البروفیسورة كریجن باور لـ( كولان):مشاركة المرأة في السياسة لها علاقة بالأمن و السلم العالميين
March 13, 2014
مقابلات خاصة
تم في مؤتمر بكين الذي عقد في عام 1995 الخاص لأستقبال القرن الـ21 و مواجهة تحدياته التركيز على زيادة نسبة مشاركة المرأة في صنع القرار و تطبيق نوع من المساواة بين الجنسين في السياسة، وقد مرّ الآن اكثر من 19 عاماً على عقد مؤتمر بكين و الأمم المتحدة تشير في احصائية لها الى أنّ نسبة مشاركة المرأة في السياسة لغاية عام 2005 لم تتجاوز 30% و لن تتحقق هذه المساواة حتى في عام 2040، و للحديث عن اهمية مشاركة المرأة في السياسة اجرت (كولان) اللقاء الآتي مع البروفيسورة كريجين باور استاذة العلوم السياسية و المتخصصة في مسألة مشاركة المرأة في السياسة :
* لاتزال الكثير من النساء تمارس العمل ضمن المنظمات غير الحكومية و كذلك في الجامعات و تتولى دور القيادة في ادارة الأعمال و لكنها لم تنضم حتى الآن الى العمل في مجال السياسة ، في حين أن التغيير يتم من خلال القرارالسياسيي ليس من المنظمات غير الحكومية، السؤال هو ما مدى اهمية مشاركة المرأة في السياسة؟
- اشكركم على هذا اللقاء و يسعدني أنْ أجد هذا الأهتمام الذي توليه مجلتكم لمسألة مشاركة المرأة في السياسة، انا متفقة معكم أنّ مشاركة المرأة في السياسة و عملية صنع القرار مهمة جداً، و بالتأكيد فأن الوالدين في كل العالم هما المثل الأعلى للبنات، و أنّ تربية البنات أمر مهم و خاصة على مستوى البيت، و اذا نظرنا الى الدول التي نسبة مشاركة المرأة السياسية فيها عالية، وقد تشمل بعض الدول الأسكندنافية، لوجدنا أنّ المرأة في تلك الدول تشارك منذ سنوات عديدة في العملية التربوية خارج المنزل، في كل المراحل الأبتدائية و المتوسطة..الخ، العامل المهم الآخر هو كلما زادت نسبة مشاركتها على مستوى القوة العاملة خارج المنزل، إزدادت مشاركتها في السياسة، كما ينبغي توفير الخدمات الأجتماعية لفسح المجال أمام المرأة لغرض مشاركتها الفعلية في السياسة، و منها رعاية الأطفال و المسنين، بحيث لايقتصر العمل فيها على المرأة فقط، اعتقد انّ هذه هي بعض العوامل التي تدفع المراة للمشاركة في العملية السياسية.
* يجري باستمرار على المستوى الدولي عقد المؤتمرات و ورش عمل و القاء محاضرات من أجل تطوير و حث المرأة على المشاركة في السياسة، و على سبيل المثال مؤتمر بكين عام 2005 الذي وفّر المزيد من الفرص أمام المرأة للوصول الى المناصب العليا في الحكومة و السياسة و كذلك في عملية صنع القرار، ولكن بعد مرور حوالي 20 سنة، لا يلاحظ حصول أي تغيير في هذا المجال، لماذا نجد أنّ للعالم كله موقفاً مشتركاً حيال عدم مشاركة المرأة في العملية السياسية؟
- بداية، حقاً ما تقولون لقد تمت صياغة الأهداف من اجل مشاركة المرأة في السياسة و عملية صنع القرار، كان من المؤمل أن تتحقق هذه الأهداف و ترتفع نسبة مشاركة المرأة بعد مرور عشرين عاماً على انعقاد مؤتمر بكين لعام 2005 الى 50%، ونحن سنصل عام 2015 ولم يحدث هذا التغيير فعلاً، ولكن هناك تقدماَ ملحوظاً في هذا المجال، واستطيع أنْ أتحدث من خلال تجربتي الشخصية في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية حول مشاركة المرأة في السياسة، حيث كان في غالبية دول تلك الصحراء و بالأخص في عشر دول منها اكثر من 30% من السلطات التشريعية فيها بيد المرأة و قد تبلغ 45% في بعض الأحيان، و بلغت النسبة في رواندا و هي طليعية من بين تلك الدول الى 65%،أي كانت نسبة مشاركة المرأة في السلطة التشريعية اكبر من نسبة الرجال فيها، كما هو الحال في امريكا اللاتينية حيث هناك تشابه بينها و بلدان صحراء الكبرى الأفريقية من حيث استخدام نظام (الكوتا) بغية تعيين المراة في السلطة التشريعية و في التشكيلة الحكومية ايضاً، ومنها منصب وزير التربية و المالية و الشؤون الخارجية، ونلاحظ انّ هناك ثماني وزيرات من بين 16 وزيراً في التشكيلة الحكومية الأيطالية، وهذا يعني أنّ هناك تقدماً حقيقياً في مسألة تسنم المرأة للمناصب الحكومية، و لكن من الأسباب التي تعرقل مشاركة المرأة في الحياة السياسية هي الأنتخابات، أي عدم توفير الفرص للمرأة من اجل وصولها الى البرلمان، وللأحزاب السياسية ايضاً دور في هذا المجال لأنها تمتلك الأمر في مسألة مَنْ هوالمرشح للأنتخابات،وهناك اسباب اخرى تتعلق بوسائل الأعلام وتاثيرها على تشويه صورة المرأة و احياناً اهتمامها بمظاهر المرأة الجسدية من دون وضع أي اعتبار لشخصيتها و دورها الأجتماعي و ظهورها في الأماكن العامة ، لذا اعتقد أنّ الخطوة الضرورية لمعالجة هذا الموضوع تكمن في استخدام(الكوتا) وبهذا يكون قد تم تجريد الرجل من بعض الأمتيازات و منحها للمرأة لتلعب دورها في المجال السياسي.
* ولكن التحديات التي تواجه الرجل في القرن الـ(21) تواجه المرأة ايضاً، وفي حال عدم اتخاذ الخطوات السريعة للمشاركة المرأة المتساوية في العملية السياسية ،هل تعتقد أنّ العالم سوف يواجه مخاطر كبيرة؟
- لا أعتقد أنّ مشاركة المرأة قد تضاءلت أو تراجعت، لأننا نرى هنا و هناك تقدماً و استمراراً في مشاركة المرأة و لكن بنسبة محدودة، في الحقيقة أنّ مشاركة المرأة في العملية السياسية مهمة ولكنها تتعلق بالأمن و السلم العالميين، وهذا ما يظهر جلياً في افريقيا حيث البحوث اثبتت انّ مشاركة المرأة في المفاوضات و الأتفاقيات كانت مهمة جداً و بالأخص لأنهاء الكثير من المشكلات الأجتماعية و خاصة مواجهة العنف التي تواجه المرأة، ولكون المرأة تشكّل نصف المجتمع لذا فإن مشاركتها في العملية السياسة سوف تنهي العديد من مشكلاتها التي تواجهها بأستمرار.
* لو قارننا مشاركة المرأة السياسية مع عملها في منظمة الأمم المتحدة، هل آن الآوان لتتسلم المرأة منصب الأمين العام للأمم المتحدة؟
- انا اقول أنّ اتباع بعض السياسات المتعلقة بالكوتا هي خطوة عملية، هناك فرق بين الدعوة الى ضرورة مشاركة نسبة اكبر للمراة في العملية السياسية و بين مشاركتها الفعلية فيها، ان تسنم المرأة منصب الأمين العام للأمم المتحدة فكرة جيدة، ولكننا رأينا أنّ هناك نساء تسنمن مناصب عالية منها رئيسات للبلاد او رئيسات وزراء، واقصد هنا البرازيل و الأرجنتين و شيلي و لايبيريا و مالاوي، وهذا يحدث خلافات في الرأي العام من خلال الوصول الى حقيقة وهي أن المرأة باستطاعتها أنْ تلعب دورها في القيادة السياسية وهي متمكنة من حيث اداء هذا الدور بشكل منقطع النظير.
* لماذا مشاركة المرأة في السياسة قليلة، هل أنّها تتعلق بكراهيتها للسياسة، أم أنّ امامها عراقيل كثيرة تحول دون مشاركتها؟
- كما اسلفتُ فإنّ هناك مشاركة جيدة للمرأة بالمقارنة مع العام المنصرم، ولكنني لست مطلعاً على رغبة انخراط المرأة في السياسة هل هي تكره السياسة اساساً أم كما يقال انها مسألة غير مرغوب فيها من قبل المرأة، لذا انها لاتريد التدخل في تفاصيلها، ولكن هذه النظرة قد تتغير من شخص آخر، الى جانب هذا هناك معوقات تحول دون مشاركة المرأة و خاصة في المناصب العليا و القيادة، لأنّ بعض الدول ترى أنّ مشاركة المرأة في مثل هذه المناصب قد تغيّر الخطاب السياسي، اذاً القضية لاتتعلق بمشاركة المرأة في السلطة التشريعية فحسب، بل انّ على الرجل ايضاً حثها على المشاركة وهذا دليل على حسن النية في ايجاد المساواة بين الجنسين في العملية السياسية.
* هل صحيح ان مشاركة المرأة في السياسة تزداد يوماً بعد يوم، ولكن وفق احصائيات الأمم المتحدة فإنّ نسبة مشاركتها في 2025 لن تتجاوز 30%، كما تم التأكيد على عدم تحقيق مساواة في مشاركة المرأة مع الر جل في السياسة حتى بحلول عام 2040، ماهي قراءتكم لهذه المعلومات؟
- هذا صحيح، ان زيادة نسبة مشاركة المرأة في البرلمان لاتعني تحقيق المساواة بين الجنسين، لذا علينا مراقبة التغييرات الأقتصادية و الأجتماعية، فعلى سبيل المثال كان احد عوامل زيادة مشاركة المرأة في السياسة في اوروبا و امريكا هو تيار العلمنة، حيث ابتعاد الناس عن الديانة السياسية و التنظيمية، دفعهم للتوجه الى العمل من اجل مساواة الجنسين و بالتالي زيادة مشاركة المرأة في العملية السياسية، وهذه التغييرات قد تستغرق عقوداً من الزمن.
اما بالنسبة للمرأة الكوردستانية بأمكانكم الأستفادة من تجارب الدول المتقدمة و حتى النامية، وخاصة بعض الدول من امريكا اللاتينية أو الصحراء الكبرى الأفريقية، وعلى سبيل المثال تشكّل المرأة في الكونغرس الأمريكي نسبة 20% بينما نسبة مشاركتها في امريكا اللاتينية و افريقيا أعلى بكثير.
البروفيسورة كريجين باور في سطور:
- استاذة العلوم السياسية و رئيسة قسم العلاقات الدولية في جامعة ديلاور(Delaware) و المتخصصىة في السياسات الأفريقية ومشاركة المرأة في السياسة، تحاضر الآن في الجامعة المذكورة في مواضيع مشاركة المرأة في السياسة بدول الصحرى الكبرى الأفريقية، ومن مؤلفاتها الجديدة:
* كوتا المرأة
* الديمقراطية و تمثيل المرأة في افريقيا