيقية لتلك المشاركة ؟
و هو طبعاً لعدة أسباب أحدها و أبرزها عبارة عن المساواة و العدالة ازاء المرأة، التي تشكل نصف المجتمع في أي مكان ..و الأمر هكذا فإن إبعاد نصف المجتمع عن عملية صنع القرار إنما يفضي الى نتائج سيئة لذلك المجتمع ..أو يكون لنا في أحسن الحالات قرار أحادي، ويتعلق السبب الثاني في ذلك بجودة و كفاءة صنع القرار فالكثير من الباحثين ينوهون الى أن وجود التعددية في الآراء و التوجهات فأنها ستكون أكثر ديمقراطية وتجسيداً لتمثيلهن و تكون عملية اتخاذ القرار أكثر فاعلية أيضاً فللنساء متطلبات تمثيلهن و مستلزمات و اهتمامات خاصة، ويجب تمثيلهن من قبل المرأة، ومع كل ذلك فإنه لا يشترط أن تكون أية قائدة سياسية هي الأحسن لكونها امرأة أو تمثلهن على أحسن وجه، إلا أنّ ذلك يمكن أن يطبق على الرجال أيضاً لأن هناك، العديد من الزعماء الرجال غير الأكفاء أو الجيدين، غير أن وجود أعداد ملحوظة من النساء في أية مؤسسة، برلمانية، أو مجموعات عمل، أو منظمات غير حكومية، أو أحزاب سياسية و ما إلى ذلك،إنما يشكل اختلافات بشأن القوانين التي تصدر و السياسات التي تتم صياغتها أو الأجواء التي تتحقق في تلك المؤسسة .أي أن التحدي هنا هو عبارة عن ايجاد ظروف مؤاتيه لمشاركة المرأة لأننا بحاجة حقيقية الى بعض الدوافع التي تضمن مشاركتها في البرلمان و أوساط العمل و المنظمات غير الحكومية و الاحزاب السياسية.
• رغم كل الندوات و المؤتمرات التي تعقد على مستوى العالم و تطالب بمشاركة أكبر للمرأة في السياسة و غيرها، إلا أننا لم نلاحظ أي تقدم في ذلك و السؤال هو لماذا هذا الوجود المحدود للمرأة في المجال السياسي و عملية صنع القرار و ماهي المعضلات التي تواجههن في ذلك ؟
- لقد شهدت حقبة ما بعد مؤتمر بكين لعام 1995 تقدماً ملحوظاً و تبين لنا معلومات اتحاد البرلمان الدولي بصدد احصاءاته حول نسبة المرأة في البرلمان على مستوى العالم أن المرأة تشكل 30% و أكثر من أعضاء برلمانات 33دولة من أصل 48دولة، وكان ذلك توجيه الأمم المتحدة لدول العالم،بأن تخصص نسبة 30% من مقاعد البرلمان فيها على الأقل للمرأة و كنت أقصد هذه المعلومة عندما نوهت إلى أهمية وجود نسبة جيدة منهن، لأن وجود مجرد امرأة أو اثنتين لا يشكل أي فرق من ناحية المساواة و العدالة العملية، ما يبين أهمية وجود نسبة 30% أو أكثر في 33 دولة، ولو أمعنا النظر في مسألة دولة مثل رواندا لوجدنا أن المرأة تشكل 60% من أعضاء برلمانها و في دول أخرى ليست بالغنية أيضاً مثل كوبا و السنغال و جنوب افريقيا و نيكاراغوا و أن الدولة الاسلامية الوحيدة التي حققت هذه النسبة هي الجزائر التي تشكل نسبة المرأة 31% من أعضاء برلمانها إلا أن هناك و مع الأسف (57) دولة أخرى تقل نسبة تمثيل المرأة في برلماناتها عن 30% و دول أخرى لا وجود لأي تمثيل نسوي في برلماناتها .. أي ان التحدي، كما أشرت اليه ، هو خلق أجواء مؤاتيه لمشاركة المرأة، ولكن نتساءل ما هي تلك الظروف و الأجواء ؟ و أقول هناك عدة طرق احداها هي وضع نسب ( الكوتا ) لهن و هي نسبة موجودة في العديد من الدول لمشاركة المرأة في البرلمانات و الأحزاب السياسية كما أن من المهم جداً تغيير الثقافة المؤسساتية بحيث ترحب بتمثيل أكبر لهن لأن بعض المؤسسات التي تتسم بتسلط الرجال هي مؤسسات تحمل العداء للمرأة، ما يتطلب تغيير هذا المنطق الواهي لتشعر المرأة في ظله بمزيد من الأمان و أن نتذكر جيدا أن الكثير هن من أصحاب العوائل و أمهات، ما يحتم فتح مراكز لرعاية الأطفال للأمهات العاملات و في أوساط العمل بالدرجة الأولى، و الأكثر أن سبب وجهة النظر القائلة : السياسة عمل خبيث و لعبة قذرة ( Politics is Dirty، Business or Game)إلا أن ذلك على الأكثر هو وضع السياسة بسبب المشاركة الأدنى للمرأة فيها، وهناك أدلة تبين أن المرأة في المكسيك و الهند تتولى مسؤولية قوات الشرطة في بعض المدن الحضرية، وكان ذلك السبب وراء حدوث نسب أدنى من الفساد فيها، وقد يكون السبب في ذلك أن المرأة قد نأت بنفسها عن السياسة لفترة طويلة و احتمالات أقل لتطورهن في الفساد، مع وجود بعض الاحتمالات بإيثار المرأة و الأم Women Altruism، أي أن المرأة، بسبب أمومتها،تمتلك قدرات أفضل في التفكير لصالح أطفالها ما يدفع بهن لإيلاء اهتمام أكبر بتشريع القوانين التي تؤمن المصاريف الاجتماعية من قبل البرلمان و ليس المصاريف العسكرية على سبيل المثال، أي العمل الجماعي للدفع نحو ولوج نسب أعلى من المرأة للبرلمان و المجالات الأخرى التي تحظى فيها بنسب أقل أو تسير وفق التسلط الذكوري، و هو دعم مهم للمرأة و أن ما يتعلق بالبرلمان و الحكومة هو قيام الأحزاب السياسية بإدراج المرأة في قوائمها الانتخابية و أن على المرأة بالمقابل أن تتفهم أنّ السياسة هي ليست لعبة قذرة بل الأوجب توفير المساندة و الحماية اللازمة لهن .
• ولماذا هذه المشاركة المحدودة للمرأة في السياسة و هل أن طبيعتهن تفرض الحقد على السياسة أم أنهن لسن مستعدات للمشاركة فيها ؟
- هناك مسألتان مهمتان هما : جودة المؤسسات و اجواؤها و سلامة المؤسسات و أمنها ..فالواقع أن للجامعات أجواء سليمة و نوعاً من المرونة، لأن بإمكان المرأة أن تحضر و تلقي محاضراتها و تعود إلى أسرتها ..إلخ و قد تتمكن بعضهن من العمل في البيت مع وجود مراكز لرعاية الأطفال في بعض الجامعات ...أي أن السبب برمته هو خليط من توفر وقت طويل و غير منظم و عدم توقع العمل أو وجود مراكز لرعاية الأطفال في بعض الجامعات، وذات الوضع بالنسبة للمنظمات غير الحكومية مع علمنا أن العمل في مجال السياسة هو مهمة خطرة في بعض الدول حيث يتعرضن الى الاغتيالات ...الخ
فضلاً عن الأسباب الأمنية و السلامة في العمل، وهي بمجموعها قد تشكل الدافع لتحفظ المرأة إزاء دخول و ممارسة تلك الأعمال بما يبرر عدم مصادفة أن نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية في الدول الأكثر أمناً و استقراراً هي الأكبر مع كون بعضها ديمقراطية و البعض الآخر غير ديمقراطية أي أن هناك في الدول الديمقراطية الناضجة أو المستقرة التي لا يشترط أن تكون ليبرالية ديمقراطية, أحزاباً سياسية تستقطب الرجال و النساء إلى صفوفها و من بينهم شباب وصلوا مرتبة عضو برلمان أو مواقع حكومية و الذين عملوا قبل ذلك و لسنين طويلة في صفوف تلك الأحزاب و هو يماثل التأهيل الذي نجتازه في الجامعات قبل أن نحصل أو نتولى منصب أستاذ جامعي حيث بالإمكان هنا العمل لسنوات عدة داخل الأحزاب السياسية و تشكل و توفر مؤيدين لك في صفوفها قبل أن تنال عضويتها أو زعامة الحزب أو تولي حقيبة حكومية إن اشترك الحزب فيها، أي أن هناك طريقاً نحو الحكم عن طريق الأحزاب السياسية .
• إلى أي مدى يقع السلام و الانتعاش الاقتصادي في العالم تحت طائلة الخطر في حال عدم مشاركة المرأة في السياسة و صنع القرارات السياسية كما ينبغي ؟
- إن مستقبل الانسانية مرتبط بقوة بمشاركة المرأة في القرار السياسي و الاقتصادي فنحن نواجه اليوم حرباً قاسية و احتلالاً كبيراً و كارثة بيئية خطيرة،كما أن فكرة التنمية المستدامة ) Endless Browth) لم تخدم البيئة كما ينبغي أن نواجه تحولاتها و تقلباتها و في بحث اجتماعي أجري مؤخراً يقارن بين علاقة مباشرة بين التمييز العنصري و اشكالات الحروب الداخلية تبين احتمال زيادة الخلافات في المجتمعات ذات الموقع الأدنى للمرأة أو الاقتتال الداخلي فيها، أو بمعنى آخر يقول تزداد احتمالات الخلافات و الحروب بتزايد التمييز و عدم المساواة بين الجنسين كما أن البحوث قد بينت علاقة مباشرة بين المكتسبات التربوية للمرأة عن طريق مشاركتهن الاقتصادية و بين الانتعاش الاقتصادي للمجتمع ما يحتم ولوج نسب أعلى من المرأة مجالات العمل و لصالحهن هن و عوائلهن .. و للتنمية و التقدم القومي بصورة عامة، شرط أن يكون عملاً مرموقاً و بأجور مرموقة و أن يكون لهن الدافع لدخول معترك العمل و الاستمرار فيه سيما للأمهات العاملات، أي منحهن رواتب الأمومة، مع وجود مراكز لرعاية الأطفال و لكم أن تتصوروا عالماً تشكل فيه المرأة نسبة 50% من أعضاء البرلمان و القوى العاملة و صنّاع القرار عندها ستتحقق نسبة جيدة من الانتاج و التنمية و المزيد من الديمقراطية و الاستقرار، ونسب جيدة من الخلافات و الحروب و تحسن جودة الحكم السياسي و الاقتصادي، وأنا أقول دائماً لو كانت نسبة 50% من العاملين في البنك العربي و القطاع المالي و التنمية و الإنتاج من النساء عندها لم نكن لنرى الأزمة الاقتصادية التي حدثت في العالم خلال عام 2008 لأنهن لا يشكلن تهديدات تذكر أو منافسات محتدمة على شاكلة العاملين في مجال المال و الانتاج و الاستثمار و التي امتدت لإفلاس و فشل الشركات الانتاجية و التنموية الكبرى حيث اضطرت الحكومة للمبادرة في انقاذ المصارف الكبرى حيث استمرت الأزمة الاقتصادية تلك لفترة طويلة، ما يبين أهمية المرأة بالنسبة للسلام و الاستقرار و التطور الاقتصادي و التنمية القومية، وفي ذات الشأن أنني على يقين بأن انتخاب سيدة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، سيشكل اختلافاً كبيراً لأنّ ذلك هو قرار سياسي و تعيين سياسي كما أن الأمين العام هو قائد أو زعيم دون سلطة حقيقية، ولكنها مهمة من الناحية الرمزية أو الشكلية و المهم في كل ذلك خلق دافع حقيقي لمشاركة المرأة في جميع المجالات و في عملية صنع القرار السياسي و الاقتصادي و الثقافي و لنبدأ العملية من القوى العاملة و المجتمع المدني و الجامعات و البرلمان و الشركات ما يعني ضرورة وجود نسب أكبر من المرأة في المشاركة و التمثيل فيها ..
• وما هي توقعاتكم بشأن عالم القرن الحادي و العشرين حسب توقعات الأمم المتحدة حول عدم تحقق تلك النسبة للمرأة حتى أعوام 2025 و 2040 ؟
- لا شك في أن بإمكان العالم تحقيق المساواة بين الجنسين مستقبلاً إلا أن الأهم و الواجب ادراجه ضمن برامج عمل أية حكومة هو تهيئة فرص أكبر لمشاركة المرأة و اشراكهن في القرارات الاقتصادية و بصورة أوضح أن تدخل الأمهات معترك القوة العاملة مع تأمين رواتب الأمومة و رعاية الأطفال لهن الى جانب قيام الأحزاب السياسية بإعداد و تأهيل أعضائها من النساء لنوفر لهن مجال دخول البرلمان و المناصب العليا، و إنهاء التمييز بين الجنسين في الشركات و مجالات العمل لهذا الغرض أي بمعنى آخر أن تشكل المرأة نسبة 30% من هيئات جميع الوزارات فلو كانت نسبة (30 – 40 % )من هيئة وزارة الاقتصاد من النساء على سبيل المثال، فإن ذلك سيحقق اختلافاً كبيراً في مجال تقاسم العائدات و صنع القرار ..الخ ما يبين أهمية وجود امرأة كسكرتير عام للأمم المتحدة بصورة رمزية، إلا أنّ الأهم من ذلك هو العمل و السعي لتحقيق المساواة الجنسية في سائر المجالات .
"نبذة عن حياة السيدة فالنتاين مقدم "
• ولدت السيدة مقدم في طهران عام 1952
• في عام 1986 أكملت في جامعة أمريكية دراسة الدكتوراه في علم الاجتماع . وعملت لفترة كأستاذة في علم الاجتماع مسؤولة قسم بحوث المرأة .
• عملت خلال الفترة 2004 – 2006 في باريس مسؤولة عن قسم التنمية و رائدة في العنصرية في قسم الاجتماع و العلوم الانسانية لمنظمة اليونسكو .
• في عام 2007 تولت منصب أستاذة في علم الاجتماع و مسؤولة بحوث المرأة في جامعة بورديو و حتى الآن و هي أحد الأعضاء المؤسسين و رئيسة منظمة بحوث المرأة في الشرق الأوسط و الخليج ) و رئيسة تحرير مجلة بحوث المرأة في المنظمة .و من أبرز مؤلفاتها :
• عصرنة المرأة – العنصر و التحولات الاجتماعية ( عام 1993 )و الذي اختير في عام 1993 -1994 كأفضل كتاب أكاديمي
• عولمة المرأة – عام 2005 و نالت جائزة (فكتورياشوك) من قبل جمعية العلوم السياسية الأمريكية في عام 2006 باعتبار مؤلفها أفضل كتاب حول المرأة و السياسة .



ترجمة :دارا صديق نور جان .

Top