كريكوري كوس ل(كولان): العلاقات بين حكومتي الأقليم و بغداد هي التي تحدّد مستقبل العراق
September 2, 2012
مقابلات خاصة
البروفسور كريكوري اتيف كوس باحث كبير في فرع معهد بروكينككز في العاصمة القطرية الدوحة،ولكنه لايقيم فيها الآن، وهو في الوقت ذاته متخصص في السياسة الداخلية والعلاقات الدولية لدول الخليج وسيما في الشؤون السعودية وهو يشغل منصب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة فيرمونت ويعتبر على الصعيد العالمي أحد اكبر المحللين و المراقبين السياسيين المعروفين في الشرق الأوسط و تتلقى بحوثه اهتمامات كبيرة من لدن الحكومة الأمريكية،وقد وجهت له كولان عدداَ من الأسئلة تتعلق بالوضع السياسي في الشرق الأوسط بصورة عامة و العراق على وجه الخصوص،وقد أجاب عنها مشكوراً:ترجمة/ بهاءالدين جلال
البروفسور كريكوري اتيف كوس باحث كبير في فرع معهد بروكينككز في العاصمة القطرية الدوحة،ولكنه لايقيم فيها الآن، وهو في الوقت ذاته متخصص في السياسة الداخلية والعلاقات الدولية لدول الخليج وسيما في الشؤون السعودية وهو يشغل منصب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة فيرمونت ويعتبر على الصعيد العالمي أحد اكبر المحللين و المراقبين السياسيين المعروفين في الشرق الأوسط و تتلقى بحوثه اهتمامات كبيرة من لدن الحكومة الأمريكية،وقد وجهت له كولان عدداَ من الأسئلة تتعلق بالوضع السياسي في الشرق الأوسط بصورة عامة و العراق على وجه الخصوص،وقد أجاب عنها مشكوراً:
*المشكلة الرئيسة للأنظمة السياسية العربية والأسلامية تكمن في انها ترغب في الوصول الى السلطة عبر صناديق الأنتخابات،ولكنها لاتستطيع توزيع السلطات،كما انها لاتؤمن بتداول السلطة ديمقراطياً، السؤال هو لماذا الثقافة الديمقراطية في الدول العربية والأسلامية تبدو ضعيفة؟
- اعتقد علينا أنْ لانفترض أنَّ الثقافة الديمقراطية هي قوية اوتوماتيكياً و نفسّر فقط اسباب غيابها، المسألة على عكس ذلك، فالأمور الصعبة تكمن في بناء ديمقراطية مستقرة، والبلدان التي نجحت في ذلك أنها قد مرت بخوض حروب دامية (الولايات المتحدة الأمريكية خير مثال على ذلك)،لقد نشبت حروب فكرية صعبة في معظم اوروبا مع ظهور ازمات سياسية كبيرة قبل ان تتمكن تلك الدول من تحقيق الديمقراطية المستقلة،و بصورة عامة فأنني لن اجد أي خصوصية في الشرق الأوسط او في العالم العربي والأسلامي،فيما يتعلق بالصعوبات التي تعرقل طريقها في بناء الديمقراطية المستقرة،وبالمقارنة فا‘نّ الكثير من تلك الدول تمتلك تأريخاً قصيراً كدول مستقلة،لذا فإنني اتوقع حدوث مشكلات في تثبيت وفرض الأنظمة الديمقراطية.
* العراق هو احدى الدول التي بذلتْ فيها جهود كبيرة للتحول الى دولة ديمقراطية،حتى أنّه تمت فيها كتابةَ دستورجيد بمساعدة المختصين الدوليين، ولكن الحكومة العراقية غير مستعدة الآن لتنفيذ دستوره،وهذا هو السبب في انها عاجزة عن توفير ابسط الخدمات للمواطنين،تُرى ما سبب هذه الأشكالية؟
- الدستور العراقي وعلى غرار غالبية الدول الأخرى وبينها امريكا هو دستور غامض حيال المشكلات المعينة،كتوازن القوة بين الحكومة المركزية و حكومة اقليم كوردستان و المحافظات،ففي التجربة الأمريكية ترجحت كفة الميزان والقوة بمرور الزمن لصالح الحكومة المركزية وليست لصالح حكومات الولايات،ولكن حدث ذلك بعد قرنين من تأريخ سياسي حافل بالحروب الداخلية،واعتقدعندما يعمل العراقيون على هذا الجانب ومثلما أقره الدستور فإنني اخشى حدوث ازمة سياسية وظهور مساومات وحتى من المحتمل أن يصل الأمر الى نشوب حروب اهلية (وكلي امل على أن لاتحدث).
* كان من المفروض أنْ يتحول العراق الآن الى صديق مقرب للغرب، الاّ انه اصبح احد حلفاء ايران والتي تعتبر عدواَ رئيساً للغرب وضد اصدقاء امريكا وبينها تركيا و السعودية و الدول الأخرى في المنطقة،كما انّ الحكومة العراقية في موقفها حيال سوريا تقف ضد مواقف المجتمع الدولي وتدعم بقاء بشار الأسد في الحكم،هل أنَ الحكومة العراقية لم تقف بمواقفها هذه،ضد التحولات التي تشهدها المنطقة؟
- ممالاشك فيه أنّ موقف االعراق ازاء سوريا هي تحت تأثير العلاقات القوية لحكومة العراق مع ايران وانَ تلك العلاقة سببها دعوة المالكي في المحافظة على موقعه في العراق وليست لها اي صلة بتوجهات العراق حيال المنطقة،ولكي يكون الدافع الرئيس لقادة العراق هو الصراع على السلطة في الداخل نجد أنّ السياسة الخارجية تُستخدم كوسيلة للحصول على الدعم والموارد لغرض استخدامها في الحروب الداخلية السياسية.
* بأعتبار أنّ العراق دولة متعددة القوميات ويُعرّف وفق الدستور كدولة اتحادية،ولكن بدلاَ من تُبذل الجهود من اجل اعادة بنائه على اساس دولة اتحادية (فدرالية) يتم الآن محاولة اعادته الى دولة مركزية،وهذا يعني افتعال حرب اهلية اخرى في العراق،بأعتقادكم الى أي حد سوف تؤثر الحرب الأهلية في تحول العراق الى دولة فاشلة؟
- اعتقد أنّ الأطراف العراقية تستطيع أنْ تنأى عن الأقتتال،وبالتأكيد فإنّ مسألة العلاقة بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان مهمة لتحديد مستقبل العراق،ومع أنّ عموم الأطراف تقبل بأعادة تنظيم العراق على اساس فدرالي ولكن المهم هو الصعوبة التي تعرقل توصّل الكل الى اتفاقية من اجل فهم معاني النظام الفدرالي،وبشكل حتمي فإنّ هذا الأمر لايتعدى الى حرب اهلية،ولكنه يمكن أنْ يترتب عليها لأنها مسألة مهمة،ولكن هناك احتمالاَ في اجراء مساومات بشأنها،وهذا الأحتمال في الوقت الحاضر غير وارد ولكن لايمكن التكهن بما سيحدث فيمابعد.
* الكورد في العراق استطاع ومنذ اكثر من عشرين عاماَ من ممارسة نوع من الديمقراطية،وبناء الأستقرار و الديمقراطية في جزء مهم من العراق ولكن نرى أنَّ الحكومةالعراقية هي التي تهدد هذا الجزء وتحاول زعزعة الأمن فيه،هل أنّ زعزعة الأستقرار في المناطق الكوردية لاتهدد مستقبل العراق؟
- اعتقد أنّ عدم الأستقرار في أي جزء من العراق يشكّل تهديداَ لمستقبل البلد،ولكن مسألة العلاقات بين الأقليم وبغداد تعتبر أهم مسألة لمستقبل دستور العراق،أنا لاأدّعو الى ماسوف يحدث مستقبلاَ.
* الجانب الآخر الذي يجلب الأنتباه في الدول العربية و الأسلامية هو نجاح الأحزاب الأسلامية في الوصول الى السلطة عبرصناديق الأقتراع،والأهم من ذلك هو أنّ تلك الأحزاب الأسلامية ليست وليدة عملية ديمقراطية، بل أنها كانت ضحايا اضطهاد من قبل الأنظمة الشمولية السابقة،لذا نجدها عند وصولها الى سدة الحكم فأنها تتصرف على نفس المنوال ، السؤال هوكيف يمكن تهيئة ارضية لبناء الديمقراطية في ظل هذه الأوضاع؟
- اعتقد أنّ الأحزاب الأسلامية الآن تحقق نتائج ايجابية في العالم العربي،لآنها تملك رسالة تلفت بها انتباه الناخبين و لها بناء تنظيمي يؤهلها للحصول على الدعم اللازم،وفي بعض الأحيان فهي تتقدم على المجاميع السياسية الأخرى،ولكن لايمكن أنْ تدوم هذه الحالة الى ما لانهاية ،فالأيديولوجية الأسلامية شأنها شأن الأيديولوجيات الأخرى تتصف بالدعم الجماهيري المختلف، ولايمكن لأي دولة عربية تحقيق الديمقراطية مالم تسمح بمشاركة الأسلاميين في الأنتخابات،ولكن شريطة أن يكونوا ملتزمين بالتعليمات والضوابط وهذا مايمكن ملاحظته الآن.