البروفيسورمايكل دريسين ل (كولان): امريكا لديها القوة ولكنها لا تمتلك الأرادة، و لو جمعت بين القوة و الأرادة لأستطاعتْ أنْ تكرّر في سوريا ما فعلتْه في ليبيا
February 1, 2014
مقابلات خاصة
البروفيسورمايكل دريسين استاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية في جامعة جون كابوت الأيطالية في روما العاصمة،و هو متخصص في الشؤون الدينية و الديمقراطية و العلاقات بين المسيحية و الأسلام في صياغة السياسة،و للحديث عن الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط و علاقتها بالدول الأسلامية ،وقد اجرينا اللقاء الآتي مع البروفيسور دريسين:
* تمر عموم مناطق الشرق الأوسط الآن بأزمات و مشكلات ما ادت الى زعزعة الأمن و الأستقرار فيها،هل تتوقعون حدوث استقرار في المنطقة على المدى القريب؟
- صحيح إنّ الأستقرار كان محط آمال شعوب المنطقة بعد تحولات عام 2011،و لكنها لم تتحقق, ولن أتوقع حدوث ذلك قريباً،ولكنني في الوقت ذاته متفائل بأنْ تنتقل المنطقة الى مرحلة الديمقراطية بالرغم من انها قد تستغرق وقتاً طويلاً،و ترافقها اعمال عنف و اضطرابات،لقد تحدثتم عن احتمال حدوث اوضاع مختلفة على صعيد المنطقة،ولكنني اعتقد انّ احدى المشكلات هي انّ العودة الى الأوضاع ما قبل سنة 2011 لايمكنها تحقيق أي نوع من الأستقرار،لذا ينبغي البحث عن حل لمرحلة مابعد 2011 على طريق تحقيق نوع من الديمقراطية،علماَ أنّه من الصعب جداً حدوث ذلك في سوريا و مصر في الوقت الحاضر،كما أنّه لايمكن الحديث عن الأستقرار الحقيقي في الشرق الأوسط مالم يتم حل العديد من المشكلات التي استجدت بعد عام 2011.
*بسبب عدم الأستقرار و الأوضاع المتوترة تحولت دول المنطقة الى أوكار للأرهابيين حيث يجوبون المنطقة بكل سهولة،و على سبيل المثال العراق و سوريا و اليمن و كذلك ليبيا،المخاوف تكمن في حال استطاع الأرهابيون الأستحواذ على السلطة ، وهل ستصبح الحرب الشاملة على الأرهاب حالة مفروضة؟
- ما تشيرون اليه هو أن الأوضاع الآن في سوريا هي دليل ساطع على الحرب القائمة ضد الأرهاب،ولكن في كل الأحوال علينا العودة الى تحليل جذور الأرهاب،وعليكم أنْ لا تنسون أنّ ما يُعرف بالأرهابيين الراديكاليين الأسلاميين هو نتاج الأنظمة المتسلطة التي كانت قائمة قبل تحولات عام 2011،و ما تلاها سميّ بالربيع العربي،هذه هي مرحلة الأنتقال الى الديمقراطية و لكنها تتعرض الى الأضطرابات وعلى اثر ذلك استطاع الأرهابيون تعزيز مواقعهم اكثر،ولكن في كل الأحوال يجب اتخاذ خطوات جادة دون العودة الى الأنظمة المتنفذة التي كانت قائمة قبل 2011.
* صعوبة عملية دمقرطة الأوضاع في مصر اصبحت واضحة جداً حيث أنّ الأخوان المسلمين فازوا بالأكثرية في الأنتخابات العامة،ولكن الحكم العسكري الذي تسلم السلطة مؤخراً اعتبر الأخوان منظمة ارهابية، وهذه اشارة الى أنّ اجراء الأنتخابات الحرة و العادلة صعبة للغاية، ألا هذه ليست دليلاًعلى العودة الى الحكم العسكري في مصر؟
- نحن متأكدون من أنّ الحكم العسكري قد عاد فعلاً في مصر،مع انني لا افضل ذلك،و اعتقد أنّه يجب تشكيل تحالف موسع من اجل اعادة تنظيم الأوضاع و تحقيق التغييرات و الديمقراطية،وفي الوقت ذاته ارى أنّ الحكومة العسكرية في مصر ترتكب خطأ عندما تقوم باقصاء الأخوان كلياًو تصفها بمنظمة ارهابية،ان هذا التعامل يشجّع الأخوان على المضي قدماً في اضفاء الشرعية على حكمهم بذريعة خاطئة وهي أنهم يقاتلون الأرهاب،ولكن لا يؤدي ذلك الى توفير فرصة التأقلم و دعوة الأخوان الى الساحة السياسية بشكل يسهّل عمليىة التوجه نحو الديمقراطية، ومع أنّ الحكم العسكري قد عاد فعلاَ الى مصر ولكنه يواجه بأستمرار العديد من المشكلات،ولكن في تونس فالأمر يختلف حيث انها تتجه الى الديمقراطية و استطاعت السيطرة على الكثير من الأزمات الداخلية، كما أنّ تركيا بالرغم من انها تعيش حالياً في ازمة ولكنها تمكنت هي الأخرى من اجتيازها،اذاً من الخطأ القول بأنّ هناك نهج للعودة الى الحكم العسكري الشمولي في الشرق الأوسط.
* تولي الولايات المتحدة الامريكية اهتمامها بالأمن و الأستقرار و لايهمها كثيراً عملية تطوير الديمقراطية،كما نراها الآن في العراق كيف انها تدعم الحكومة ضد الأرهاب و لكنها لا تساعد الشعب العراقي على بناء الديمقراطية،كما انها ساكتة عن جرائم النظام السوري ضد شعبه،هل بقي لأمريكا الأن النفوذ للسيطرة على الشرق الأوسط ؟
- انا لا أقول لم تبق لديها قوة أو نفوذ،لأننا نعرّف القوة في المسائل الدولية بالأمكانيات والأرادة،لدى امريكا امكانيات هائلة و لكنها لا تمتلك الأرادة الكبيرة،ولكن لو جمعت بين القوة و و الأرادة لأصبح لديها النفوذ في منطقة الشرق الأوسط،النفوذ الأمريكي أوقع تغييراً في ليبيا و ابعد القذافي عن السلطة،وعندما هددتْ سوريا بالضربة العسكرية فإنّ التهديد كان عاملاً من عوامل الكشف عن الأسلحة الكيميائية المخفية لدى النظام و اسراع الخطوات الى عقد جنيف2، وكذلك عندما قامت بالضغط على ايران ادى ذلك الى نتيجة جيدة،اذاً عندما تكون لدى أمريكا ستراتيجية واضحة و توحّد الأرادة و الأمكانيات،سوف تصبح لديها القوة و النفوذ،ولكن ستراتيجتها تتسم بالتناقض،ويعود قسم منها الى امريكا ذاتها والآخر الى التوتر القائم في الشرق الأوسط،وخاصة الحرب الداخلية في سوريا التي كشفت عن كل نقاط الضعف للمجتمع الدولي في محدودية نتائج التنقاض،ومن هذا المنطلق يمكن القول أنّ امريكا لديها نفوذ،ولكنه محدود،و هناك أمل في استخدام اتفوذه في التوسط من اجل تحقيق الأستقرار،أو على الأقل عدم تطور الأوضاع الى أكثر سوءاً.
*هل تعم موجة التغييرات الحاصلة في الشرق الأوسط الدول التي انظمتها ملكية .؟
- عدم حدوث التغييرات أو الأنتفاضات في الدول العربية التي انظمتها ملكية يعود جزء منه الى الشرعية التأريخية و الجزء الآخر الى الأستراتيجية المستخدمة في منع وقوعها،و لو نظرنا الى الكويت و الأردن و المغرب و قطر لوجدنا أن كلاً من الأردن و و المغرب و قطر قد اجرت بعض الأصلاحات السياسية،اذاً استطاعت بشكل من الأشكال تجاوز تغيرات الربيع العربي،حيث اجرت المغرب مباشرة بعد الربيع العربي استفتاء على دستور جديد للبلاد،صحيح أنّ الأنظمة الملكية لازالت قائمة بقوتها،لأن الملوك بيدهم السلطة التنفيذية وهي تناقض الديمقراطية،ولكن هذه الأصلاحات وفّرتْ لهم فرصاً اكبر للبقاء في سدة الحكم،لذا علينا الأنتظار لنرى الأردن و المغرب على وجه الخصوص و خاصة الدول الأخرى الى أي حد تستمر في اجراء اصلاحات،أو تقف في نقطة معينة لتُظهر وجهها التسلطي،والمؤشرات القائمة حالياً توضّح لنا بأن الأردن و المغرب و الكويت تحاول التظاهر بأنها ماضية في اجراء الأصلاحات.
*واجهت تركيا مؤخراً عدداً من المشكلات ، ألا تستطيع تركيا اجتيازها بنجاح،وهل أنْ لوجود الأزمة في تركيا تأثير على توازن القوى في المنطقة لأيجاد ارضية لأندلاع حرب باردة في الشرق الأوسط؟
- بدون شك، فإن تركيا تعاني الآن من أزمة كبيرة،و لكن علينا الأنتظار لما يحدث و ما يفعله اردوغان لأجتياز هذه الأزمة،انا لا أؤمن باندلاع حرب باردة في الشرق الأوسط، و كما نلاحظ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و الصين تختلف في ارائها حول العديد من المسائل،خاصة ما يتعلق منها بسوريا،ولكن في الحقيقة هناك مصالح مشتركة كثيرة بين تلك الأطراف،و ليس في مصلحة الولايات المتحدة و روسيا ان تواجه الشرق الأوسط عاصفة من النكسات و الأضطرابات،لأن امريكا و روسيا و الصين تتعرض الى التهديد الأرهابي الأسلاموي، فقد تعرضت روسيا الى التفجيرات بسبب الأرهاب الأسلاموي في القوقاز،اذاً فهي ترغب في أنْ تكون سوريا مستقرة،و هذه اصبحت دافعاً لأمريكا و روسيا لحل المشكلة السورية في جنيف2 و عن طريق الأتفاقية المتعلقة بالأسلحة الكيميائية و التعاون المشترك في المسألة الأيرانية.