البروفيسور احسان بال في مركز يوساك ل(كولان): زيارة داود اوغلو الى الأقليم ولقائه الرئيس البارزاني حدث مهم، وإنّ تركيا و اقليم كوردستان تتجهان نحو بناء تحالف ستراتيجي
August 11, 2012
مقابلات خاصة
البروفسور الدكتور احسان بال، كبير الباحثين في معهد يوساك(USAK) الستراتيجي وهو أحد أبرز الباحثين و الكُتاب في تركيا و المتخصص في المسائل الأمنية و الأرهابية ، وهو يواصل نشر كتاباته في صحيفة توركيش جورنال و الصحف الأخرى،وبشأن الزيارة الأخيرة للسيد احمد داود أوغلو الى اقليم كوردستان و اجتماعه مع الرئيس البارزاني، وجهت اليه (كولان) عدداَ من الأسئلة وقد أجاب عنها بما يأتي:
* زيارة وزير الخارجية التركي السيد احمد داود أوغلو الى اقليم كوردستان دليل على حسن علاقة الصداقة بين الجانبين، ماهي قراءتكم لهذه الزيارة؟
- من خلال تحسن العلاقات بين تركيا و اقليم كوردستان عبر خمس أو ست سنوات المنصرمة نستطيع وصفها بأنها تدخل ضمن شراكة و تعاون مشترك بين الجانبين،كما يمكن قراءتها مستقبلاً بأنها تشكل تحالفاً كبيراً للتعاون المتبادل على الصعيد الأقليمي و المحافظة على مصالح الجانبين، هذا جانب من الزيارة ، الجانب الآخر يكمن في أنَ السيدين البارزاني و اوغلو ينظران الى الأوضاع في سوريا من منظور موحد أو لديهما تفهم مشترك لها،كما انهما يتطلعان الى سقوط النظام و ليلعب الشعب السوري دوراَ اكبر في بناء بلدهم الجديد،كما أنّ هذه الزيارة بنظر الكورد في العراق و بنظر البارزاني تشكل جانباَ مهماَ من تعزيز اواصر العلاقات مع تركيا على الصعيد الدبلوماسي لربطها مع الغرب،وهذه الخطوة تخدم مصالح الطرفين على الصعيدين المحلي و الأقليمي و كذلك العالمي،لأنّ لدى الجانبين تفهماً مشتركاَ فيما يتعلق ببعض المسائل و كيفية تعاطيها،وفي كل تلك المناحي، فإنّ زيارة السيد اوغلو الى الرئيس البارزاني تعتبر مهمة و أتمنى أنْ يكون لديهما وجهات نظر مشتركة حول سوريا و العراق و تركيا،و اعتقد أنّ هذا هو الأهم في الموضوع.
* يعتبر موقع سوريا مهماً بالنسبة الى كل من تركيا و اقليم كوردستان حتى يتحول هذا البلد الى بلد ديمقراطي بعد سقوط النظام الحالي،ولكن هناك مخاوف من أنْ تنجر سوريا بعد سقوط الأسد الى حرب أهلية ، السؤال هو :كيف يمكن الأستعداد للمحافظة على استقرار سوريا بعد السقوط وهل أنّ تركيا قلقة من ذلك؟
- إنّ تركيا قلقة للغاية من أنْ تتجه الأوضاع في سوريا نحو الأسوء خاصة بعد سقوط النظام و اندلاع الحرب الأهلية وازدياد اعمال العنف وظهور التقسيم في جسد البلد وفي هذه الحالة سوف تتطور الأمور وتتعقد أكثر حيث تؤثر سلباَ على أوضاع المنطقة برمتها وكذلك على الكورد و الترك و العرب و عموم القوميات و الأطراف،أي لاتدخل في مصلحة أي طرف ،قد تكون هذه الظروف تليق ببعض القوى التي تتفرج على الوضع من بعيد ، ولكن بالنسبة الى دول الجوار ،تركيا و العراق و الكورد في كوردستان العراق، لو حدثت الكارثة في سوريا وتحولت االى دولة هزيلة فأنّ مصالح الجميع تتعرض الى التهديد و المخاطر، ولهذا السبب تحاول تركيا ايجاد حليف في المنطقة للعمل معها من اجل تحقيق سوريا خالية من العنف و تتمتع بالأستقرار بعد هذه الأوضاع مستقبلاً وتتمتع بالتعايش بين جميع المكونات من الكورد و المسيحيين و المسلمين،و يجب أنْ تلعب كل المكونات العرقية والدينية المختلفة دورها بالتساوي في بناء مستقبل سوريا،لآنَّ الهم الوحيد لدى تركيا هو أنْ لاتحدث حرب أهلية طويلة المدى في سوريا لأنّ ذلك سوف لن يثير قلق لدى تركيا فحسب بل أنّ المنطقة كلها سوف تواجه القلق ذاته،ومن هذا المنطلق تسعى تركيا بأستمرارالى العمل و التنسيق مع اقليم كوردستان العراق و العالم العربي و دول الجوار،و لوتمكننا جميعاَ وعن طريق عملنا المشترك أنْ نحقق سورياً تنعم بالسلام فإنّ أبناء شعبها سوف يلعب دورهم الكبير في بناء مستقبل بلدهم،نحن في تركيا نقاسم الرئيس البارزاني التفهم المشترك أي نؤمن بأن تكون لكل المواطنين السوريين حصتهم في بلدهم ولكن يجب أن لايتطلع أحد الى التقسيم والأستقطاب عندها سوف نعلن موقفنا ازاءها..
* نحن نعلم أنّ موقفي البارزاني وتركيا مشترك حيال الأوضاع في سوريا،من جانب آخر فإنّ كل من العراق وايران لديهما موقف موحد في دعم نظام الأسد، انّ هذا الأختلاف في المواقف جعلت الحكومة العرااقية تمارس الضغط على اقليم كوردستان،حيث هناك توتر في العلاقات بين المالكي واقليم كوردستان وكاد أنْ يصل مؤخراَ الى صدام عسكري بين الجانبين،كما أنّ بغداد زادت من ضغطها عندما أراد السيد اوغلو زيارة اقليم كوردستان،السؤال هو:لوهددت الحكومة العراقية اقليم كوردستان كيف تتعامل تركيا مع هذا الأمروما مدى اهمية استقرار امن الأقليم بالنسبة الى تركيا؟
- تركيا قلقة بشأن تداعيات الأوضاع السورية على العراق بصورة عامة وعلى اقليم كوردستان خصوصاً،لدينا الكثير من الدلائل بسبب وجود الأستثمار في اقليم كوردستان والتعاون بين الجانبين،وكذلك على الصعيدين الدبلوماسي و الدولي،حيث لهما توجه وتفهم مشترك بشأن القضايا الأقليمية، ولكن للأسف فإنّ ايران و حكومة المالكي تزعزعان الأستقرار في المنطقة و تدعمان نظام الأسد،في حين كل العالم على علم بأنّ نظام الأسد آيل على السقوط بغض النظر عن مواقف الكورد والأتراك فإنّ هذا النظام سوف يرحل،وقد اعلنت تركيا علناَ هذا الأمر مراراَ،ومع كل الأسف فإنّ ايران تعتقد لو سقط نظام الأسد و دخل الكورد و الأتراك دمشق أو سيطر عرب السنة على الموقف فيها،فإنها تعتبر نفسها خاسرة،لأنها تسعى بكل ما لديها من قوة لزعزعة الأوضاع ومن اجل أنْ يبقى الأسد في الحكم، السيناريو الآخر هو،تقسيم سوريا بعد سقوط سلطة الأسد ، وهذا هو عامل الخوف لدى البعض بأعتباره قد يؤدي الى تدهور الأوضاع في المنطقة،لذا فإنّ تحالف الكورد مع الأتراك هو بحد ذاته ذات اهمية لأنني اعتقد أنّ البارزاني و تركيا لديهما مصالح مشتركة و يتجهان يوماً بعد يوم نحو بناء تحالف متين، واذا ما اقدمت بغداد مستقبلاً على ممارسة المزيد من الضغط على اقليم كوردستان فأنّ تركيا سوف تتقرب من اربيل اكثر دون ايلاء أي اهتمام ببغداد،ولكن اعتقد أنه يجب على تركيا مراعاة المسائل الدولية عند التعامل مع الحكومة الكوردية في (شمال) العراق، كما انني مطلع على مسألة وجود عقود نفطية مع اقليم كوردستان و حتى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية اعلنت مراراَ أنّ على تركيا مراعاة الدستور العراقي،وبأعتقادي أنّ كلاَ من تركيا و اقليم كوردستان مصممتان على تعزيز تعاونهما و رفع مستوى علاقاتهما،ولكن أود أنْ اذكر هنا أنّ العراق ليس محايداَ في تعاملاته و لايملك أى توجه بشأن مواطنيه، مواطني اقليم كوردستان العراق ، التركمان و العرب السنة..الخ،بل أنه يذعن اكثر الى ايران و ينفذ ما يأتيه من ايران وهذا ليس دليلاً على تطور مستقبل العراق، كما أنّ تركيا تقرأ هذه التطورات بأمعان ودقة ،ولكن المسألة المستعصية والتي تؤثر على العلاقات بين تركيا و اقليم كوردستان وعلى جميع الأصعدة هي قضية pkk حزب العمال الكوردستاني، واذا ما تم حل هذه المشكلة فأنّ تلك العلاقات سوف تتعزز اكثرمستقبلاً،ويمكن أنْ تصل في المستقبل الى مستوى الشراكة الستراتيجية حول المشكلات و المسائل الأقليمية، هذه هي قراءتي للأوضاع في الوقت الحاضر.
* ماهي كلمتكم الأخيرة؟
- لقد اعلنّا مراراَ في تركيا أنّ الكورد لم ولن يكونوا اعداء للأتراك،ومن منطلق هذه القناعة فإنهم حلفاء طبيعيين لنا،احياناَ نواجه معوقات صغيرة ولكننا نزيد في حجمها وأحد المعوقات تلك هو قضية الأرهاب،النجاح في التعاطي مع هذه النقطة مهم جداً ولكن من غير حدوث خطاَ في التعامل،و فيما يتعلق ببغداد و طهران ودمشق و العاالم العربي اعتقد أنَ وجهات نظرنا ازاء العديد من المسائل و القضايا متطابقة مائة في المائة، ومن هذا المنطلق استطيع القول أنّ التحالف التأريخي و بعد قرن من العمل المشترك قد توحد مع التحالف الطبيعي واعتقد أنّ الشعبين السوري و االعراقي سوف يستفيدان من هذه التطورات مستقبلاً.كونهما يتطلعان الى تحقيق الديمقراطية وسيادة القانون والتنمية الأقتصادية،وليس من الشرط أنْ يؤدي نجاح جهة الى الأضرار بالجهة الأخرى،بل بأمكان الجميع احراز التقدم و النجاح، هذه هي وجهات نظري ازاء تلك المسائل.